المحتوى الرئيسى

«علي ونينو» النموذج الثالث

10/11 00:49

«قربان سعيد» الاسم المذكور لمؤلف رواية «علي ونينو» على غلاف الرواية ليس حقيقياً. هذا لا يعني أن اسم المؤلف وكذلك سيرته معروفان. ليس «قربان سعيد» الاسم الوحيد الذي تسمى به المؤلف فقد ادعى اسما آخر هو «أسعد باشا». لقد عمّى على اسمه وعلى سيرته فمن هو «قربان سعيد». حظي قربان سعيد بسيرة ضخمة كتبها توم ريس الذي تتبع في أكثر من ستمئة صفحة حياة الرجل وسيرته وبالطبع دقق في اسمه. الاسم الحقيقي بالنسبة لتوم ريس هو «ليف نوبيسباوم» الذي لم يكن والده كما ادعى من بارونات الأرض المسلمين، بل كان بورجوازياً يهودياً أما أمه بيرتا سلرتزكي التي يشير اسمها إلى موطن عائلتها سلوتزك فقد كانت هي الأخرى يهودية تزوجت من والده الثري. تلك الأم التي تجاهلها ليف في مذكراته كانت شيوعية تعاونت مع ستالين الذي كان يومذاك يحمل اسم كوبا، وقد انتحرت في ما بعد بتناول الأسيد. إذن قربان سعيد لم يكن كما تدل روايته «علي ونينو» ابن إقطاعي أذربيجاني مسلم بل كان ابن يهوديين، وإن يكن كما يدل اسمه المتحول قد أسلم في ما بعد. لعل ليف نوبيسباوم قد عمل على تعمية اسمه وسيرته، وربما أدى موقفه من الشيوعية ومن ستالين الذي كتب عنه كتاباً إلى تجاهل أمه البلشفية.

رواية «علي ونينو» تحمل عنوانا آخر هو «قصة حب» والرواية هي فعلاً قصة حب بين علي خان المسلم الارستقراطي الذي يملك أبوه أراضي في أذربيجان وإيران، كما أن عمه قطب في بلاط الشاه الفارسي، وبين نينو المسيحية المنحدرة من أحد ملوك الصناعة في باكو عاصمة أذربيجان. كانت أذربيجان يومها وهي تتوسط الشرق والغرب البلد الأول الذي انفجرت فيه آبار النفط ما حوله إلى مركز للثراء السريع والأثرياء الجدد. كما أنه كان بلداً مختلطاً متعدداً يعيش فيه المسلمون الشيعة إلى جانب الأرمن المسيحيين إلى جانب الزرداشتيين الفرس. بلد كهذا كان مركزاً للانفتاح والتسامح الديني والاختلاط والحرية الشخصية، الأمر الذي تمكن ملاحظاته في الرواية التي لا تروي قصة حب علي المسلم ونينو المسيحية فحسب، بل زواجهما بمباركة الأهل الذين ترددوا قليلاً قبل أن يمنحوا العاشقين بركتهم. يمكننا أن نعاين هنا قوة شخصية نينو والحرية التي تتمتع بها. لكن الحرب تندلع حول أذربيجان، إنها الحرب العالمية الأولى. يسافر علي وزوجته إلى طهران حيث يستقبلهما عمه ذو الحظوة في البلاط الفارسي، لكن فارس غير أذربيجان فهنا لا تتمتع المرأة بالحرية التي تتوفر لها في أذربيجان. انها هنا حبيسة نقابها ومنزلها. الأمر الذي لم تعشه نينو المتمردة الجريئة، لذا تمضي أوقاتها في طهران ساخطة باكية ثائرة وتتهدد بذلك علاقتها بعلي، فهي تريد مغادرة طهران إلى بلد أوروبي، الأمر الذي لم يكن علي يطيقه فهو لا يحتمل الحياة في أوروبا ويفضل عليها آسيا لكن من النمط الأذري. يعود علي ونينو إلى أذربيجان لكن الهدوء المؤقت الذي تنعم به أذربيجان لا يلبث أن يهتز، فثراء البلد وتعدده يغريان الشيوعيين من ناحية، والقيصريين من ناحية أخرى وتغدو أذربيجان فريسة لهما. عند ذلك يجازف علي فيرسل نينو إلى تفليس في جيورجيا التي كانت آمنة حتى ذلك الحين. ويبقى هو في باكو ليكون بين المدافعين عنها.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل