المحتوى الرئيسى

10 أشياء كرم بها الرجل العربي أمّه وحرم زوجته منها

10/13 11:11

لا يختلف اثنان على أن الرجل العربي عرف كيف يقدر أمه ويشركها في أموره، وحرم شريكته في الوقت نفسه من هذا الحق.

ترى هبة عيسوي أستاذة الطب النفسي في جامعة عين شمس، وزميلة الجمعية الأميركية للطب النفسي، أن علاقة الرجل بوالدته وعلاقته بزوجته مختلفتان تماماً ولا يجوز المقارنة بينهما. لكنها تعترف بأن غالبية المشكلات النفسية والاجتماعية التي تشكو منها مريضاتها، تنتج عن مقارنة الزوج المستمرة بين أمه وزوجته، وتفضيله للأولى وتبرير أخطائها حتى.

تؤكد داليا الشيمي خبيرة الإرشاد الأسري أن "الرجل يميز بين أمه وزوجته على الصعيد العاطفي والعقلي والسلوكي، ورغم ذلك يستمر في الضغط على زوجته بأن تكون صورة كربونية من أمه".

وتقول: "يقدس الرجل أمه ويراها ملاكاً وليس بشراً، في الوقت الذي ينظر فيه نظرة دونية للمرأة بحكم تنشئته في مجتمع ذكوري، كالذي نعيش فيه. ومن هنا تنشأ الازدواجية في المعاملة، إذ لا يمكن مساواة الملاك بالمرأة الناقصة العقل والدين كما يعتقد، فالأم لا تخطئ لا تكذب لا تخون لا تفشي الأسرار، بينما الزوجة يمكن أن تفعل ذلك كله".

وتضيف الشيمي: "هناك أمر آخر يتحكم بعلاقة الرجل بأمه وزوجته، هو كونه جزءاً من أمه بالتكوين النفسي والجسدي، ما يجعله يشعر بالأمان التام معها، في حين أنه دائم الشك والتخوف من زوجته. ويرى احتمال انتهاء العلاقة في أي وقت فلا يربط بينهما سوى ورقة كما يظن البعض".

وتشير إلى أنه من أوجه التمييز كذلك، أن يتباهى الرجل بأن أمه لم تعاقبه أو تعنفه يوماً، ويفتخر بتدليلها له ولإخوته. في الوقت الذي يتهم زوجته بأن حبها الزائد لأبنائها سيفسدهم. والعكس أيضاً، إذا قست على أطفالها أو ضربتهم، فيتهمها بانعدام المشاعر، في حين أن جسده ربما يحمل آثاراً من ضربة لأمه، تركت علامة عبر السنوات، ويبررها بشقاوته الزائدة.

تقول بسمة محمود، الباحثة النفسية، إن الرجل يقبل أن ترفع أمه صوتها عليه وربما يدها، لكن لا يسمح بذلك لزوجته، ويعتبر مجرد رفع صوتها أمامه هو قلة احترام وعدم تقدير. أي أنه يقبل بالتضاؤل والضعف أمام أمه، ويخشى ذلك مع زوجته، خوفاً من أن تتعالى عليه، أو هكذا يظن. وهذه نقطة هامة في العلاقة بين الطرفين، فالعلاقة الزوجية السوية تفترض أن يتعامل الرجل والمرأة بمعيار المحبة والامتزاج، وليس الاستعلاء.

وترى عيسوي أن الرجل يتغنى دائماً بتضحيات والدته وما فعلته من أجله ومن أجل إخوته، وكيف ساندت والده ودعمته في حياتهما المشتركة، وفي عمله. لكنه يقلل دائماً مما تفعله زوجته، ويكون تعليقه على المجهود الذي تبذله "كل الستات بتعمل كدا!". وتؤكد أن ذلك من أكثر الأمور المحبطة للمرأة. فعدم تقدير ما تفعله يدفعها للصمت، أي عدم مناقشة أي أمر يخصها مع الزوج، ما يزيد الفجوة بين الطرفين، فتكتفي المرأة بأبنائها وتهتم بهم وتسعى لأن يكون انتماؤهم لها بعد أن يكبروا، فتصنع، من دون وعي، نموذجاً آخر من زوجها، يقدس الأم وتضحيتها ولا يقدر تضحية الآخر بمفهومها الواسع.

بحسب أستاذة علم الاجتماع، حنان سليمان، لا يمانع الرجل أن تكون مقاليد الحكم بيد والدته، لكن هذا الامتياز للأم "الكبرى" فقط، أما الزوجة فلا بد أن تكون تابعة لزوجها توافقه الرأي وكفى.

شارك غردفي نظر الرجل، الأم لا تخطئ لا تكذب لا تخون لا تفشي الأسرار، بينما الزوجة أو الشريكة يمكن أن تفعل ذلك كله... لماذا؟

وتفسر محمود ذلك بأن الرجل يخشى اتهام المجتمع له بأنه "شورة مرا"، أي يأخذ رأيه من امرأة، وهو أمر يعيبه المجتمع حتى الآن. لكن الأم لا ينظر لها على أنها امرأة، بل تقدر لمكانتها، وتقدم صفتها الأمومية على أنوثتها بفعل الزمن والتجارب، لذا يخضع الرجل لأمه عن طيب خاطر في حين يتمادى في التسلط والتصرفات القيادية مع زوجته، حتى أن بعض الرجال قد يرفضون رأي زوجاتهم، وإن كان صائباً.

"يفتقد الرجل العربي ثقافة الاعتذار، خصوصاً مع النساء، وبالتالي إن شعر بخطئه، يسعى لقلب الأمور لصالحه. إذا تشاجر مع زوجته وكان مندفعاً، بدلاً من أن يعتذر يقول: أنت المخطئة كان يجب أن تتجنبيني حتى أهدأ، وهذه أقصى درجات التنازل الممكنة مع الزوجة. لكن مع الأم، لا يستكبر على الاعتذار. وقد يعتذر لفظياً ويقبل رأسها ويدها وقدميها، وربما يأتي بهدية"، تقول الشيمي.

تقول محمود إنه في الوقت الذي يرفض الزوج أن تقارن زوجته بين أفعالها وأفعال والدته، يجري هو هذه المقارنة بشكل مستمر. فهو دائم التقدير والتبرير لكل ما تفعله الأم، في المقابل، يتفنن في انتقاد مواقف وتصرفات الزوجة. ويرى التقارب بين أمه وأفراد عائلتها وإخوتها صلة رحم ويفتخر بذلك، بينما يعيب على زوجته تعلقها بأمها، ويعتبره طفولة وقلة نضج.

وتضيف: "يستمر الزوج في التباهي بمواقف وتصرفات والدته، وحين تفعل الزوجة المثل، حتى من باب الرغبة في إسعاده، لا تجد سوى السخرية والانتقاد، ما يسبب لها الإحباط. وربما لا يفعل ذلك عمداً، لكنه اعتقاد راسخ في اللاوعي لديه بأن أمه غير قابلة للتكرار، ورغم ذلك يصر على عقد المقارنة!

نربي أبناءنا على أن التعبير عن حب الأم بر، وأن حب الشريك عيب. وتشير الشيمي إلى أننا ننتقد أي رجل يمسك بيد فتاة، وإذا قبلها في مكان عام فهي فاجعة، ننتقد زوجاً يساعد زوجته في الأعمال المنزلية، نوصمه بنقص الرجولة، رغم أن كل منا يتمنى أن يحدث هذا معه، لكنها ازدواجية المعايير التي تسود علاقاتنا كلها. في المقابل نفتخر بولد يقبل يد أمه أو قدمها ولا نعيب عليه ذلك، بل نعتبرها قيماً جميلة.

يمنح الرجل أمه الثقة الكاملة، يأتمنها على أسراره وأمواله، وكل ما يخصه وأحياناً ما يخص علاقته بزوجته أيضاً، وإن أطلعت إخوته على هذه الأسرار يراها عن غير قصد. لكنه يرى أن زوجته "ميتبلّش في بؤها فولة"، ويخفي عنها أسراره، توضح الشيمي.

وترى محمود، أن للرجل مبرره في ما عرضنا، فالابن يتعلق بأمه في المرحلة الفمية، أي منذ ولادته حتى عمر السنة، حين تكون الأم مصدر كل شيء بالنسبة إليه: الطعام والشراب والحماية، وحتى الاتصال بالعالم الخارجي. وتؤكد: "ربما كان ذلك وليد التربية والتنشئة، وقد تكون الأم عمدت إلى أن يظل ابنها منتمياً لها لهذه الدرجة كنوع من التعويض عن شقاها في تربيته كما تعتقد".

وتضيف حنان سليمان أن العلاقات بين الابن وأمه يفترض أن تتغير، فيستقل عنها بعد البلوغ. لكن عندما تمر الأم بمعاناة في حياتها الزوجية مثل الطلاق أو فقدان الزوج مبكراً، يلتصق أبناؤها بها ويتأثرون بشخصيتها كنوع من رد الجميل والتعويض. "غير أن هذا ليس مبرراً لعدم تقدير الزوجة ومنحها حق المشاركة في القرارات، خصوصاً ما يتعلق بالحياة المشتركة" تقول.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل