المحتوى الرئيسى

آلان غريش لـ«السفير»: الحل السوري الكامل لا يزال بعيداً

10/12 00:15

يتحدث الكاتب الفرنسي آلان غريش لـ«السفير» عن التطورات الإقليمية ومستقبل أزمات المنطقة في ظلّ تدخل مختلف الأطراف الدولية والإقليمية في المنطقة العربية، معتبراً ما يجري في سوريا أشبه بالحرب الإقليمية، وأن روسيا لا تريد انتصاراً كاملاً بل اعترافاً من واشنطن بقوتها. كما تطرق إلى وضع المنطقة بعد سنوات من «الربيع العربي»، معتبراً أن الانتفاضات ضد الأنظمة الديكتاتورية ليست سبباً في ما يحدث من انهيار.

÷ كلما لاح حلٌّ للأزمة السورية يتبدد سريعاً، فهل ترى أفقاً لحلّ الأزمة؟

{ هي ليست مجرد أزمة. ما يجري في سوريا أكثر شبهاً بحربٍ إقليمية. إذا نظرنا لأطراف الصراع، فسنجد أن أميركا وروسيا والسعودية وتركيا وإيران وقطر، وغيرها أطرافٌ مباشرة أو غير مباشرة في ما يجري في سوريا، الأمر ليس مجرد صراع بين الحكومة السورية والمعارضة، حتى وإن كان الأمر بدأ كذلك قبل خمس سنوات، بل نتحدث عن صراعٍ متعدد الأطراف يُعبّر عن مصالح إقليمية ودولية متناقضة، وبالتالي لا يمكن اعتبار الحل متوقفاً على الأطراف السورية. بذلك، الوصول لأي حلّ يعني أولاً اتفاق كل تلك الأطراف.

÷ وما هي صيغ الحلّ الممكنة في ظل أوضاع كهذه؟

{ من الواضح أنه لا سبيل للحسم العسكري. فأي من أطراف الصراع ليست لديه القدرة على حسم الصراع عسكرياً على الأرض. وعلى سبيل المثال، التدخل الروسي ساعد النظام وأنقذه من السقوط، ولكن روسيا لا تريد التورط أكثر من ذلك. هذا في حدّ ذاته، يعني أن الحرب ستظلُّ مفتوحة من دون أفق.

هذا من جانب، وعلى الجانب الآخر، فإن الوصول لتوافق سياسي في اللحظة الحالية بين الأطراف المتصارعة، سواء في داخل سوريا أو خارجها، أمرٌ يبدو صعب المنال، خاصة بعد خمس سنوات من الصراع ومئات الآلاف من الضحايا.

ولكن من الممكن البدء بخطوات بسيطة، وقف لإطلاق النار وبداية إعمار وبداية لعودة اللاجئين. هذا لا يمثل حلاً، ولكن يمثل بدايةً للتحرك في اتجاه آخر غير الحرب. قد يكون هذا أقصى ما يمكن التوصل إليه في المرحلة الحالية.

÷ تقول إن روسيا لا تريد التورط بالكامل في سوريا، ولكن مصالحها أصبحت مرتبطة بشدة بنتيجة الصراع؟

{ نعم، مصالحها ترتبط بمصير الأزمة السورية، ولكن يجب أن نفهم أن روسيا اليوم ليست هي الاتحاد السوفياتي. ومن الوهم تصور أن روسيا قادرة على الدخول في صراع مع أميركا، خاصة مع دخولها في أزمة اقتصادية. أعتقد أن روسيا لا تسعى لانتصار كامل في سوريا. روسيا تريد اعتراف الولايات المتحدة بقوتها، وتريد العودة للشرق الأوسط، كما لا تريد صداماً مع دول الخليج، لذا فالتدخل الروسي يجب أن يكون محسوباً، بحيث لا يتجاوز ما تريد تحقيقه حتى لا يؤدي إلى نتائج عكسية.

كيف وصلت المنطقة العربية لهذه الدرجة من الانهيار، وهل للثورات العربية دورٌ فعلاً في الانهيار؟

الانهيار في المنطقة العربية بدأ مع الغزو الأميركي للعراق في العام 2003، أي أن الثورات التي بدأت في 2011 ليست لها علاقة بالانهيار. على العكس، الثورات حاولت تقديم بدائل لأنظمة حكم ديكتاتورية وفاشلة على الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وسعت إلى طرح حلول لمشاكل المنطقة وأزماتها، ولكنها لم تحقق النجاح الكافي. يمكن القول إن الانتفاضات الثورية في العالم العربي انفجرت في لحظة صعبة، وساعد ذلك على تزايد الأزمات، ولكن لم يكن هناك من طريق آخر سوى الثورات، فالأنظمة الحاكمة لم تكن تريد أو تستطيع تغيير أي شيء.

÷ وما مصير تلك الثورات؟

{ اليوم تعيش المنطقة مرحلة الثورة المضادة. ومع ذلك، لا أعتقد أن المنطقة تسير للخلف، أعتقد أن الثورات التي انفجرت قبل خمس سنوات أحرزت تغييرات مهمة، حتى وإن لم تكن ظاهرة، وسيظهر أثر تلك الثورات قوياً في المستقبل.

÷ القضية الفلسطينية كانت القضية الأولى في المنطقة، فهل تراجعت أهميتها؟

{ حتى اليوم القضية الفلسطينية قضية أساسية في المنطقة، حتى وإن لم تكن مطروحة بقوة. قبل الثورات كانت القضية الفلسطينية مطروحة بقوة، وبعد الثورات قيل إنها تراجعت. ولكن من يتابع جدياً، يعرف أن القضية الفلسطينية حرّكت الشارع العربي قبل الثورة، والتضامن مع الشعب الفلسطيني وانتفاضته كان أحد عوامل التعبئة الشعبية في المنطقة، وهي التعبئة التي ساهمت في تفجير الثورات. كما أن القضية الفلسطينية كانت بارزة في الانتفاضات العربية بوضوح، وفي مصر تمّ للمرة الأولى اقتحام السفارة الإسرائيلية عقب الثورة.

÷ وأين تقف القضية الفلسطينية حالياً؟

{ بالتأكيد، وضع القضية الفلسطينية صعبٌ للغاية. فالجناحان الفلسطينيان في أزمة. المقاومة ممثلة في «حماس»، لا تقوم حالياً بأعمال مقاومة، وتقريباً أصبحت هناك هدنة غير معلنة. وجناح السلطة الفلسطينية الذي يقود التفاوض لا يحرز أي تقدم في التفاوض، المفاوضات أيضاً مجمدة. هكذا، فمسار المفاوضة ومسار المقاومة المسلحة متوقفان، وهذا يمثل مأزقاً. ومع ذلك، لا تزال القضية الفلسطينية مركزية وجوهرية جداً للشعوب العربية. والأنظمة العربية التي تريد أن تدخل في سلام وتطبيع مع إسرائيل، وإن بشكلٍ غير رسمي، مثل السعودية مثلاً، ستواجه صعوبة كبيرة.

÷ كيف ترى الأوضاع في مصر بعد ثلاث سنوات من 30 حزيران 2013؟

{ واضح أن ما جرى في مصر وقتها ذو طابعٍ مزدوج، انقلاب عسكري وتأييد شعبي له. ولكن الواضح أيضاً الآن أن التأييد الشعبي تراجع بشدة. فالكثير من الناس يرى النظام عاجزاً عن حل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والوطنية. ومصر لم تعد تلعب دوراً على الصعيد الإقليمي.

من الواضح أنه لا نظام بمعنى الكلمة، لا سياسة موحدة، أو إطار واحد لعمل أجهزة الدولة. كل طرف في الدولة يلعب منفرداً. مثلاً وزير الزراعة يتخذ قراراً بخصوص استيراد القمح، فيؤدي إلى أزمة مع روسيا، فيتمّ التراجع عن القرار. وكذلك ما جرى في قضية تيران وصنافير، وما قد يحدث مع تعويم الجنيه. الواضح أنه لا يبدو هناك خطة.

÷ وما النتائج المحتملة للأوضاع الحالية خاصة الاقتصادية والاجتماعية؟

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل