المحتوى الرئيسى

العالم الافتراضي أصبح أكثر أمناً‎

10/11 18:54

ما بين like وshare وcomment، بُنيت تلك المنطقة الافتراضية الآمنة والملائمة لما يريده هذا الجيل، هكذا نحتسي القهوة سوياً مع خمسمائة مليون شخص آخر على “Instagram “، ونتجاذب أطراف الحديث مع غيرنا من 800 مليون شخص على “messenger “، ونختلف سياسياً حول بوست شخص ما لا نعرفه على فيسبوك، المكان الذي يتفق ويختلف فيه أكثر من مليار شخص حول العالم.

أصبح التعبير عن الذات وما تشتهيه، يتلخص في بضعة صور أو سطور، يُغَرد بها على السوشيال ميديا، وأصبح “snapchat " يكفي أن تشارك لحظات من حياتك.

هكذا نتصفح صور المحبين على “Pinterest “، يقفون على الشاطئ متعانقين عند الغروب، وأخرى لعناق حميمي في المطبخ، نتأمل ضحكاتهم ونظراتهم، ونشتهيها كالجوعى الصائمين.

لقد وجد هذا الجيل أن مأمنه هناك، يسيطر على مجريات حياته بكبسة زر، دون عناء أو تكلفة، دون وعود بالبقاء، حيث أن الرحيل لن يكلف سوى block، ثم إضافة لشخص جديد في اللحظة التي تليها، لا يعلم عني سوى ما أردت له أن يعرفه.

 المزيد من الفلاتر على الصور، يضيف جمالاً على الصورة فتراها ناعمة حالمة، بالقليل من الجهد، أستطيع أن أستقطع من الصورة ما لا يعجبني، وأزيد من تركيز الألوان، حتى تظهر السماء الرمادية زرقاء كما أتمناها، وتلك الأشجار المغبرة شديدة الخضرة، لأرسم ملامح السعادة في ثوان السيلفي المعدودة، ليعود بعدها كل شيء لسابقه.

أصبحنا نحصل ولا نقتني، نجلس على الأريكة في الشتاء، نستدفئ بسخونة جهاز الكمبيوتر، نرسل من خلاله كلمات عن الوحدة، وعن العناق تحت أمطار الشتاء، دون رغبة حقيقة لمشاركة الأريكة مع شخصاً آخر، نبحث عن شخص يفتقدنا دوماً، ولا نستاقه يوماً، نريد الحب دون الوقوع فيه.

نريد إصدار جديد للحياة، كتلك البرامج التي فيها ملاذنا، نريد أن نستزيد من الإثارة، أن نصعد للمستوى التالي، للتحدي الأكبر أن نجتاز المراحل بنفس الحماس، وننهيها ما أن شعرنا بالملل، لنستبدلها بتطبيقات أخرى.

تعلمنا الحفاظ على المسافات الفاصلة، نقترب ذهنياً حد الالتحام دون الأجساد، وأصبح الاستتار وراء الشاشات، يكفل لنا منطقة هادئة منزوعة السلاح.

تزوجها تجيد الرقص، تزوجيه يجيد إعداد الفطور، هكذا تجد نصائح شبابية للزواج من شخص، إن اجتمعت فيه فقط عشرون صفة، وربما مائة من ذلك، وكأنك تضع حواجز تعجيزية في ذهنك، لتبقى حيث أنت. هكذا كلما اقتربنا من شخص حقيقي، حتى أوشكت أرجلنا على ملامسة الواقع، وكاد الأمر يقترب أن يكون حقيقياً.

ركضنا بجهد مضاعف في الاتجاه المعاكس، لنرحل ونختبئ، وتبقى المسميات مطموسة، فلا صديق ولا حبيب، بل هو مزج من هذا وذاك، دون أن تقر بحقوق أو واجبات.

عن صور الأطفال الضاحكة المبعثرة تحتها القلوب والكلمات العذبة والرغبات في الإنجاب، التي تقفز صادقة من وراء التعليقات، لكن يطول حديثنا عن الرغبة في إيجاد طفل دون أسرة، وكأن الواقع فاكهة محرمة، شهية، ملعون آكلها، سيسلب النعيم والحرية، ليكبل بالمعتاد والمتكرر حد الملل.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل