مجلس العبث التجريبى | المصري اليوم

لم يحدث فى تاريخ البرلمان أن أفلتت قوى الطيش واللامعقول من زمام العقل كما يحدث اليوم بهذا الشكل الفج، كل خطوة على طريق الشطط فى الواقع، هى خطوة على طريق الدمار، نواب يستخفون بنا بسخرية واضحة، بأى عدسة ينظرون إلينا؟ إنها عدسة مغبشة بالغبار، محدّبة أو مقعرة، عدسة ترى رغبات طموحات الناس وأشواقها.

البرلمان هو المؤسسة التى يتم التعبير من خلالها عن إرادة الشعب، لذلك فالوظائف التى ينبغى أن تندرج ضمن مهامه تتمثل فى دوره التشريعى والرقابى على أداء السلطة التنفيذية وسياساتها، والقدرة على تمثيل طوائف الشعب المختلفة، وإمكانية الإعلان عن الخيارات المتاحة أمام واضعى السياسات والمشكلات التى تواجههم والمساعدة فى توعية الشعب بذلك، الاهتمام الخاص بحماية وتشجيع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والحقوق المدنية والسياسية، والاستماع إلى المظالم ورفعها عن المظلومين.

هذا فضلا عن الشفافية التى يجب أن توجد، وسهولة الاتصال بينه وبين الجميع بالشكل المباشر بين المواطنين ونوابهم، كذلك أن يكون خاضعا للمساءلة من قبل الناخبين، وأن يكون فعالا على المستويين الوطنى والدولى. وأن يكون وثيق الإيمان بالالتزام والمسؤولية.

فهل يفهم النواب جميعهم ذلك؟

ها هو أحد النواب يوجه تصريحا إلى «بان كى مون»، الأمين العام للأمم المتحدة، قائلا: «أنا بحذرك أهه، ابعد عن مصر، والله ابعتلك 100 واحد من كرداسة».

ويصرّح آخر: «أى بنت تدخل الجامعة لازم نوقع عليها الكشف الطبى لإثبات أنها آنسة»، وذلك من أجل القضاء على ظاهرة انتشار الزواج العرفى فى مصر. وقد صرّح من قبل عن موقفه الرافض من ختان الإناث، لأن رجال مصر يعانون من الضعف الجنسى ويأتى تصريح عضو لجنة الصحة قائلا: «إن ترك الأنثى بلا ختان خطأ، حيث يتسبب فى إثارة جنسية ومشاكل صحية».

وبعد أيام من تصريح كشف العذرية يصرح زميل له: «سأطالب خلال مقترحى الجديد بتوقيع الكشف الطبى على الفتيات، الجامعات مليانة تجارة مخدرات ودعارة، فعلشان نحافظ على الدولة وعلى ولادنا وميبقاش فيه عاهرات، يبقى لازم يكون فيه كشف طبى»، وهاجم أحدهم د. نوال السعداوى، مشيرًا إلى أنها أداة من أدوات اللوبى الغربى الصهيونى، وأنها سرطان فى المجتمع المصرى «أى أحد يسىء للثوابت الأخلاقية فى مصر سيواجه بالعنف، مادامت الدولة مترهلة فى اتخاذ موقف حاسم ضد أمثالها».

وأشار نائب آخر إلى أن المواطنين قادرون على تدبير أمورهم بجنيه واحد فقط، الجنيه يكفى لوجبة الفطور، ويجب على المواطنين اتباع سياسة التقشف، وأن يقدموا دعمهم الاقتصادى لبلادهم فمصر هى البلد الوحيد الذى يقدم 20 رغيفا بقيمة جنيه واحد فقط.

لم يهتم هؤلاء النواب بمناقشة قضايا فساد القمح ومافيا احتكار السكر والأرز، وعواقب قانون القيمة المضافة على الفقراء، لم يشغلوا أنفسهم بقرار تعويم الجنيه وارتفاع سعر الدولار. والعنف المسلط على النساء ومعاناة المرأة المعيلة وقضايا الصحة والتعليم والعدالة الاجتماعية.