المحتوى الرئيسى

أوبك.. إعلان الهدنة!

10/13 15:22

قد يكون هذا أول توافق يتوصل إليه أعضاء منظمة الدول المُصدِّرة للبترول (أوبك) في خضم الحرب على الحصص السوقية للنفط في السوق العالمية، بعد انعقاد اجتماع غير رسمي بين عدد من أعضاء أوبك في الجزائر في الفترة ما بين 26-28 سبتمبر/أيلول الماضي قبل الاجتماع الرسمي المقرر عقده في فيينا أواخر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

كتب هذا التحليل: توماس ووترز محلل الائتمان الأول، إس آند بي.

بعد الإعلان عن توصل الأعضاء إلى اتفاق أولي يقضي بإمكانية خفض إنتاج النفط إلى 32.5 مليون برميل من المكافئ النفطي يومياً من 33.24 مليون برميل من المكافئ النفطي يومياً في الوقت الحالي، عادت علامات التفاؤل للسوق بعد أن كان متجهاً دون أدنى شك نحو الهبوط، وذلك بعد أن سجل سعر خام برنت ارتفاعاً بنحو 6 %.

و رغم قلة التفاصيل، وعدم دخول أي اتفاق حيز التنفيذ إلا بعد أن توافق عليه أوبك في اجتماعها الرسمي المقرر في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، يشير الإعلان عن ذلك الاتفاق المبدئي إلى أن المنظمة قد تستهدف الإنتاج في أي مكان من 32.5 مليون برميل من المكافئ النفطي يومياً إلى 33 مليون برميل من المكافئ النفطي يومياً.

خفض الفائض الحالي إلى النصف

وهنا نرى أن 32.5 مليون برميل من المكافئ النفطي يومياً سيكون كافياً لخفض الفائض الحالي في الخام العالمي إلى النصف، ما سيؤدي في النهاية إلى انتعاش مستدام في أسعار النفط، رغم أنه بعيد جداً عن المستويات التي تجاوزت 100 دولار أمريكي للبرميل خلال السنوات القليلة الماضية. و من المبكر جداً أيضاً التكهن بالآثار الائتمانية على شركات النفط، لكن أي ارتفاع في الأسعار سيكون مفيداً عموماً.

و مع إعلان المنظمة عن ذلك الاتفاق الأولي أيضاً، يشير المحللون في السوق، ومنظمة أوبك نفسها، والوكالة الدولية للطاقة على وجه التحديد، إلى احتمال حدوث المزيد من التراجع في أسعار النفط على المدى القصير إثر توقعات بتراجع الطلب.

ووفقاً لبيان أوبك، فإن الأطراف المعنية أخذت بعين الاعتبار في اجتماعها الظروف الحالية للسوق والتوقعات المباشرة وتوصلت إلى أنه من غير المحبذ تجاهل المخاطر المحتملة لتراكم المخزون الحالي الذي قد يواصل التأثير بشكل سلبي أكثر في المستقبل، مع تفاقم تداعيات ذلك على المنتجين، والمستهلكين، والقطاع.

في الحقيقة، أشارت منظمة الطاقة الدولية في تقرير نشرته مؤخراً  أن العرض سيستمر في التفوق على الطلب على الأقل حتى النصف الثاني من العام 2017، وهذا سيجعل السوق عرضة لزيادة في العرض، لاسيما من إيران، وليبيا، ونيجيريا. يضاف إلى ذلك المشروع الضخم لإنتاج النفط من بحر قزوين، وهو المشروع المشترك بين شركة «إكسون موبيل»، وشركة «توتال»، وشركة «إني»، وشركة «رويال داتش شل» بالإضافة إلى الحكومة الكازاخستانية، و الذي من المقرر أن ينتج 370,000 برميل يومياً في غضون عام.

و رغم أن إعلان أوبك الصادر في سبتمبر/أيلول الماضي أعطى دفعة معنوية على الأقل لسوق النفط المتعثرة وهو بحد ذاته أول إشارة إيجابية يتلقاها السوق منذ اجتماع أوبك في نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2014، إلا أنه مجرد إطار عمل يفتقر للتفاصيل. كما أثار الإعلان العديد من الأسئلة حول تنفيذ وتطبيق الاتفاق وما إذا كان أعضاء أوبك قادرين على التوصل إلى توافق في اجتماعهم المرتقب في فيينا أواخر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.   

وبالعودة إلى اجتماعات أوبك في نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2014، التي علمنا منها أن أوبك وتحديداً المملكة العربية السعودية قررت الحفاظ على مستويات الإنتاج لحماية حصتها السوقية، و رغم أن أسعار النفط تراجعت بنحو 75 % من أعلى مستوى وصلت إليه في صيف العام 2014 إلى 27 دولار أمريكي للبرميل في بداية هذا العام، أظهرت الشركات التي تنتج النفط بتكاليف مرتفعة، لاسيما في قطاع النفط الصخري الأميركي، مرونة ملحوظة من خلال خفض التكاليف واعتماد تقنيات إنتاج وكفاءات جديدة، حيث كان ذلك مفاجئاً بالنسبة لأوبك.

في الحقيقة، ارتفع إنتاج النفط في الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 8 % ليسجل 9.4 مليون برميل من المكافئ النفطي يومياً في العام 2015. مع ذلك، بدأ منتجو النفط الصخري يشهدون ببطء تراجعاً في الإنتاج، حيث تراجع إنتاج النفط في الولايات المتحدة الأمريكية حتى تاريخه نحو 600,000 برميل سنوياً حيث بلغ التراجع من أعلى مستوى وصل إليه الإنتاج إلى أدنى مستوى وصل إليه نحو 1.2 مليون برميل. المشكلة كانت في أن أوبك، وخاصة السعودية، رفعت الإنتاج بنحو 1.8 مليون برميل خلال العامين الماضيين، ما أدى إلى بقاء الأسعار منخفضة نسبياً وإلى ارتفاع مستويات المخزون إلى أعلى مستويات لها على الإطلاق. قامت إيران، التي تم رفع العقوبات الاقتصادية عنها في يناير/كانون الثاني 2016، بزيادة إنتاجها بسرعة إلى 3.6 مليون برميل يومياً، مقتربةً من مستويات إنتاجها قبل فرض العقوبات عليها والتي بلغت آنذاك 4.2 مليون برميل يومياً.

على خلفية ذلك، يبدو أن أعضاء منظمة أوبك واجهوا عجزاً حاداً في الميزانيات لديهم، وتراجعاً في صناديق الثروة السيادية واحتياطاتهم من القطع الأجنبي، وأدركوا أنه قد آن الأوان لوضع خلافاتهم السياسية جانباً والعمل على إعادة الاستقرار للسوق. علاوة على ذلك، من الممكن في حال عدم التوصل إلى اتفاق أن يواجه منتجو النفط احتمال انخفاض أسعار النفط إلى مستويات جديدة، وهذا سيؤدي إلى تفاقم العجز في ميزانيات الحكومات الوطنية وإلى اتخاذها للمزيد من تدابير التقشف السيادية – وهذه بوضوح تحولات غير شائعة لدى العديد من أعضاء أوبك.  

من بين تفاصيل الاتفاق التي لم يتم الكشف عنها هي الدول التي سيتم مطالبتها تحديداً بخفض الإنتاج، وحجم الخفض، وتوقيته. هل سيتم إعفاء بعض الدول؟ وفي حال إعفاء بعض الدول، هل الزيادات المحتملة في الإنتاج من قبل هذه الدول ستتفوق في نهاية المطاف على خفض وتجميد الإنتاج لدى دول أخرى؟ من الجدير بالذكر أن الإنتاج في كل من نيجيريا وليبيا أدنى بكثير من الطاقة الإنتاجية المعلنة، وذلك نتيجة لاستمرار الصراع مع المجموعات المسلحة، وعلى الأرجح سترى هاتان الدولتان بأنه من المهم زيادة الإنتاج لدعم ميزانياتهما ونموهما الاقتصادي. كما أن توقيت الاجتماع في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل يعطي الدول ذات الطاقة الإنتاجية الأكبر الفرصة لزيادة الإنتاج قبل تحديد سقف كمية الإنتاج لأي بلد معين. وكذلك، هل ستكون التخفيضات الموسمية من قبل المملكة العربية السعودية (عادة ما بين 300,000 برميل يومياً و350,000 برميل يومياً) والدول الأخرى ضمن أو خارج أي أهداف للإنتاج؟ بالتأكيد، حتى لو تم التوصل لاتفاق نهائي، يبقى الالتزام به هو الجزء الأصعب. وبالعودة لتاريخ المنظمة، من المحتمل ألا يلتزم بعض أعضاء أوبك بكميات الإنتاج التي سيتم تحديدها.

أسعار النفط على المدى الطويل

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل