المحتوى الرئيسى

أوليفرستون: أمريكا بين الكوليرا والطاعون | المصري اليوم

10/10 02:39

في عام 1986 عرض المخرج الأمريكى المتميز اوليفر ستون، فيلمه «سلفادور» الذي يوضح تورط أمريكا في الحرب الأهلية بالسلفادور إبان حكم الرئيس الأمريكى رونالد ريجان، وكيف اختارت واشنطن الوقوف مع النظام القمعى الدموى لأنه كان يعادى الشيوعية التي تمثلها وقتذاك جبهة تحرير فاراباندو مارتي. كان ريجان يخشى من المد الأحمر في الفناء الخلفى للولايات المتحدة، لذلك دعم السلفادور وحدها بمساعدات عسكرية وصلت إلى 3 مليار دولار وهو رقم ضخم للغاية بالنسبة لدولة صغيرة في حجم السلفادور، وشاركت قوات أمريكية في تدريب القوات الحكومية وأيضا في طلعات جوية ضد جبهة التحرير.

الفيلم يستحق المشاهدة أكثر من مرة، فالتفاصيل كثيرة، وتشابك الأحداث يوضح كيف تشتعل الحروب الأهلية وكيف يمكن للدول الكبرى أن تؤثر على سير الاحداث، فقد أظهر الفيلم دور أمريكا في تدريب فرق القتل التابعة للقوات الحكومية السلفادورية، والتى قامت بأعمال قتل وتخريب وإخفاء قسرى للمعارضين، وهو ما يكشف لنا جانبا من الدمار والخراب الذي حدث في لبنان والعراق، ويحدث الآن في سورية وليبيا، وكيف يتقاتل أبناء الشعب الواحد، وكيف يذهب الآف الأبرياء ضحايا لصراع مجنون من أجل السلطة ومصالح الكبار.

المشهد الأخير من فيلم «سلفادور» يلخص معاناة النازحين من بلادهم للنجاة بأرواحهم، هؤلاء الذين يتركون الماضى والذكريات للبحث عن مستقبل، غاية أملهم البقاء على قيد الحياة، وهى تتمثل في ماريا، سيدة سلفادورية شابة وفقيرة يحبها الأمريكى ريتشارد بويل وهو شخص مدعى يعمل صحفى بالقطعة، ينجح في أن يزور لها اوراق خروج هي وطفلاها من السلفادور ويعدها بحياة طيبة في كاليفورنيا، لكن أمريكا تغلق أبوابها دونها، حيث يتم القبض عليها من قبل مفتشى الهجرة غير الشرعية ويتم ترحيلها، أمريكا التي حولت حياتها إلى جحيم في بلدها الأم، تغلق امامها أبواب الرحمة والأمل، مثلما يحدث الآن مع مهاجري البلادة المنكوبة الذين يفضلون مغادرة اوطانهم في زوارق الموت على البقاء فيه.

«سلفادور»، أحد أفلام المخرج اوليفر ستون الذي يفضح فيها سياسات إدارة بلاده، آخرها فيلمه «سنودن» الذي يسير فيه على نفس النهج، فهو صاحب مشروع سينمائى بتوجه سياسى، اوليفر ستون صاحب ثلاث جوائز اوسكار، وهو ليس مخرجا فقط لكن ينطبق عليه صفة صانع أفلام فهو مخرج ومصور وكاتب سيناريو ومنتج، له مواقف سياسية واضحة من الإدارة الأمريكية وايضا من القضية الفلسطينية، ولقد شاهدت له مؤخرا فيديو على أحد مواقع الأخبار الفرنسية، وهو حوار اجراه مع راديو وتليفزيون سويسرا RTS، تحدث فيه عن رأيه في مرشحى الرئاسة الأمريكية: هيلارى كلينتون ودونالد ترامب، واصفا الاختيار بينهما بأنه مفاضلة بين الكوليرا والطاعون، ووصف هيلارى بمجنونة حرب، فهى تكن تقديرا كبيرا للعسكريين، وان ترامب في طريقه إلى الحرب، وفى عهدهما لن ينعم العالم بالسلام، وتحدث اوليفر ستون عن فرص هيلارى الكبيرة في الفوز بالرغم من كراهية الشعب الامريكى لها، فهى مصطنعة وكاذبة، ولكن في المقابل ترامب كارثة.

أمريكا العظمى تقف في نفس المربع الذي وقفنا فيه من قبل حين كان علينا ان نختار بين مرسى ممثل الإخوان وشفيق ممثل نظام مبارك، وكان يتردد على الالسنة وقتذاك تعبير الاختيار بين السيئ والأسوأ، كان تصورنا أننا وحدنا نعيش هذا المأزق بسبب تجريف عهد مبارك لكل الكفاءات المصرية واستبعادها، وأننا لا نمتلك أحزابا قوية لها كوادر شعبية قادرة على المنافسة باستثناء حزب السلطة إذا دخلت اللعبة، كما في حالة الحزب الوطنى المنحل، وتنظيم جماعة الإخوان المسلمين التي تحولت لفترة عابرة وغامضة إلى حزب شرعي باسم «الحرية والعدالة»، أما في أمريكا بلد الديمقراطية (كما تحب أن تصف نفسها دائما)، فلابد أن نفكر في هذا السؤال المدوي الذي يتردد الآن بقوة داخل أمريكا وفي أنحاء العالم أيضا: كيف انتهى السباق الرئاسى بالمفاضلة بين (الكوليرا والطاعون) على حد قول أوليفرستون.

كيف يصل أمثال كلينتون وترامب إلى النهائى في أمريكا، ويسبقان من هم أفضل منهما بكثير؟

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل