المحتوى الرئيسى

العلم وفانتازيا هوليوود (1).. تحميل العقل

10/11 18:24

ألم نقل من قبل: (لا خيرَ في فكرةٍ إن لم تكن في البدءِ جنونًا خالصًا)؟!

«الفانتازيا» في أبسط تعريفاتها هي الخروج عن العالم الواقعي إلى ما هو خارق للطبيعة من قبيل السحر والخيال العلمي. وهوليوود أمُّ الإبداع في هذا المجال وأبوه أيضًا..

 في هذا الأسبوع والأسابيع التالية، سنتناول معًا أحاجي هوليوود، ونغوص في محيطها الوسيع، نستكشف الأفكار العجائبية، ونعالجها من منظور علمي عقلي، ونرى أيها أجدر بالتحقق الآن أو في المستقبل البعيد، أو لن يتحقق على الإطلاق بحسب معارفنا الحالية..

من السايبورغ، مرورًا بالآلة ذاتية الحركة، تعريجًا على الخلود الأبدي، وصولًا إلى مصاصي الدماء والحياة على كواكب أخرى.. نضع على مائدة البحث كل فانتازيا هوليوودية، مذعنين إلى صوت العقل والعلم، نشرحها بهدوء، دون أن نمس قلب العمل الإبداعي، ولا نحاكم الأفلام!

في هذه الحلقة نتناول مفهومًا ظهر في أفلام أميركية وهو نقل الوعي (الدماغ) (Mind Uploading).. وقد ظهر بعدة طرق نتناولها بحسب الأفلام كما يلي:

1- The Creation of the Humanoids - 1962: هذا الفيلم يحكي عن مستقبل قاتم بعد حرب نووية، حيث استطاع عدد من العلماء زرع أدمغة بشر ماتوا منذ وقت قليل داخل روبوتات صُنعت خصيصًا لتؤدي مهام البشر. تتم طريقة نقل الدماغ بما يسمى (thalamic transplant) أو (الزرع المهادي). بحيث يكون لدى الروبوت ذكريات الشخص المتوفى ذاتها.

2- Tron  - 1982: ويحكي عن مبرمج بشري (هاكر)، تمت برمجته رقميًّا بواسطة ذكاء اصطناعي (artificial intelligence)، يُدعى (Master Control Program) (برنامج التحكم الرئيسي)، ليتم وضعه داخل عالم افتراضي بالحاسوب، فيقوم بألعاب صراع وقتال ليحتفظ بحياته رغمًا عنه. من كتابة وإخراج ستيفن لسبرجر.

3- The Lawnmower Man  - 1992: رجل بسيط جدًّا يُسمَّى (جوب) تحوَّل إلى عبقري عن طريق تطبيق تعليمي بين عقله والكومبيوتر. بعد أن أصبح عبقريًّا للغاية استطاع (جوب) التوصل إلى طريقة لتحويل عقله تمامًا داخل برنامج للواقع الافتراضي، تاركًا جسده كأنه قشرة ذابلة. قصة ستيفن كينج، من إخراج بريت ليونارد، قام فيه بريس بروسنان (جيمس بوند بعد ذلك) بدور عبقري.

4-  Freejack - 1992: فيلم ذو حبكة عبقرية، حيث يتمكن الأثرياء في المستقبل من التحكم في الماضي، حيث يرجعون إلى لحظات قبل موتهم، ويمكنهم القبض على أي شخص، ونقل الوعي الخاص بهم إلى جسده اليافع، وفي وقت الانتظار هذا يكون الوعي مخزَّنًا على جهاز حاسوب يسمى (لوحة مفاتيح الروح). اسم الفيلم (freejack) هو الاسم الذي يُطلق على الهارب من هذه العملية، وهو ما يدور حوله عقدة الفيلم (طبعًا كان الرجوع إلى عام 2009 حيث يتم خطف الناس من نيويورك، وها نحن في 2016 ولما يتمّ خطف أحد بعد!) قصة روبرت شيكلي، إخراج: الإنجليزي جيوف مورفي (مخرج الأكشن مثل under siege2 للقاتل ستيفان سيجال)، ومن تمثيل الحسناء رينيه روسو، تتذكرونها من فيلم «السلاح المميت» الجزء lethal weapon 3، حيث أدت دور لورنا كول صديقة ميل جيبسون!

5- The Thirteenth Floor  - 1999: فيلم قوي النظم والترتيب، في أواخر العقد الأخير من القرن الماضي يمتلك هانون شركة للكومبيوتر برأسمال يُقدَّر بمليارات الدولارات، حيث جرى اختراع محاكاة للوس أنجلوس عام 1937 تتم عن طريق عمل تنزيل للعقل الواعي إلى الكومبيوتر، ومن ثم يقوم الكومبيوتر بافتراض بيئة 1937، في أثناء الأحداث يموت هانون فولر قبل أن يكشف عن «السر».. يتوصل تلميذه إلى حقيقة المحاكاة الخادعة، دعنا لا نحكه.. من حقك أن تشاهد الفيلم، إخراج جوزيف روزناك وقصة دانيال جالوي.

6- The 6th Day  - 2000: يقوم الفيلم بالعمل على حبكة أن الأعصاب البصرية يمكن عن طريقها تحميل محتويات الدماغ، ونسخها مثل الشرنقة، ولأن العقول لا تستطيع البقاء كثيرًا في الآلات، فإنها تقوم بنقل العقل إلى جسد آخر، أرنولد شوارزنيجر يجد نسخة أخرى من نفسه، مما يجعله يمسك بطرف خيط لمؤامرة تتضمن نسخ بشر كثيرين للسيطرة على العالم، دائمًا هو البطل الذي يُفشِل المخططات العالمية (ذات مرة أفشل مؤامرة للشيطان ذاته End of days 1999) إخراج روجر سبوتيسوود، وتأليف كورماك ويبيرلي مؤلف جزأي National Treasure  لنيكولاس كيدج، بالاشتراك مع أخته ماريان ويبيرلي، شريكته في الأفلام الثلاثة.

10- Chappie  - 2015: في المستقبل القريب، يُنقل إلى أحد روبوتات الشرطة تشابي وعي ديون الذي يموت إلى الخوذة العصبية المعدلة، مما يصنع أول روبوت يفكر ويعي بما حوله.

11- Self/less  - 2015: قطب العقارات موجول ينقل جسده المنهك إلى شاب قوي، حيث يتضح له أن حقيقة الشركة وعملية النقل مختلفة عما ظنه كثيرًا.

يتوقع كورزويل، مدير الهندسة في شركة «غوغل» أحد أبرز العاملين بحقل التنبؤ بالمستقبل، أنه  بحلول عام 2045 سوف نصل إلى نوع من الذكاء الخارق (singularity).. وبحسب قانون مور، فإن قدرات الكمبيوتر تتضاعف كل عامين تقريبا. لذلك أكد كورزويل أنه بحلول عام 2045، سنتمكن من توسيع نطاق ذكائنا مليار مرة.

يرى إتسكوف وآخرون هذا النوع من الذكاء المتعلق بالحاسوب بوصفه خلودا رقميا، ويعتقدون على وجه التحديد أنه خلال بضعة عقود سيتمكن البشر من تحميل عقولهم على أجهزة كومبيوتر، وعندها يمكن تجاوز الحاجة إلى جسد بشري!

وكما يقول د. حازم فلاح: تبدو الفكرة مجرد خيال علمي على الأقل حتى هذه اللحظة. مع ذلك الواقع فإن الهندسة المحايدة تحقق خطوات ملموسة كبيرة باتجاه تصميم نموذج للمخ البشري وتطوير تكنولوجيا هدفها استعادة بعض وظائفه البيولوجية أو إحلال بديل لها.

أما المحامية والمؤلفة وصاحبة المشروعات الرائدة والرئيسة التنفيذية لشركة «يونايتد ثيرابويتيكس كوربوريشين»، مارتين روثبلات. فعندما تحدثت أثارت كثيرًا من الجدل؛ قدمت ورقة علمية في 11 يونيو 2015 بمؤتمر (غلوبال فيوتشرز لعام 2045 الدولي)، الذي يحاول التكهن بالمستقبل التكنولوجي في عام 2045، حين أشارت إلى أن «غرض التكنولوجيا البيولوجية هو إنهاء الموت».

وشرحت إمكانية استنساخ العقل من ملف عقلي وهو أشبه بمستودع للشخصيات على الإنترنت، وترى أن البشر لديهم مثله على شكل حسابات على «فيس بوك» على سبيل المثال.

قالت روثبلات في المؤتمر ذاته: «ستحقق أول شركة تنتج هذا البرنامج نجاحا يفوق نجاح (جوجل) بآلاف المرات. مع ذلك، هل سيكون هذا المخ المستنسخ حيا؟ تعتقد روثبلات ذلك. واقتبست أحد تعريفات الحياة وهو أنها شفرة تتكاثر ذاتيا وتحافظ على وجودها في مواجهة الفوضى.

الحقيقة أن العلماء استطاعوا نقل 10.000 عصب عقلي بكفاءة واقتدار.. وقد اطلعت على عدد من الأبحاث حول مشاركة أعصاب دماغية لرأسين (حدث هذا في أيام الرايخ وتكلل بالنجاح بين فصائل مختلفة للكلاب) فأصبح للكلب رأسان يعيشان متجاورين، بتفكيرين منفصلين، وحركتين مغايرتين..!

العقل البشري أعظم من ذلك بكثير؛ يبلغ عدد الأعصاب الموجودة داخل الدماغ نحو 100 مليار عصب، فاستنساخها في الوقت الحالي مستحيل! أضف إلى ذلك، أن العقل مرتبط ارتباطًا شديدًا بحركة التنفس، فتوقف العقل عن العمل لحظات يؤدي إلى حتمية الوفاة، وحتى توقف الأكسجين عن المخ دقائق، سيؤدي إلى أضرار دائمة.

لكن مع ذلك الأمل ليس مفقودًا، يمكنك فقط البحث عن مصطلح «حاسوب العقل الوسيط» أو «واجهة الدماغ الحاسوبية» (بالإنجليزية: Brain–computer interface)، أي (BCI)، وهو يصف انتقال الموجات الدماغية إلى جهاز خارجي. وغالبًا ما يوجه إلى مساعدة و زيادة، أو إصلاح الضرر في الدماغ عن طريق المساعدة المعرفية أو الوظائف الحسية والحركية عند الإنسان.

الجهاز يأخذ الإشارات مباشرة من المخ ويقوم بترجمتها لأوامر يفهمها الحاسوب ثم تُنقل الأوامر إلى الحاسوب، حيث يمكنه بعدها، عن طريق البرمجة ربط كل إشارة من إشارات الدماغ بنوع الحركة التي يطلبها المستخدم، وبالتالي يمكن للمستخدم التحكم بالأشياء باستخدام دماغِه فقط، كتحكُّم المصاب بمرض الشلل الرباعي بفأرة الحاسوب ولوحة مفاتيحه.

بدايةً استُخدم هذا الجهاز مع المصابين بالشلل لتحريك إشارة الفأر على شاشة الكمبيوتر هنا، لكن طُوّر الجهاز ليكون متصل بالدماغ حيث لا حاجة للمُصاب بتحريك أيّ عضو في جسمه وإنما فقط إعطاء الأوامر عن طريق الدماغ. لسنا نتحدث هنا عن أفلام هيوليوودية، نتحدث عن واقع معيش ((يمكنك أن تطلع بنفسك على أمثلة كثيرة لهذا الأمر).

11 عامًا متخصصًا في الذكاء الاصطناعي، وتحديدًا في «علم اللغة الحاسوبي»، لم تكن كافية لأصل إلى حل نهائي بخصوص مستقبل العقل.. يحدوني الشكُّ في كل ما يُمكن التكهن به حوله. نعم، نعرف كيف يبرمج العقل ذاتَه إلى حد كبير، نعلم كيف تنتقل الإشارات العصبية، ونعلم حجمها، وندرك الموجة التي تحملها.. نعرف كيف يتعلم العقل اللغة، وكيف يتعلمها الحاسوب، لكنني من أنصار تفوُّق العقل الدائم على الآلة، حتى لو بدا في لحظات أن ذلك ممكن. 

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل