المحتوى الرئيسى

رحلة العثور على «كيس سكر» | المصري اليوم

10/13 22:48

على مدار الأيام الماضية، تفاقمت أزمة السُكر فى منافذ البيع بالمحافظات، سواء فى المتاجِر الخاصة أو السلاسل التجارية الكُبرى، أو المُجمعات الاستهلاكية، وتمثلت الأزمة فى قلة عدد المعروض من أكياس السُكر، مع تزايُد الطلب، وبخاصّة عند ملاحظة الجمهور لبوادِر شُح المعروض، مُبادرين تجاه تخزين كميّات زائدة عن الحاجة تحسباً لاختفاء السلعة الحيوية. «المصرى اليوم» قامت برِحلة استمرت ثلاث ساعات للحُصول على كيلو واحِد من السُكر، متداخِلة مع الهستيريا الجماهيرية إزاء الأزمة.

بدأت الرِحلة من مجمع الفلكى الاستهلاكى. خِلاف منافِذ توزيع السلع التموينية لحاملى البطاقات، توفِر المُجمعات الاستهلاكية السلع الغذائية لحاملى البطاقات والتوزيع الحُر على حدّ سواء. لدى الساعة الواحِدة ظهرًا، بلغ الإقبال على مُجمّع الفلكى الذروة، إذ يتزامَن مع موعِد خُروج ربّات البيوت العامِلات. وعلى هامِش النشاط الشرائى الدائر، سؤال مُحدد يتردد مع كل دالِف إلى المُجمّع «فى سُكر؟!»، يُجيب عنه الأستاذ هانى، مسؤول المُجمّع بميكانيكية من يجيب نفس الجواب من ثلاثة أيام بصفة مُستمِرة «لا والله».

يُبرِز الأستاذ هانى إذن صرف آخر طلبيّة سُكَر وصلت للمُجمّع الاستهلاكى، لإنعاش ذاكِرته بشأن طول مدة آخر اختفاء، الثامِن من أكتوبر «بقالى تلات أيام بقول معنديش سُكر». يضطلع مُجمّع الفلكى الاستهلاكى بمهمة توفير السُكر لسُكان المنطقة، فضلاً عن سبع وزارات بمنطقة قصر العينى، أفنوا الطلبيّة المُوزّعة فى الثامن من أكتوبَر فى يومها. يُحدد مسؤول المنفذ الاستهلاكى حجم المطلوب توفيره أسبوعيًا بخمسة أطنان من السُكر فى منفذ الفلكى وحده، فى غير وقت الأزمة، فيما تسترعى إدارة الأزمات المُماثِلة، حسب هانى، توفير كميات أكبر من السلعة المُختفية؛ لوأد التوتُر الشعبى. وعن استراتيجيته كمسؤول منفذ استهلاكى فى إدارة ما يوزّع عليه من وزارة التموين فى وقت الأزمة، يُعطى هانى الأولوية لحاملى البطاقات التموينية ليوفِر لهم السلعة، فيما يؤكِد أنه فى الأحوال العادية، توزّع وزارة التموين كميات من السُكر لحاملى البطاقات، مُقابِل كميّات أخرى للتوزيع الحُر، بنفس السعر (خمسة جنيهات). فيما يأتى تاليًا فى استراتيجية الرجُل محاولة إثناء المُشترين المُستحقين للسلعة المدعومة حكوميًا عن التبضُع بكميات كبيرة بغرض التخزين «بقول للناس 2 كيلو بس أو تلاتة بالكتير»

على النقيض من الزحام داخِل المُجمّع الاستهلاكى بمنطقة قصر العينى، تنعم بقالة «على عبدالعال» بمزيد هدوء لا تقطعه سوى أسئلة المارة الذين رُبما لا يمتلكون نوايا جديّة فى التبضُع، بقدر رغبتهم فى استطلاع حجم أزمة السُكر. يتحدث على عبدالعال، موجه أول لغة فرنسيّة، ومالك البقالة، بلسان عُموم تُجار التجزئة فى أزمة السُكر فيقول «تفتيش التموين ما ينفعش يحاسبنى على سعر السُكر، وإنما يحاسِب تاجر الجُملة اللى بيدينى الكيلو بتمانية ونُص ويقوللى منك للزبون وانت وشطارتَك». يُعلل علىّ إحجام تُجار التجزئة عن المُتاجرة فى السُكر منذ بروز الأزمة «مابشتغلش فى السُكر من شهرين»، بمحاولته تجنُب حملات التموين التفتيشية لضبط الأسعار، والتى يعتبرها تستهدِف مواقِع مغلوطة لضبط الأسعار، فيما يُعد تُجار الجُملة، فى نظره، هم المسؤولين عن الأسعار المخالفة للتسعيرة، ويدُلل على ذلك بعزوفهم عن توثيق المعاملات الشرائية الخاصّة بهم بفواتير رسميّة من شأنها أن تضعهم تحت طائلة القانون.

حُسام محمد، مُدير مقهى شعبى فى مُحيط سوق الإثنين يؤرِخ لتعذُّر تحصُّل مقهاه على السُكر بصفة اعتيادية «من أسبوعين تقريبًا». يشير حُسام إلى رف السُكر الذى يحتوى على «باكتة سُكر» وحيدة، يعتبرها حُسام مخزونًا حرِجًا من السُكَر، حيث يطلُب المقهى أسبوعيًا 40 كيلو سُكر فأكثر، الأمر الذى يجعله حريصًا دائمًا على تأمين مخزونه من السُكر من عدد من تُجار الجُملة. منذ بداية الأزمة، يتعذّر على حُسام تأمين احتياجاته من السُكر بنفس الكيفية والكمية «بجيب بالعشرة والخمسة كيلو من المحلات العادية يوميًا بحاول أمشى حالى بيهم»، يؤكِد حُسام على شُح المتوفِر من السُكر فى السوق بمغامرته اليومية فى تبضُّع بضعة أكياس من السُكر، فيما لا يعتقد أنما سيلجأ لرفع أسعار المشروبات «بدعى ربنا بس مع كُل زبون بيدخُل يكون سُكره خفيف».

يُرشِح المارة أحد منافَذ إحدى السلاسِل التجارية الشهيرة فى مُحيط السيدة زينب كالمتجَر الوحيد الذى صمَد مخزونه من السُكر وظل متوفِرًا حتى ليلة الخميس، يُدلل أحد حُراس العقارات على توفُر السُكر فى السلسلة الشهيرة بزحام يُرى على مدى النظر أمام متجر السلسلة الشهيرة «بقالنا أسبوع بنعرَف السُكر فين من الزحمة حوالين المحلات اللى بتوفره»، اعتاد الرجُل أن يدِل المُتسائلين عن السُكر فى الجيرة بهذه الحيلة على مدار أسبوع هو عُمر الأزمة فى منطقة السيدة زينب. فى المتجر الشهير، يضطلع أحد العُمال بإخبار الداخلين أنه لا يوجَد سُكر فى الفرع، ليوفِر عليهم عناء البحث عليه على الرفوف، فيما احتلّت الرفوف والمساحة المخصصة لتشغلها أكياس السُكر عادةً بشكائر وأكياس من الأرز الذى يوفِره الفرع بخصمٍ خاص، فيما تعلو المساحة لافتة تفيد بأنها كانت محجوزة سابقًا للسُكر.

مدام بيلّا، أم خمسينيّة، تتقاطَع رحلتها للبحث عن كيس سُكر، مع رحلة «المصرى اليوم»، تُرشِح محمصة البُن للعثور على كيس سُكر، حيث اعتاد صاحِب المحمصة ادخار بضعة أكياس من السُكر على رفوف محمصته لاسترزاق غير مُنظَم. وعلى ذلك، بوصول بيلا إليه، كانت أكياسُه المحدودة قد نفدت بدورها. فى الطريق من محمصة البُن إلى أحد المحال التجارِية الكُبرى بمنطقة السيدة زينَب تُجزِم بيلّا بتوافر السُكر فى مخازِنه، تُشرح حيل ربّات المنازِل المصريّات فى التكيُف مع الأزمات المُماثِلة «كُل ما بلاقى سلعة حيوية موجودة فى السوق بسعرها العادى، وأنا معايا فلوس، بشيل منها كيس ولا اتنين»، تشى بيلا بدوافِع سلوك تخزين السلع «أنا معنديش بطاقة تموين»، الأمر الذى يجعل الأولوية التالية للمُجمّعات الاستهلاكية بعد حاملى البطاقات التموينيّة، بخاصة فى أوقات الأزمات. فى منفذ الأمن الغذائى يعتذِر مُدير المحلّ من بيلّا «للأسف والله مفيش سُكر»، لتنتهى رحلة بحثها عند هذا الحدّ، بعدما تأكدت بخبرة ربة منزِل مخضرمة أن السوق لن تبيعها ملعقة سُكر اليوم، على حد تعبيرها.

فى زُقاقٍ موازٍ لحارة السقايين بسوق الإثنين، يوجد منفَذ توفير السلع التموينيّة لحاملى بطاقات التموين. تختلف هذه المنافِذ عن المجمّعات الاستهلاكية، حيث يتاح للمجمعات الاستهلاكية بيع السلع لحاملى البطاقات، فضلاً عن التوزيع الحُر. يرشِح أحد العطارين بمنطقة «الناصريّة» منافِذ التموين لشراء كيس سُكر «لو لقيتِ عنده سُكر، اشتريه منه بأى سِعر من غير بطاقة»، فى إشارة لبوادِر سوق سوداء للسُكر على هامِش الأزمة. يعتذِر محمد خليفة، مدير منفذ السلع التموينية من مُحررة «المصرى اليوم» حيث لا تحمِل بطاقة تموين، فيما يوفِر لكُل زبون من زبائنه من حاملى البطاقات من ثلاثة لخمسة أكياس من السُكر كمتوسِط حسب الطلب.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل