المحتوى الرئيسى

عندما تنتحر الإنسانية | المصري اليوم

10/11 23:24

كم هي جميلة الأسرة والحنان، فالمال والبنون هم زينة الحياة الدنيا، أقسى أنواع الحرمان هو أن تُحرم من كلمة بابا أو ماما، تبذل كل شيء من مال وألم ومعاناة للحصول على أظفر طفل يكون مددا لك وعونا في كبرك، يحمل اسمك، تراه في كل مراحله منذ الصرخات الأولى إلى هذا العالم، إلى أن تراه رجلاً أو تراها فتاة شابة.

كم من أب لهث في هذه الحياة من أجل قوت أولاده، وكم من أم سهرت ليالي طويلة إلى جانب أبنائها ترعاهم، إذا مرض طفلك كيف هي حرقة قلبك عليه، وإذا تألم كيف هو حال ألمك النفسي، إذا نام كيف تهرع إلى تغطيته بلحمك وجلدك إذا اضطررت لذلك، أحلامك في الحياة أن تراه مهندسا أو محاميا أو طبيبا أو عضوا فاعلا في مجتمعه يخدم هذا الوطن وتتباهى به بين العائلة.

أغمض عينيك لدقيقة وتخيل أنك في عالم افتراضي هذا هو ابنك فلذة كبدك وقطعة منك ولكن أنت ميت وهو في الشارع بلا مؤى ولا سكن ولا أب ولا أم ولا ملابس ولا غطاء ولا طعام ولا دواء ولا تعليم، تخيلها ولو للحظة أن تنقلب الأحوال ويصبح (ضناك).

طفل شوارع أو في ملجأ للأيتام..

حدثني عن درجة احتمالك لهذه اللحظة أحدثك عمن تراهم كل يوم وأكثر من مرة في اليوم الواحد أطفال مقطعة ملابسهم بلا حذاء ومتسخين لدرجة أن نفسك تعف عن مصافحتهم من فرط قذارتهم.

اعتدنا هذه المشاهد للأسف، وإذا اعتادتها العين غضت الطرف عنها كأنها عدم.. هؤلاء الأطفال في العراء الأرض بالنسبة لهم أحن من قلوب بعض البشر الذين لا يكترثون لحالهم، إحصائيات أعدادهم مخيفة، يتعرضون لأقسى أنواع العذاب فهم يبحثون في القمامة مع حيوانات الطرق عن فضلات موائدنا وبقايا ملابسنا وقصاصات أقمشتنا ليستروا عوراتهم من عري وجوع.

تغتال طفولتهم البائسة في الأزقة ويمتهنون التسول والسرقة والاتجار في المخدرات لا ويتعاطونها. يُغتصبون وتؤخذ أعضاؤهم للإتجار ويُنجبون أطفال شوارع مثلهم مجهولي النسب ولا نعلم من آباؤهم.

وئدت طفولتهم وشردوا وباعوا أحلامهم لا لذنب ارتكبوه أو خطأ بل دفعوا ثمن غياب الضمائر والخرس الإنساني.

ضع فوقهم أيتاما في ملاجئ يعانون أقصى أنواع العذاب والإرهاب ويستغلون في ابتزاز المجتمع تحت مسمى (اكفل يتيم) ولكن المسمى الحقيقي في بعض الملاجئ (اقهر يتيم).

حدثني عن عمالة أطفال في ورش الحدادة والخراطة والسيارات وقل لي بعدها أين الطفولة؟

ماذا سينمو في قلوبهم هل هو الحب لهذه الأرض أم الحقد والضغينة والكراهية لمجتمع أغمض عن عذاباتهم وويلاتهم، ليتحولوا من نواة لهذا المجتمع إلى كارثة تعج بهم الإصلاحيات التي تعفنت من تفاقم إجرام من كانوا أطفال شوارع أو ملاجئ.. لو حقا يهمنا أمرهم لابد أن نتحرك لأجلهم.

ندفع العديد من الأموال في الشوارع وصناديق التبرعات لأجلهم ولم تحل مشاكلهم لأن التبرعات تذهب لغيرهم، أعجبت بفكرة المدن الجديدة التي تبنى للقضاء على العشوائيات في مصر، فكرة رائدة وفيها ما نص عليه الدين من تكافل مجتمعي، ولكن هؤلاء الأطفال لهم كل الحق أن نبني لهم مدينة خاصة بهم فقد ينتشلون فيها من الضياع. نسميها (مدينة طيبة).

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل