المحتوى الرئيسى

خالد صلاح ..حين يرشد الحج و العمرة !

10/14 15:25

اقرأ أيضا: يوسف الحسيني ..والأقلية ( الإسلامية ) في مصر ! بيريز ...رفع أحد أعداء الحياة ! من (موت محقق) ..إلى (موت محتمل) ! .. أمريكا ..ما زالت طليعة الانحطاط ! جريمة جروزني ..تأصيل شرعي أم لعبة سياسية ؟!

يمكن للإنسان في مصر أن يستلقي على ظهره من الضحك _ و هو على أية حال ( ضحك البكاء ) كما يقول ( المتنبي ) ! _ فلا مجال في المحنة المصرية الراهنة القاصمة لظهورنا جميعا ً  للضحك أو محاولات التلطيف و التخفيف , أقول يمكن للإنسان أن يضحك _ اغتصابا ً ! _ حين يتابع المحاولات المستميتة الهستيرية , التي تقوم بها صحيفة ( اليوم السابع ) تحديدا ً , منذ الأمس , لإعادة تجميل المرحلة ب ( الماكياج ) البدائي غير الاحترافي , و تخفيف التداعيات الكارثية الرهيبة لحديث ( سائق التوك توك ) المجهول , في ( فيديو / قنبلة ) , لم يحسب له أحد حسابا ً من مؤيدي المرحلة أو معارضيها على السواء ! ثلاث دقائق مفعمة بالوجع و البلاغة الحية , دخلت ب ( حرقتها ) الصادقة إلى كل زقاق , و استوطنت كل بيت , و حصدت في ساعات ما يقارب خمسة ملايين من المتابعين ! و صدرت للجوقة الإعلامية في مدينة الإنتاج الإعلامي , أكثر أزماتها , عمقا ً و إحراجا ً !

 داست ( اليوم السابع ) فوق كل منطق , و ركلت بتبلد كل ممارسة مهنية رصينة أو جادة , و صدرت قبل ساعات موقعها بهذا العنوان المفرط في سذاجته : ( نشطاء يسخرون من سائق التوك توك ..) ! و فضلت ( اليوم السابع ) _ في سياستها التحريرية ذات الطابع الانتحاري تقريبا ً ! _ أن تتعامى بقصد مكشوف عن حجم الدعم الشعبي الهائل على صفحات الفيس للسائق الفصيح , الذي ترجم الوجع المصري الطافح ببلاغة طليقة و دون تلعثم  , أو لنقل _ بعبارة أخرى _ فضلت أن تحجب قرص الشمس بالكف الصغيرة بدلا ً من الاعتراف بواقع ( النهار ) الماثل بوضوح أمام العيون ! و مضت الصحيفة _ بإلهامات قائدها الكاتب الصحفي : ( خالد صلاح ) و استراتيجيته _ في طريق الاستخفاف بالسائق , خريج معهد ( التوك توك ) _ كما يقول ! _ فأكدت أن ( السائق المتفاصح ) تجاهل , فيما ترى الصحيفة , ( ..المشروعات العملاقة و التنمية العمرانية ..) ! ( يا للجريمة الشنعاء ! ) و مضت الصحيفة ترص في الخبر المصنوع على عجل كعوامة إنقاذ سريع , حشدا ً بمنجزات المرحلة , و من بينها ( علاج فيروس سي ) و ( المحطة النووية ) ! و كانت أكثر المشروعات الإنمائية التي حشت بها الخبر السريع / المتوتر , من قبيل ( النية المستقبلية بمشروع ) , لا بمشروع ميداني  حقيقي نلمسه بأيدينا و نتابعه بأعيننا , و لكن ( اليوم السابع ) , فضلت مجددا ً _ في رهان الانتحار المهني _  شأنها في ذلك شأن معظم الوسائل الإعلامية المصرية , أن تراهن على إغلاق ( العيون ) و ( الأسماع ) و الحيلولة بينها و بين ( الرؤية ) و ( السمع ) بأي ثمن ! و زادت الصحيفة الطين بلة , فمضت ترص , أسفل الخبر , حشدا ً من التعليقات شديدة السذاجة لقراء ( وهميين ) أو ( حقيقيين ) يؤيدون المرحلة بلا تحفظ و يوسعون السائق ( البليغ ) شتما ً و غمزا ً ! و لا مجال في تعليقات القراء , بطبيعة الحال , لأي تعليق مؤيد للسائق أو متعاطف معه ! و كان يمكن لممارسة الصحيفة في الخبر أو في سياستها التحريرية منذ 3 / 7 عموما ً , أن تنجح في حالة وحيدة , هي أن يصاب جميع المصريين ب ( العمى ) و ( الصمم ) في وقت واحد , و أن يودعوا عقولهم في الثلاجة إلى حين , و أن يديروا ظهورهم تماما ً لواقع كابوسي , طافح بالإخفاقات المركبة , سياسيا ً و اقتصاديا ً  يرتطمون به كل لحظة !

 لم تكن الأزمة هنا _ في جوهرها _ أزمة صحيفة أدارت ظهرها لأية تقاليد مهنية , و فضلت أن تلبد في جراب الأنظمة , بتشغيل ماكينة التبرير و التجميل و التغييب _ طول الوقت _ حتى و إن بدا عملها عبثيا ً بلا جدوى , يمكن أن يهيل عليه التراب ( سائق توك توك )  _ بمفرده _ بقليل من الوعي و ترتيب مفردات المشهد الدرامي في مصر , و لكن الأزمة بدت , في واقع الحال , أزمة إعلامي اسمه ( خالد صلاح ) صبغ رسالته الإعلامية , عبر مراحل سياسية مختلفة , بعشرات الألوان و الأصباغ , مراهنا ً فيما يبدو على فضيلة النسيان ! ثم ذيل رحلته الإعلامية , التي بدأت عام 1993 , بمطالبتنا قبل أيام ب ( ترشيد الحج و العمرة ) , و التوقف عن الذهاب إلى الأمكنة المقدسة في ( مكة ) و ( المدينة ) لتوفير ستة مليارات جنيه _في الظاهر _ و ل ( إلحاق العقوبة ) بالمملكة العربية السعودية في حقيقة الأمر في لعبة مساومات قائمة على ( الكر و الفر ) أو ( المنح و المنع ) !

 كان مطلوبا ً إذن في الإطار الوطني الجديد المفترض الذي يرعاه ( خالد صلاح )  , أن نلحق بشعيرة ( الحج و العمرة ) , شللا ً مؤقتا ً , حتى نتبين الموقف السعودي الجديد _ بعد تصعيد الضغوط الإعلامية ! _ ثم نتحرك مع اتجاهات الريح الجديدة , فإن عدلت السعودية مواقفها و أعادت ضخ النفط , أعدنا بدورنا الحج و العمرة , بعد أن تعلن شركة ( أرامكو ) توبتها النصوح عن خطيئتها بتعطيل النفط , و إن أصرت ( السعودية ) على مواقفها و تشبثت ( أرامكو ) بمسلكها , وسعنا دائرة الحملة , و تلاعبنا بالشعيرة _ ككرة المضرب ! _ حتى تلين ( الرياض ) ! إن لم تكن هذه الممارسات ( تحقيرا ً ) للشعائر , التي أمر الله ب ( تعظيمها ) , و تلاعبا ً خسيسا ً بها في بورصة السياسة , فبم نسمي ذلك ؟! و ما هو المصطلح المناسب لهذا الفعل ( التعبوي ) المسموم , الذي يمارسه ( خالد صلاح ) و صحيفته ؟! و لماذا لا يمضي ( خالد صلاح ) _ في حملته الوطنية ! _ فيدعو المصريين إلى إعادة القبلة ( بالمرة ! ! ) إلى ( بيت المقدس ) بعد تحويلها إلى ( مكة ) في العهد النبوي , لتتكامل الضغوط على السعودية و يصبح الحصار أكثر إحكاما ً ؟! و أي هراء منفلت هذا الذي  يباشره ( خالد صلاح ) من خلال أستوديوهات ( النهار ) أو صحيفة ( اليوم السابع ) ؟!

عندما نحج أو نعتمر , فإن هذا من شأنه _ فيما أراد المشرع الإسلامي _ أن نرفع منسوب النضال و نكرس الولاء الإسلامي المتجذر في الوجدان , و هو ما يوضحه مسلك الرجل الذي شكا للنبي ( صلى الله عليه و سلم ) : ( ..إني جبان و و إني ضعيف ) , فقال له رسول الله : ( هلم إلى جهاد لا شوكة فيه : الحج ) ( حديث الطبراني ) و تعطيل الشعيرة , أيا ً ما كانت الذرائع , يعني تعطيل ( الحس الولائي و النضالي ) المفترض بهذا الاعتبار . و لكن ( خالد صلاح ) عضو معهد ( سالزبورج ) في النمسا , لا يرى _ فيما يبدو _ بأسا ً في تعطيل الشعائر و استثمارها و التلاعب بالحالة الولائية / الوجدانية المتكرسة في الوعي الشعبي , ليفيد من ذلك كله في معالجة _ أو تكييف _ خط الأزمة الكبيرة ( غير المسبوقة ) بين ( القاهرة ) و ( الرياض ) ! و هذه الأزمة الحاسمة المنوه بها لم تكشف فقط عن عمق التغيرات التي تطرق أبواب المنطقة في إطار ( سايكس / بيكو ) الجديدة , و إنما تكشف _ في الإطار الفردي الضيق _  عن آليات ( خالد صلاح ) و طريقته , في القفزالسريع  بين المواقع , حين تتغير الرياح السياسية , و يتبدل اللاعبون !  فنحن بإزاء إجادة بارعة تستوجب الإشادة للعبة الكراسي الموسيقية !

 و نسي ( خالد صلاح ) _ فيما يبدو _ أن من أخطاء مرحلة الإخوان , كما قال مرارا ً في مقالاته تحت عنوان : ( يوم ..و يوم ) , أنهم خلطوا ( الدين ) ب ( السياسة ) , فبماذا نسمي حملته الأحدث ل ( ترشيد الحج و العمرة ) , كرد عقوبي على الرياض , أليس ذلك خلطا ً مكشوفا ً ل ( الدين ) ب ( السياسة ) ؟! أم تراه شيئا ً آخر لا نعرفه ؟! الحج و العمرة يعنيان الانقياد لأمر الله  _ فيما نفهم _  و لا علاقة لذلك بأعاصير السياسة الهوجاء !

 بدأ ( خالد صلاح ) ( 1969 _ ..) ابن الدقهلية , رحلته الصحفية عام 1993 , في أعقاب تخرجه في قسم الصحافة و الإعلام بجامعة القاهرة , فاستهل رحلته بالعمل في صحيفة ( العربي ) المصرية , وصولا ً إلى انخراطه في مركز الأهرام للدراسات السياسية و الاستراتيجية , باحثا ً سياسيا ً . ثم رئيسا ً لقسم السياسة ب ( الأهرام العربي ) , قبل أن تبدأ رحلته الإعلامية مع الفضائيات عام 2002 مع قنوات ( المحور) و ( أون . تي . في ) و ( النهار ) وصولا ً إلى برنامجه الأحدث ( آخر النهار ) , و استطاع الرجل ببراعة أن يتكيف _ دون خسائر ثقيلة _ مع مراحل و أنظمة , بينها ما بين ( مبارك ) و ( مرسي ) و ( السيسي ) من التفاوت و التباين الشديدين . و ربما عرضت في رحلته بعض التحديات و الأزمات المعطلة , أبرزها تجربة الاعتقال عام 1987 , و هي التجربة التي لم ير خلالها الأسفلت مدة ثلاث سنوات ! و بدلا ً من أن يتخذ من هذه المحنة رصيدا ً لينحاز للحريات المدنية بصلابة , زودته الأزمة فيما يبدو بحس أمني صارم يتحسب دائما ً لحسابات القوة و اتجاهات الريح ! فقد سمعته مثلا ً يقول في أحدث حصصه الإعلامية , تعقيبا ً على ثورة 25 يناير : ( .. شعوب كتير غلطت زينا , و آدينا غلطنا و دقنا الكاس ! ..) و إذا كان ( خالد صلاح ) يرى 25 يناير ( غلطة ) تجرعنا معها مرارة الكأس , فأين هذا من ( خالد صلاح ) _ في وصلاته الإعلامية المطولة  عام 2011 ! _ و هي الوصلات التي هاجم من خلالها ( المجلس العسكري ) , لكسب ود ميدان التحرير المشتعل _ آنذاك ! _ بعد تنحية ( مبارك ) , حيث قال بإزاء الجموع الثائرة المالكة للقوة و المتحكمة في مسار الأحداث في ذلك الوقت ,  في مبارك و المجلس العسكري و الحزب الوطني ما قاله مالك في الخمر , و الفيديوهات و المادة الإعلامية مازالت ماثلة لم تنطمس أو تمسح بعد !

 و لا جدال أن من أخطر الأزمات التي واجهت ( خالد صلاح ) أزمة التسريب الصوتي الشهير له مع ( عمرو ) , و هي المحطة التي علمته أن للخصوم من داخل أجنحة السلطة قوة لا قبل له بها , حيث ندت عنه في التسريب الصوتي عبارات كثيرة , تكشف بوضوح عن طريقته الزئبقية في ملاينة الأنظمة السياسية المتباينة , و التقافز الرشيق بين المواقع و المواقف _ حتى و إن كانت متناقضة ! _ و من بين عباراته الدالة في التسريب الصوتي قوله : ( ..كل شوية أضرب و ألاقي ..) ! و قوله : ( .. أدوني فرصة , أنا مع النظام ..) !! و ما زال ( خالد صلاح ) _ حتى الآن _ ( يضرب و يلاقي ) و مازالت ممارساته الصحفية و الإعلامية ( مع النظام ) ( أي نظام !! )

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل