إذا لم يأكل الشعب ولم ينم.. هل تصبح مصر "أد الدنيا"؟

يومًا، وقف الرئيس عبد الفتاح السيسي وقت أن كان وزير الدفاع تحدَّث عن أنَّ "مصر أم الدنيا وهتبقى أد الدنيا".. في يوليو 2013، وفي ندوة تثقيفية انعقدت بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي بـ11 يومًا، طمأن السيسي المصريين على مستقبلهم.

"إلى أين تتجه مصر؟".. سؤالٌ يخيم على أرض الكنانة المثقلة بأخبار الأزمات والغارقة في البحث عن خلاص من مأزقٍ يتصبغ أكثر وأكثر بلون المعاناة.. أزمة اقتصادية رافقها ارتفاع في أسعار أغلب السلع.

فما بين تعويمٍ للجنيه وتدنيه أمام الدولار، وارتفاعٍ للأسعار، واختفاء بعض السلع من الأسواق يتشدق المصريون أملًا في خلاصً مما يقولون إنَّها كارثة قد تعصف بهم إن لم تتدخل الدولة سريعًا، في وقتٍ يؤكِّد فيه المسؤولون أنَّ الدولة ستحل كافة الأزمات وهي تطلب من الشعب فقط التحمل.

الرئيس عبد الفتاح السيسي تحدَّث اليوم - في ندوة تثقيفية للقوات المسلحة - عن ارتفاع الأسعار وتناقص المعروض من السلع، فقال الرئيس: "عايزين يا مصريين تبقى عندكم استقلالية بجد.. ماتاكلوش وماتناموش.. أنا تابعت خلال الفترة الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي تقارير عن وجود سخط في الشارع من بعض المواطنين من نقص في السكر والأرز، وأطلب من المصريين التحمل لكي يكون لديهم وطن مستقل».

تصريحاتٍ السيسي تتزامن مع حالة غضب تنتاب المواطنين في الفترة الأخيرة، إلا أنَّها تحمل بين ثناياها تخوُّفًا لدى المواطنين من إجراءات تقشف قد تتخذها الحكومة، ما يعتبره "الناس" معاناةً جديدةً على معاناة ألمت بهم.

"مصر العربية" تحدَّثت مع خبراء في هذا الشأن، وإن كانت جملة السيسي "ماتاكلوش وماتناموش" تحمل جدوى لتحريك المشهد من حالة الصعوبة لما هو أخف، وما هو متوقع إذا ما امتنع الشعب عن النوم وعن الأكل "ضمنيًّا"، كما دعا الرئيس:

الدكتور سعيد صادق أستاذ علم الاجتماع السياسي قال إنَّ الدولة مطالبة أن تنقل للشعب صورةً حقيقية وشاملة لكافة الأزمات التي يمر بها الوطن، لافتًا إلى أنَّ تصريحاتٍ الرئيس السيسي جيدة وتحتاج إلى ترجمة على أرض الواقع، مشدِّدًا على أهمية دور الإعلام في هذا الصدد.

وأضاف لـ"مصر العربية": "المزاج العام في البلاد يشعر بانتشار الفساد والجهل وغياب أي ملامح للتقدم.. الشعب لا يعرف شيئًا عما يتم.. مشروع قناة السويس الجديدة خير دليل على ذلك، فنحن لا نعرف الكثير عن نتائج المشروع رغم مرور أكثر من عام على افتتاحها".

وتابع: "الشعب ممكن يستحمل أي حاجة بس ده بشرط إنه يكون مقتنع بالكلام اللي بيسمعه.. الحكومة مضطرة للتقشف العاجل وللأسف الإعلام المتـخـ... لا يؤدي دوره، ولازم تكون فيه خطط فعالة ولازم نستحمل ونعرف إن رحلة الألف ميل بتبدأ بخطوة".

واستطرد: "تغير الأوضاع الحالية وتحسنها أمر مرهون بالشفافية في تعامل الحكومة مع الشعب، ونقول هنعمل إيه بالتفصيل في كل مشكلة بتقابلنا.. وبشكل عام كلام السيسي كويس لكن المشاكل مش بتتحل بالكلام".

الخبير الأمني اللواء رفعت عبد الحميد قال لـ"مصر العربية": "كلام الرئيس السيسي في محله.. مفيش تنمية ولا رخاء ولا تقدم إلا بالاستقرار الأمني، ولازم الناس تساعد الدولة علشان تعبر أزماتها".

وأضاف: "الفقر مش عيب، والفقراء دايما بيطلعوا أطباء ومهندسين وصحفيين.. لازم يكون فيه تقشف علشان الظروف دي.. لازم نحقق الاستقرار لأن غيابه هيقضي على أي فرصة للنهضة والتقدم، وإحنا في حال لا يعلمه إلا الله.. الحل الأمني هو البداية، فلا تنمية ولا استثمارات ولا سياسة بدون جهاز أمني قوي".

وتابع: "الأمن المصري وصل لمرحلة التميز والتضحية، ونجح في التصدي للإرهاب بنسبة 90% في سيناء، وجميع المواطنين يشعرون بالأمان.. هناك مشكلات اقتصادية وصحية وتعليمية لكن الكمال لله وحده.. الفقر ليس عيبًا وكثيرًا ما تعرَّضت مصر لأزمات لكنها عبرتها".

وعن دور الشعب في مساعدة الدولة، رأى الخبير الأمني: "الشعب هو صانع الحكومة والدولة فلا دولة بلا شعب، لكن علينا أن نصبر قليلًا ولا نتعجل فالقدرة في يد الله وليس في يد الحاكم.. لكن علينا أن نتقشف لأننا لا نعرف الادخار".

المهندس ياسر قورة نائب رئيس حزب الوفد للشئون السياسية والبرلمانية قال لـ"مصر العربية": "نؤيد تصريحات السيسي، ولابد من التكاتف، لكن الأزمة خاصة بالحكومة، فالشعب فقد الثقة في هذه الحكومة".

وأضاف: "الدولة بتقول عاوزين الناس تصبر وتستحمل والبلد مش حِمل الدخول في هزات، لكن برضه الحكومة لازم يكون عندها رؤية وتكون قادرة على حل الأزمات، لكن الواقع بيقول إن الشعب شايف الحكومة بتغرقه".