المحتوى الرئيسى

قبل وقوع السعودية فى الخطأ الأكبر.. أمل النجاة من «جاستا»!

10/11 22:12

لم يكن قرار شركة «أرامكو» بوقف تصدير البترول عقاباً لمصر بسبب التصويت للقرار الروسى فى مجلس الأمن، فالقرار صدر قبل عشرة أيام كاملة تقريباً من التصويت.. وربما الأوقع أن قرار «أرامكو» فى حالة الرغبة بإرسال إشارات غضب من الموقف المصرى رد فعل لخطابى الرئيس السيسى بالأمم المتحدة بساحتيها.. الجمعية العامة ومجلس الأمن.. ومن يستمع إليهما يدرك الموقف المصرى الواضح والحاسم من الأزمة السورية.. وهنا يبرز سؤال مهم: هل الموقف المصرى من الأزمة السورية جديد على أطرافها؟ هل هو جديد على السعودية؟ هل كان الموقف المصرى والتصويت على مشروع القرار الروسى مفاجئاً؟ الإجابة يعرفها الجميع.. فلم تمر مناسبة طوال الأشهر الماضية وربما خلال العامين الماضيين إلا وأعلنت مصر فيها موقفها من الأزمة السورية الذى تحدد فى عدة ثوابت أساسية، هى الحفاظ على وحدة التراب السورى والحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، والشعب السورى وحده الذى يحدد مصيره ويختار حكامه، ولا تعامل إلا مع المعارضة الوطنية المعتدلة، وأخيراً السعى فوراً فى إعادة بناء سوريا!

فى هذه النقاط السابقة تلتزم مصر بالثوابت القومية فى التصدى لمخططات تقسيم بلد عربى شقيق وتلتزم بثوابت السياسة المصرية بعدم التدخل فى شئون الدول بالإصرار على أن الشعب السورى وحده صاحب قرار اختيار حكامه فضلاً عن الالتزام الأخلاقى بإعادة بناء سوريا ورفع المعاناة عن شعبها.. الثوابت السابقة أعلنها الرئيس السيسى فى كل خطبه وتصريحاته وحواراته مع كافة القنوات ووكالات الأنباء والصحف الأجنبية والمحلية التى التقته وكذلك كانت تصريحات السيد سامح شكرى سواء منفرداً أو بالبيانات المشتركة مع وزراء خارجية عدد من الدول الصديقة على رأسها روسيا، بل وكذلك كانت تصريحات المتحدث باسم الخارجية المصرية كتابة بالبيانات وشفاهة بالتصريحات، ولذلك يفرض السؤال نفسه مجدداً.. ما الجديد فى الموقف المصرى بشأن سوريا لكى تغضب السعودية؟ هل هو فعلاً المشروع الروسى بمجلس الأمن الذى وافقت مصر عليه؟ وبعيداً عن أسئلة منطقية من عينة وما شأن السعودية بالأمر أصلاً.. لأننا من خلال هذه السطور نريد البحث عن فهم للموقف كله وتدارك الانزلاق نحو أزمة كبيرة بين البلدين.. ولذلك سنفترض اتصال السعودية بالأزمة السورية وسنتجاوز عن ثوابت أساسية فى العلاقات الدولية منها أنه ليس من حق أى دولة التدخل هكذا فى القرار المصرى.. فمصر من المؤكد لها أيضاً ملاحظات عديدة على السياسة السعودية، ولكنها لا يمكن أن تتورط بتصريحات مماثلة للمندوب السعودى بمجلس الأمن ولا لمسئولين سعوديين آخرين.. ولكن.. رغم ذلك نترك كل ذلك جانباً وكما قلنا لنحاول فهم ما يجرى. ولذا نعود للسؤال: لماذا الموقف السعودى الغاضب من مصر الآن تحديداً وبهذه الدرجة الحادة؟ وما الذى أعاد جمال خاشقجى الصحفى الإعلامى السعودى لواجهة المشهد ليستضيف أردوغان ويهاجم الأخير معه مصر؟ علماً بأن المقارنة بين حدود وسقف الإعلام المصرى تختلف تماماً عن حدود وسقف الإعلام السعودى والعاملين به.. فتجربة الانفتاح السياسى والإعلامى فى مصر قديمة وكبيرة ومعها نقف أمام دولة مرت بثورتين كانت الحرية فيهما مطلباً أساسياً بخلاف السعودية البلد المحافظ المتحفظ.. وبالتالى ففكرة أن «واحدة بواحدة» و«أنتم أيضاً عندكم إعلاميون يهاجموننا فلا تغضبوا إن هاجمكم إعلاميونا» هى فكرة غير دقيقة وغير صحيحة.. فالإعلام عندنا مثلاً يهاجم السيسى يومياً وهذا من غير المتصور حدوثه هناك.. وبالتالى فمسألة عودة «خاشقجى» الداعم لجماعة الإخوان والمعادى لثورة 30 يونيو، يضع علامة استفهام كبيرة ثم بعدها علامة استفهام أخرى بظهور الدكتور خالد التويجرى رئيس الديوان الملكى السابق وتوجيه عتاب علنى للرئيس السيسى للموقف المصرى.. ولمن لا يعرف فـ«التويجرى» له اتصالات واسعة بعدد كبير من المسئولين المصريين الكبار، وبالتالى كان يمكنه أن يكون واسطة خير وطرفاً فى تلطيف الأجواء وأن يكون عتابه سرياً.. وخصوصاً أنه هو نفسه «اتهم» فى السعودية ذات يوم من بعض الأطراف هناك بدعم مصر.. وكان الرجل فضلاً عن حبه لمصر ينفذ توجيهات الملك عبدالله رحمه الله.. وهنا.. وبعد التصريحات الحادة وقرار «أرامكو» وعودة «خاشقجى» وظهور «التويجرى» يجعل لسؤالنا الأساسى فى هذا المقال حيثية أكبر ونكرر: ما سر الموقف السعودى الآن من مصر رغم عدم وجود جديد فى الموقف المصرى؟ الإجابة المباشرة متصلة بما كتبناه هنا وفى ذات المساحة قبل شهر بعنوان «ممنوع من النشر» وتناول فى جزءين المؤامرة على السعودية.. وتأكدت سطور المقال بعد نشره بأيام بصدور قانون «جاستا» وقرار الكونجرس بمحاسبة المتسببين فى 11 سبتمبر، ولذلك نقول صراحة إنه إن كانت دوائر سعودية ترى أن التملص من التعاون مع مصر والتراجع فى توثيق العلاقات معها والتخلص من سياسات الملك الراحل عبدالله فى التعاون الشامل مع مصر من شأنه تخفيف الضغط الأمريكى على السعودية فهو واهم.. وهو مخطئ.. ويدفع السعودية إلى حافة الخطر.. خطر يبدأ بإفساد العلاقة مع مصر أولاً دون تراجع المخطط الأمريكى تجاه السعودية.. فالمنطقة كلها مطلوبة.. ومستهدفة.. مصر والسعودية على السواء.. وأموال السعودية مطلوبة أولاً.. فمن يتحكم فى أمريكا وبخلاف البعد الدينى فى خلفية المشهد، منظمات وجهات تمثل أبشع صور الرأسمالية إلى حد يمكن وصف سلوكها بأنه سلوك عصابات وبما تعنيه الكلمة.. وكنا ننتظر أن تعيد السعودية النظر فى سياساتها فى سوريا وليبيا بدلاً من خسارة مصر بسببها..

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل