المحتوى الرئيسى

لماذا نشد الحبال حول أعناقنا ؟!

10/10 16:51

اقرأ أيضا: فضيحة الموقف المصري في مجلس الأمن ! رسالة من سجن برج العرب الانتخابات المغربية واختبار عربي مهم وتاريخي حافظ سلامة .. الشعب يحمي الجيش والوطن من نصر أكتوبر العظيم إلى جهادنا الأكبر

خبران بالغا السوء للسياسة الخارجية المصرية هذا اليوم ، لأنهما يتعلقان بأخطر مصادر الحياة بالنسبة للشعب المصري وليس فقط بالنسبة للحكومة أو النظام السياسي ، الخبر الأول يتعلق باتهامات اثيوبية رسمية لمصر بالتورط في دعم أنشطة إرهابية مسلحة على الأراضي الأثيوبية مما يتسبب في زعزعة الاستقرار بالبلاد ، والخبر الثاني يتحدث عن قرار شركة النفط السعودية "أرامكو" وقف إمداد مصر بشحنات البنزين شبه المجاني .

الماء والوقود هما دعامة الحياة لمصر الآن ، ويفترض أن تكون لهما الأولوية القصوى عند صاحب القرار للحفاظ على المصادر باعتبارها صميم الأمن القومي المصري حاليا ، ولكن الذي يجري الآن من مواقف وسياسات يجعلنا نضرب كفا بكف من مدى الاستهتار بتلك الملفات واتخاذ مواقف لا تخدم هذه المصالح الحيوية بل تدمرها .

أمس تحدثت عن الموقف المصري في مجلس الأمن والذي خذل المملكة العربية السعودية ، الحليف الأهم للنظام المصري الحالي ، وللسيسي شخصيا ، وفي موقف يعتبر له طابع رمزي ليس أكثر ، من خلال التصويت أو عدم التصويت تنسيقا مع الموقف الخليجي في أزمة سوريا ، خاصة وأنه موقف أخلاقي وإنساني في هذه الحالة ، بغض النظر عن اتفاقك أو اختلافك مع السياسات الخليجية الأخرى ، فالقرار كان يهدف لحماية دماء الأطفال والنساء ومدينة حلب التي تدمر يوميا وعلى مدار الساعة بالغارات الروسية الوحشية ، ورأيك في مجلس الأمن لم يكن يقدم أو يؤخر ، ولكن "الحكمة السياسية" جعلت مصر تصوت لصالح مشروع القرار الروسي ، ضد السعودية والخليج العربي كله ، بل وضد أمريكا وفرنسا وبريطانيا وخمس دول أخرى ، أي أن مصر مع دولتين اثنتين فقط صوتت لصالح مشروع مرفوض بشبه الإجماع عالميا ، ما الذي دعاك لتلك الحماقة الديبلوماسية ؟ لا تجد أي إجابة ، سوى "خرابيط" قالها مسئول مصري محاولا تبرير الموقف المخزي ، والحقيقة أن هذا الموقف أتى في سياق حزمة مواقف أخرى شعرت معها السعودية أن مصر ليست جادة في التحالف الاستراتيجي معها ، وأنها تسمع معسول الكلام دون أي مواقف عملية ، ولذلك لم يكن من المفاجئ لي أن أقرأ اليوم الخبر الذي تناقلته وكالات الأنباء عن مسئول مصري أن شركة "أرامكو" أبلغت مصر بتوقف ضخ شحنات البنزين ، والتي كانت تمثل إنقاذا حقيقيا للحكومة المصرية من كارثة فقدان الوقود ، ويكفي أن نتذكر أن طوابير السيارات الذي لم ينته أمام المحطات بحثا عن "لتر" بنزين ، كان أحد الأسباب التي أدت لانهيار حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي لأنها فعلت الغضب الشعبي عليه وزادت حدته .

الحكومة المصرية الآن في ورطة ، وطلبت على وجه السرعة عروضا دولية للحصول على البنزين في أسرع وقت لتغطية النقص الخطير المتوقع ، إذا فشلت محاولات "تطييب الخاطر" مع السعودية ، وستقوم الحكومة بالبحث عن "الدولارات" اللازمة لاستيراد النفط ، وهي غير موجودة ، فستبحث عن الاستدانة أو المخاطرة باستخدام الاحتياط النقدي ، يعني أدخلت نفسك في دوامة مجانية واعتباطية ، وعرضت شعبك لكارثة حقيقية في مجال الطاقة الحيوية والتي تؤثر في كل تفاصيل حياته وحتى أكل عيشه لأن كل الأسعار تتصل بأسعار الوقود ، من أجل مجاملة بوتين ، وحماية نظام بشار الأسد الإجرامي .

الخبر الآخر يتعلق بما أعلنه المتحدث الرسمي للحكومة الأثيوبية عن اتهامه لمصر بدعم عناصر مسلحة إرهابية معارضة في أثيوبيا ، وجاء هذا الخبر بعد يوم واحد من تصريحات وردية للخارجية المصرية تنفي فيها توتر العلاقات مع أثيوبيا وتؤكد على "متانة" العلاقات بين البلدين ، وأن الخارجية الأثيوبية عندما استدعت السفير المصري هذا الأسبوع إنما كان في إطار العلاقات الودية بين البلدين ، وكلام سخيف من تلك النوعية التي لا تحترم شعبها ولا الرأي العام ، وتشعر معها أن الخارجية المصرية تعيش بخيال وأدوات ما قبل الحرب العالمية الأولى ! ، ولم يمض سوى سواد الليل فقط على كلام الخارجية المصرية ليصدر في الصباح بيان المتحدث "الرسمي" للحكومة الأثيوبية يدين مصر ويتهمها بدعم أعمال مسلحة وإرهابية على أراضيه ، وإن كان المتحدث لم يحمل الحكومة مباشرة مسئولية القرار عن هذا الأمر ، ربما باعتبار أنهم أرادوا أن يرسلوا رسالة أولية لمصر بأننا نرى ما تفعلونه ، خاصة وأن البيان تحدث عن أدلة كافية للاتهامات .

العلاقات مع أثيوبيا شديدة الحساسية هي الأخرى لأنها تتعلق بمياه النيل ، ومنبعه الأهم هناك ، والأمور معقدة معهم الآن بسبب سد النهضة ، والديبلوماسية المصرية فشلت تماما طوال السنوات الماضية في متابعة ملفه أو حماية المصالح الحيوية المصرية منذ البداية ، ولم تفق من غيبوبتها إلا بعد أن أوشك السد على الانتهاء ، وأرجو أن لا يكون "البعض" بعد خراب مالطة ، يحاول أن يعالج الحريق الكامن تحت الرماد بصب المزيد من النار أو اللعب بالنار ، فالأمور هنا شديدة الحساسية ، وقد تضعك في النهاية أمام خيار الحرب .

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل