المحتوى الرئيسى

مصر والسعودية.. غرام وانتقام | المصري اليوم

10/13 00:57

لا يزال مشهد الأمير سعود الفيصل (رحمة الله عليه) حاضرا فى ذهنى، حين سافر برغم مرضه إلى فرنسا فى أغسطس 2013، ليوضح للقادة الأوروبيين أن 30 يونيو ثورة شعبية، وليست انقلاباً من الجيش على السلطة، وطالبهم بأن يعطوا الفرصة لخريطة المستقبل بهدف تحقيق الاستقرار بعد الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة، وكان لهذه الزيارة أثر كبير بالنسبة للموقف الأوروبى من ثورة يونيو.

ولا ننسى أيضا أن السعودية والإمارات والكويت والبحرين قدموا دعماً مالياً مشكوراً لمصر بعد 30 يونيو يتجاوز (كما أعلم) 30 مليار دولار، وكانت المشاركة الأكبر للسعودية، التى قادت دول مجلس التعاون الخليجى لدعم سياسى للقاهرة، واتخذت مواقف متشددة تجاه قطر، حتى تحثها على وقف حملاتها الدعائية ضد النظام المصرى عبر قناة الجزيرة، وقد أعلن الملك عبدالله حينذاك بكل قوة وصراحة دعمه الكامل للسلطات الجديدة فى القاهرة.

وفى تلك الفترة عبّر السيسى عن امتنانه للدور الخليجى فى دعم مصر، واعتبره ضمن التزامات الأمن القومى، وتحدث فى هذا الإطار عن التزام مصر بالمشاركة فى الدفاع عن أمن الخليج مستخدما تعبير «مسافة السكة»، متجاوزا اختلاف وجهات النظر المصرية والسعودية بشأن الملف السورى، وقد كان هناك تفهم من جانب الملك عبدالله لذلك، ولكن بعد وفاة الملك عبدالله وتنصيب الملك سلمان حدث تغير ملموس فى سياسة المملكة الخارجية، حتى تم استبدال فكرة القوة العربية المشتركة التى اقترحها السيسى قبيل القمة العربية بشرم الشيخ، بالتحالف الإسلامى الذى ضم عددا من الدول العربية وغير العربية ومن بينها تركيا (الذى يعادى نظامها السياسى النظام المصرى)، وحدث تقارب تركى سعودى غريب لا يبرره إلا تلاقى الرؤى والمصالح الضيقة فى الملف السورى أولاً وأساساً.

بعد تولى الملك سلمان الحكم، حدثت حالة من التوتر والبرود فى العلاقات، واكبتها شائعات وتسريبات تستهدف تعكير أجواء العلاقة بين البلدين، لكن القادة الخليجيين كانوا حكماء فلم يتأثروا بالشائعات المغرضة، وفى مارس 2015 شاركت مصر مع السعودية فى تشكيل التحالف الدولى لشن «عاصفة الحزم» على اليمن بهدف معلن هو استعادة شرعية الرئيس عبدربه هادى، وهدف مفهوم ضمنا وهو مواجهة وكلاء النفوذ الإيرانى المتاخم لحدود السعودية، وفى ابريل الماضى زار القاهرة الملك سلمان، وانتهت الزيارة بتوقيع السيسى على اتفاقية ترسيم الحدود التى بمقتضاها تسلم مصر للسعودية جزيرتى تيران وصنافير، دون الحاجة لتحكيم دولى، مما يؤكد حسن النوايا ومتانة العلاقات الأخوية بين البلدين.

قبل أيام وجهت السعودية وقطر انتقادات حادة لمصر، على خلفية تصويتها، لصالح مشروع قرار روسى بمجلس الأمن، وبالرغم من حرص الخارجية المصرية على توضيح أسباب تصويتها لصالح المشروعين الروسى الفرنسى، والأخير تؤيده السعودية، إلا أن التوضيح لم يكن كافيا لوقف الحملات الخليجية الغاضبة ضد القاهرة، وظهرت على الملأ أصوات وأقلام سعودية تُذَكِّر المصريين بالمعونات السعودية، متناسين أن الرياض قدمت أضعاف هذه المساعدات للميليشيات المسلحة التى دمرت سوريا على مدى خمس سنوات.

السعودية التى تدين النظام السورى لقتله الأبرياء، لا تدرى العواقب التى يمكن أن تتورط فيها بعد قصف التحالف الذى تقوده لسرادق عزاء فى اليمن أدى إلى مقتل مئات المدنيين، خاصة أن المتحدث باسم مجلس الأمن القومى الأمريكى نيد برايس علق بعد الغارة قائلا إن التعاون الأمنى الأمريكى مع السعودية ليس «شيكا على بياض»، بل وألمح إلى إمكانية انسحاب أمريكا من التحالف الذى يقصف المدنيين. إذن الموقف السعودى تجاه سوريا، ليس حرصا على مدنيين يقتلهم نظام الأسد، بل ثأر شخصى لآل سعود المصممين على إسقاط نظام الأسد، لهذا لا تتفهم الرياض موقف مصر الذى لا يعنيه نظام الأسد بقدر ما تعنيه الدولة السورية، فسقوط الأسد الآن سيؤدى إلى خلق عراق جديد، خاصة أن مصر تعتبر سوريا بوابة مهمة لأمنها القومى، بل تعتبر جيشها هو جيش الدفاع الأول عن حدود مصر.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل