المحتوى الرئيسى

الغنوشي: تونس قد تكون معرضة لموجة ثورية ثانية.. وهذا رأيي في ''جاستا'' الأمريكي

10/13 11:27

القاهرة - (د ب أ):

أعرب زعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، عن تفهمه الكامل لعدم رضا طبقات عديدة في المجتمع التونسي، وخاصة التي انطلقت الثورة منها ولها قبل ست سنوات، تجاه الأوضاع الراهنة، خاصة مع عدم تحقق قدر كبير من الإصلاحات الاجتماعية التي طالبت بها الثورة.

وفي تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، نبّه الغنوشي إلى حساسية الوضع الراهن ودعا للإسراع في إرساء وتفعيل مؤسسات الحكم المحلي لتستطيع كل جهة تحديد أولوياتها والعمل على تلبيتها بالتعاون مع السلطات المركزية، ولكنه رفض المبالغات التي تتحدث عن أن البلاد قد تكون معرضة لموجة ثورية ثانية جراء حالة اليأس التي بدأت تجد لها طريقا في المجتمع وأسفرت بالفعل عن خروج عدة احتجاجات.

وأشار إلى أن "الثورة التونسية كانت في عمقها ثورة اجتماعية لمعالجة الظلم والتهميش"، وأقر بأن استغراق الإصلاحات السياسية فترة طويلة "جعل الفئات التي انطلقت الثورة منها ولها تفقد صبرها" إلا أنه اعتبر الخلافات السياسية الكبيرة في البداية أمرا طبيعيا "بسبب حالة الاستبداد الطويلة واختلافات النخب السياسية والتدافع الأيديولوجي".

وأضاف :"وأخيرا اهتدى الفرقاء السياسيون، باستثناء أقلية منعزلة، إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم كل الأطياف وتحظى بدعم المنظمات الاجتماعية الكبرى ... ونحن كحركة ندفع باتجاه أن تولي هذه الحكومة المسألة الاجتماعية ما تستحقه من اهتمام وأن تسعى لتحقيق المطالب العميقة للثورة".

واستبعد أن يكون للاحتجاجات التي تخرج أحيانا أثر على فرص ومناخ الاستثمار بالبلاد، وقال :"إذا قارنا معدل الاحتجاجات بالمعدل العام في بلدان أخرى سنجدها ليست إلا حوادث معزولة عادة ما تنجح السلطات في التعامل معها ... وإحدى مشكلات بلادنا أن واقعها أقل سوءا بكثير من الصورة التي يسوقها الإعلام".

وشدد على أن الدولة "تبذل حاليا جهدا لتيسير مناخات الاستثمار من خلال إصدار القانون المنظم لهذا القطاع.

ورفض اتهام الحكومة بالتغافل عن تطبيق القانون في معالجة الاحتجاجات، وقال :"ليس هناك تغافل، وإنما محاولة لحل الإشكاليات بين المواطنين والسلطة أو بين المواطنين وأرباب العمل بالتفاوض وبأقل ما يمكن من العنف، وهو منهج، وإن بدا صعبا وطويلا، إلا أنه الأسلم ... فقد جرّبت البلاد لعقود حل مشاكلها بالعنف الشديد والقمع فأدى الأمر إلى ثورة كادت تهدم بنيان الدولة بالكامل".

وأرجع الغنوشي الإشارات التي أوردها أكثر من تقرير دولي ومحلي حول استشراء الفساد بتونس بعد الثورة بصورة أكبر مما كان عليه الحال قبلها لما وصفه "بحالة الضعف التي أصابت هياكل الدولة بفعل الثورة وما تبعها من مرحلة اتسمت بعدم الاستقرار بشكل عام ... ما فتح المجال لاستشراء ممارسات مخالفة للقانون في مستويات متعددة منها الفساد المالي والإداري".

وقلل الغنوشي بعض الشيء من أثر تحذيرات رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد شوقي الطبيب بشأن أن "تونس قد تتحول إلى دولة مافيات إن لم يتم التصدي إلى لوبيات وبارونات الفساد واقتلاعهم"، وقال :"رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد يقوم بدوره في التنبيه وإشعال الأضواء الحمراء، وقد يقتضي ذلك بعض التشدد".

وفي الإطار ذاته، استنكر الغنوشي بشدة ما يردده البعض من أن جزءا كبيرا من المنح والمساعدات المالية التي حصلت عليها تونس في عهد حكومتي النهضة الأولى والثانية قد بُدد ولم تستفد به البلاد بسبب دفع هاتين الحكومتين تعويضات مالية كبيرة للإسلاميين وتحديدا لأعضاء الحركة ممن كانوا بالسجون في عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، ووصف هذا الطرح بأنه "نوع من الدعاية المضادة لحكومات الترويكا لم يعد يجد صدى إلا لدى فئات قليلة".

وأوضح :"مرسوم العفو العام من أول المراسيم التي أصدرتها الثورة، قبل أن تأتي النهضة إلى الحكم ... وهو لا يخص النهضويين فقط بل فئات واسعة من النقابيين والقوميين واليساريين واليوسفيين والنهضويين، وغيرهم ممن تعرضوا للاضطهاد ... كما أن التعويضات الزهيدة لم تصرف من الخزينة العامة، بل كانت هبات مخصصة لهذا الأمر ... وبالنهاية، ليس هناك أمر مخفي، فالمالية العمومية تخضع لرقابة الهياكل الرقابية الحكومية وللبرلمان وللرأي العام من خلال الإعلام الحر".

ودافع عن موقف حزبه المؤيد لقانون المصالحة الاقتصادية، وذلك بالرغم من اعتراض نسبة غير قليلة من المجتمع عليه باعتباره يوفر مخرجا لتسوية أوضاع من أدينوا بالفساد، قائلا :"القانون يمس آلاف الكوادر الإدارية بالأساس، وهو لا يختلف كثيرا عما تقوم به هيئة الحقيقة والكرامة من تسويات مع الذين استولوا على المال العام بغير وجه حق".

وفيما يتعلق بالموقف من حكومة يوسف الشاهد، نفى الغنوشي حدوث أي تغيير بموقف الحركة من الحكومة التي لم تكمل بعد شهرها الثاني في الحكم، وقال :"البعض يقول إننا نحاول إفشالها أو أننا نمارس ضغطا عليها أو نهددها بسحب تأييدنا لها، وكل هذا لم يحدث أبدا ... نحن فقط تكلمنا عن إعطاء فرصة ستة أشهر للحكومة حتى يتم تقييم أدائها على أسس متينة وإصلاح ما يجب إصلاحه من هذا الأداء، وهذا ردا على الذين بدأوا عملية التقييم من الأسبوع الأول".

وحول احتمالية تعيين الشاهد على رأس الهيئة السياسية لحركة نداء تونس ومدى التخوف من أن ينشغل بمشاكل حزبه المتصاعدة، قال الغنوشي :"نحن في نظام ديموقراطي تحكمه الانتخابات، ومن الطبيعي أن يكون رأس الحزب هو رأس الحكومة إذا فاز الحزب في الانتخابات ... وعندما فازت النهضة عينت أمينها العام رئيسا للحكومة ... ونحن بالنهضة ننأى بأنفسنا عن التدخل في المسائل الداخلية لشريكنا في الائتلاف".

وأقر بقلق بعض مسؤولي الحركة من أن ميزان الثقل يميل لحزب نداء تونس حيث ينتمي له كل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان، إلا أنه عقب باقتضاب :"فيما يتعلق بالرئاسات فهذا ما أسفرت عنه الانتخابات ... ونحن، كما قلت من قبل، ليس لنا علاقة مباشرة بما يحدث في أحزاب أخرى ونعتبر ذلك شأنا داخليا يهم أصحاب البيت بالدرجة الأولى"، مضيفا :"نحن طرف في حكومة وحدة وطنية تضم طيفا واسعا من الأحزاب وتدعمها منظمات كبيرة ...ومنهجنا منذ ثلاث سنوات هو تغليب المصلحة الوطنية العامة على المصلحة الحزبية".

وتعليقا على تصريحات الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي، الذي قال" إن الديمقراطية في تونس مهددة بتوافق سياسي مغشوش بين النهضة والنداء ... وهناك محاولة لتسويق صورة خاطئة عن تونس في الخارج بكونها الاستثناء، إلا أن الحقيقة هي أن الثورة أُجهِضت وتراجَع منسوب الحريات بشكل لافت"،قال الغنوشي :"كل ينظر للأمور من زاويته ... نحن ننظر من زاوية الوطن ونأخذ بعين الاعتبار تعقيدات المشهد الدولي والإقليمي والمحلي ... ونعتبر أن بلادنا تجنبت بفعل التوافق، الذي هو حقيقي وليس مغشوشا، اقتتالا أهليا وسقوطا في مربع العنف والفوضى طال تقريبا كل دول الربيع العربي ... والثورات الكبرى استغرقت عشرات السنين لتحقق أهدافها".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل