المحتوى الرئيسى

«مقتل كمال».. هل توحدت أهداف الأمن مع جبهة محمود عزت؟

10/09 17:11

استمر انقسام الجماعة إلى جبهتين يعمل كل منها بشكل منفصل حتى مقتل محمد كمال الأسبوع الماضي

بشكل واضح ظهر الانقسام الذي أصاب جماعة الإخوان أثناء صلاة الغائب على محمد كمال، عضو مكتب الإرشاد، والذي قتلته الشرطة المصرية منذ أيام مع قيادي إخواني آخر يدعى ياسر شحاتة، وذلك بعد تبادل إطلاق النار بين الطرفين عند إلقاء القبض عليهما في شقة بمنطقة البساتين، بحسب ما ذكرته وزارة الداخلية.

فبعد انتهاء صلاة الغائب على كمال في مسجد الفاتح بتركيا، تجاهل مقدم الكلمات وجود محمود حسين، الأمين العام لجماعة الإخوان، وأعلن حسب فيديو نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، عن إلقاء أحمد عبد الرحمن، رئيس المكتب الاداري للإخوان بالخارج، لكلمة، فانصرف حسين غاضبًا.

ويرجع الخلاف بينهما إلى أن أحمد عبد الرحمن يمثل جبهة معارضة لجبهة محمود حسين، إذ يحسب عبد الرحمن على تيار محمد كمال الذي «يرفض الحل السياسي قبل العمل على الأرض ومواجهة النظام والتخلي عن السلمية»، لكن حسين يؤيد تيار محمود عزت، القائم بأعمال المرشد العام، والذي يتبع ما يسمى بـ«السياسة التقليدية والقديمة لإدارة الجماعة».

وتردد أن محمود حسين تعرض إلى بعض «الكلمات الاستفزازية» أثناء حضوره الصلاة من جانب الجبهة المعارضة، حيث قال له بعضهم: «أنتوا تقتلوا القتيل وتمشوا في جنازته»، ذلك في إشارة إلى أن حسين ومحمود عزت قاما بالوشاية على مكان محمد كمال للأمن في مصر للقبض عليه.

 علامات استفهام حول مقتل محمد كمال

كمال، البالغ من العمر 61 عامًا، هو أحد أهم المطلوبين أمنيًا لدى السلطات المصرية، فكان محكومًا عليه بالسجن المؤبد في قضية «تشكيل مجموعات مسلحة للقيام بعمليات عدائية ضد مؤسسات الدولة» العام الماضي، وقضية «تفجير عبوة خلف قسم ثان أسيوط» هذا العام، باﻹضافة إلى كونه مطلوبًا في العديد من القضايا اﻷخرى مثل اغتيال النائب العام، واغتيال العقيد وائل طاحون، وتشكيل تنظيم مسلح يستهدف ضباط الشرطة والجيش.

كما أنه كان يدير لجنة إدارة الأزمة التي شكلها مجلس شورى الإخوان في فبراير 2014، وعُرفت باسم «لجنة فبراير»، وتضم القيادات اللذين لم يتم القبض عليهم عقب فض اعتصام رابعة، ثم شكل المجلس في 2015 «لجنة إدارة الأزمات الثانية»، التي قام محمود عزت بتعيين أحمد عبد الرحمن رئيسًا لها بدلًا من محمد كمال، على أن يكون عزت هو المشرف العام.

رغم ذلك لم يلق الأمن القبض على كمال طوال الـ3 سنوات الماضية، لذا كان توقيت مقتله بعد إعلان القبض عليه من جانب وزارة الداخلية يثير علامات الاستفهام، مع استبعاد احتمالية قدرته على الاختفاء طيلة هذه الفترة، ما دفع إلى ظهور أقاويل تفيد بأن لجبهة محمود عزت المعارضة له يد في ذلك للتخلص منه.

دعم من هذا الرأي تصاعد الخلافات بين الطرفين في مايو الماضي بعدما أعلن إبراهيم منير، نائب المرشد العام وأمين سر المكتب الدولي في لندن، وأحد أبرز رموز جبهة محمود عزت، قرارًا بتجميد عضوية عدد من قيادات الجماعة المحسوبين على جناح كمال، وعلى رأسهم وزير التعاون الدولي الأسبق، عمرو دراج، ووزير الاستثمار الأسبق، يحيى حامد، ومسئول المكتب الإداري للجماعة بالخارج، أحمد عبد الرحمن، وعضو مجلس شورى الجماعة، علي بطيخ، ورئيس لجنة الدفاع والأمن القومي السابق بمجلس الشورى، رضا فهمي.

هذا القرار كان بسبب إطلاق بعض أعضاء الجماعة حملة جمع توقيعات على وثيقة حملت عنوان «على بصيرة»، أعلنوا فيها دعمهم لـ"خارطة طريق" اقترحتها جبهة محمد كمال، تتضمن إعادة انتخاب كل المؤسسات التنفيذية في الجماعة، والبدء في مناقشة مشروع اللائحة المقترحة الجديدة، فيما عرف بالتأسيس الثالث للجماعة.

كما شملت "خارطة الطريق" دعوة كافة القيادات الحالية للتراجع وإتاحة الفرصة لوجوه قيادية شابة جديدة، وإجراء انتخابات شاملة وفق اللائحة القديمة بكل مكاتب الجمهورية، وتأجيل اعتماد اللائحة العامة الجديدة للجماعة حتى يتم انعقاد مجلس الشورى العام الجديد للجماعة، وانتخاب مسؤولي القطاعات الجغرافية السبعة الرئيسية بنهاية الأسبوع الأول من يونيو، ليقوموا بتشكيل لجنة جديدة للإدارة.

وتقوم اللجنة الإدارية الحالية بتسليم ما لديها من ملفات ومشروعات مثل اللائحة، والرؤية والتغيير وغيرهما إلى اللجنة الجديدة في أول اجتماع لها بعد انتخاب رئيس لها.

بعدها أعلن كمال استقالته من كافة مسؤولياته الإدارية داخل الجماعة، وعدم ترشحه في أي موقع تنفيذي مستقبلًا، داعيًا قيادات المراحل السابقة لاتخاذ خطوة مماثلة، حتى يتم تسليم السلطة لغيرهم من القيادات الشابة.

ورد كمال على قرار تجميد عضويته في الجماعة من خلال بيان نفى فيه أن يكون للإخوان أي مكاتب في لندن، معتبرًا أن أي قرار يصدر عن هذا المكتب لا يعبر عن الجماعة ومنهجها وتوجهاتها، وذكر بيانه أن الجهة الوحيدة المفوضة للحديث باسم إخوان مصر هو مكتب الإخوان المسلمين بالخارج برئاسة الدكتور أحمد عبد الرحمن.

واستمر انقسام الجماعة إلى جبهتين يعمل كل منها بشكل مستقل عن الآخر حتى مقتل محمد كمال الأسبوع الماضي.

يرى سامح عيد، القيادي المنشق عن جماعة الإخوان، والباحث في شئون الجامعات الإسلامية، أن محمد كمال كان يستحوذ على نسبة من شباب الإخوان، وأغلبهم ليسوا تنظيمين، ويرفضون فكرة «السمع والطاعة» التي يتبعها محمود عزت ومن معه.

وقال عيد لـ«التحرير» إن هناك شواهد تدل على أن رؤية جبهة محمود عزت متوافقة مع الأمن في المرحلة الحالية، إذ سمحت السلطات الأمنية في عدة محافظات لبعض الأعضاء في المكاتب الإدارية بتنظيم "اجتماعات أُسر" بالتأكيد تحت المراقبة، كما بدأ الإفراج عن بعض المقبوض عليهم في قضايا تظاهر الجماعة، لأن السلطة شعرت بالعبء، نظرًا لأعداد المسجونين الكبيرة وتكلفة وصعوبة تأمينهم في المحاكمات.

وأوضح أن الأجهزة الأمنية ستتقبل نسبيًا وجود بعض الإخوان في مصر، والسماح لهم بالقيام بأنشطة محدودة، ذلك لأنها تختار بين «السيء والأسوأ»، بمعنى أنها لا تريد أن يتحولوا إلى جماعات عنف كما كان يدعو محمد كمال أو مثل حركة «حسم» وغيرهم. 

وأشار عيد إلى أنه من الممكن أن يكون هناك اتصالات بين بعض المسؤولين ومحمود عزت عن طريق غير مباشر، لكن لا يمكن الإفصاح عن ذلك، مستشهدًا بما حدث في 2011 حين عُرفت «الصفقة» التي كانت بين جماعة الإخوان والأمن في انتخابات 2005، حيث أعطوا لهم 88 مقعدًا في مقابل 100 مقعد لجميع الأحزاب الأخرى والمستقلين.  

في سياق متصل، اتفق الكاتب والمفكر الفرنسي، آلان جريش، مع هذا التوقع، وقال في حواره مع «هافينغتون بوست عربي» على هامش زيارته الأخيرة للقاهرة، أن النظام المصري ربما يضطر إلى توسيع قواعد اللعبة قليلًا وفتحها ولو إلى حين، بإجراء حوار مع جزء من جماعة الإخوان، لاحتواء الأزمة السياسية التي أدخلت مصر في نفقٍ مظلم منذ عزل محمد مرسي في 2013.

محمود عزت القائم بأعمال المرشد العام

مجدي شلش، عضو اللجنة الإدارية العليا للإخوان، وصديق كمال، تحدث لقناة «مكملين» الإخوانية التي يتم بثها من تركيا، وقال إن محمد كمال الذي كان أستاذًا للطب في جامعة أسيوط هو من جمع شمل ما تبقى من الإخوان بعد فض رابعة، وأدار لجنة الأزمات بطريقة مؤسسية وتحمل كل الأعباء. 

وأضاف شلش أن «كمال أدرك الدور الثوري الذي تطلبه المرحلة لعودة الشرعية، وزيادة الثقة في المشروع الإسلامي، وأن ذلك لن يحدث بالتجمع الكبير إنما بوجود من يدافع عنه بالقوة وبالتعامل المباشر مع مفاصل النظام ليسقط من خلال خطة أعدها كمال وهى الإنهاك والإرباك والإفشال، وهو ما أحدث فيه نجاحًا نسبيًا في 25 يناير 2015، فما تركنا شارع إلا وتواجدنا فيه، وما تركنا مؤسسة إلا وكان لها فيها بصمة، وكنت أتابع من الغرفة المركزية لإدارة العمل الثوري، وكان المستهدف إسقاط النظام في 25 يناير 2016». 

وعن اختلاف هذا النهج عن قول المرشد العام للجماعة، محمد بديع، «سلميتنا أقوى من الرصاص»، عقب شلش قائلًا:«هذا ليس قرآنًا، أو ثابتًا من الثوابت، لكن مع احترمنا للمرشد، فمن الحنكة أن تغير السياسة حسب ما تطلبه المرحلة». 

وأوضح شلش أن محمود عزت، القائم بأعمال المرشد، غائب عن المشهد تمامًا من قبل فض اعتصام رابعة، ويصدر للجنة الإدارية قرارات فردية دون أن يحضر أي اجتماع أو يناقشهم.

الدكتور كمال الهلباوي، الكاتب والعضو المنشق عن الأخوان، لم يرد أن يعلق على تفاصيل «ليس على دراية بها»، لكنه قال إن الخلافات والصراع بين أعضاء جماعة الإخوان على المال والعلاقات الخارجية والرغبة في السيطرة ليس جديدًا، لكن - بحسب قوله - « في كل الأحوال هم انتهوا ولن يعودوا مرة أخرى مهما فعلوا».

وكانت وزارة الداخلية أعلنت الثلاثاء الماضي، إنها داهمت شقة سكنية في حي البساتين بالقاهرة بعدما تلقت معلومات تفيد بأن قياديين إخوانيين يستخدمونها مقرًا لهما، وقبضت عليهما، ثم أعلنت مقتلهما بعد تبادل إطلاق النار.

في المقابل، وصف بيان لجماعة الإخوان، نشر على صفحتها على فيسبوك، مقتل كمال بأنه «اغتيال»، وأن السلطات أعلنت القبض عليه وبعدها بساعات أعلنت أنهم قتلوه.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل