المحتوى الرئيسى

شاهد ... أسرار "سعد خميس" جندي مجهول شارك فى نصر اكتوبر.. من الجنود المنسيين

10/09 15:18

"جنود الحرب جميعهم مصابون" حتي الجندي الذي خرج بدون اصابة بدنية، فهو لدية شئ عالق فى ذاكرته، ذكرى لاقرب صديق له اثناء إستشهاده، او مصاب بسبب قذيفة، ذكريات طبيعيه لجندى شارك فى الحرب يفتخر بها على مر السنين، فى يوم السادس من أكتوبر ..

سعد خميس، يبلغ من العمر 66 عام، رب أسرة، يراه الجميع كـ "ميكانيكي" سيارات مُعتاد يقف وسط محله بحلوانِ، أما في قرارة نفسه، فهو مازال جُندي في فرقة نجدة مدرعات الجيش، يحمل السلاح بيده ويرتدي الملابس الحربية صاعدًا على تلال العدو وبداخله العزم على إستعادة أرض الوطن من جديد.

يحمل فى عينية العديد من القصص عن حرب اكتوبر، مازال فى طنين اذنية صوت قائده، وهو يقول قبيل الحرب بعدة دقائق : "على جميع أفراد القوات المسلحة، شهادة أن لا إله إلا الله ، وشرب الماء"، وهنا تحولت الحرب المجهول موعدها، إلى أمرِ واقع لدى الجنود.

يتذكر خميس أن موعد الحرب كان مجهولا، وكُل ما قيل لهم عند إستدعاءهم وكُل التحركات الخاصة بالفرق الآخرى وحضورهم لمنطقة القنطرة شرق، كانت بسبب أنهم سيبدأون العمل بمشروعِ جديد في المنطقة.

اما طبيعة عمل "فرقة نجدة مدرعات الجيش" هو أن أي مُدرعة يُصيبها العطب أثناء العبور، فإنهم يحاولون اصلاحها، وإن عجزوا عن هذا فإنهم يقلبونها بالمياه، حتى لا تعوق حركة باقي المدرعات على الجسر، وما إن تبدأ المُدرعة بالتحرك خارج الجسر المائي، حتى تبدأ فرقة مدرعات الجيش بوضع بساط حديدي تسير عليه حتى لا تتحرك ببطء بسبب الرمال التي إختلطت بها المياة نتيجة لعملية هدم جدار بارليف.

ويضيف خميس ووجهه عليه حماس جندي فى الحرب، قبل الحرب بيومين، بدأوا الفرقة على إستخدام القناع الواقي من الغازات السامة، وقيل إنها مجرد إجراءات إحتياطية فحسب في حالة إستخدام إسرائيل الغازات ضدهم، وكُلما إقترب الموعد كانوا يحفزون الجنود معنويًا أكثر فأكثر .

و في يوم الحرب، أتى لهم عقيد مُصاب من حرب 1967، كان جسده ملئ بآثار العمليات الجراحية، وذكر أن إبنه قُتل بيد العدو في تلك الحرب، وأشار على شارع معين مُقابل للقناة قائلًا بأنه عاد به سيرًا على الأقدام حاملًا هزيمته على كتفيه، وطرح سؤالًا عليهم أشعل الدماء في عروقهم، " لو حاربنا إسرائيل دلوقتي، تقدروا تجيبوا لي حقي و تار ابني منهم؟ "، ووقتها لم يسمع هو صوته من فرط ما تعالت الأصوات بالإيجاب.

ورغم هذا الحماس، كانوا الجنود بداخلهم العديد من التساؤلات وهم ينظرون إلى خط بارليف، عن ما هو موجود بخلف الجدار، هل هي تجهيزات عسكرية على مستوى عالِ، أم مُجرد مستوطنات إسرائيلية، أم أنها مجرد صحراء شاسعة سيعاني الجنود فيها من العطش عند عبورهم، ولكن كان من المؤكد لديه، أن اليوم لن يمر إلا وهم بالضفة الآخرى لقناة السويس.

يقول سعد خميس، أن من المواقف التي لن ينساها، أن فرقة نجدة المدرعات كانت مُكلفه بإحضار مُدرعات العدو التي تم إصابتها، ومن المعروف لديهم أن تلك المدرعات يتم إحاطتها بألغام، لذا كان يتم الإستعانة بالمهندسين لتحديد مناطقهم، ولكن في ذلك الموقف كان اللغم مُخصصًا للأفراد، وليس للمدرعات، لذا ما إن بدأوا يتحركون فوقه حتى إنفجر بدوى مرعب، حتى أن زميله الذي يدعى فيصل أصابه الخوف مما جعله يختبئ ما بين أجزاء المُدرعة، وما إن إختفى التراب عن أعينهم، حتى بدأوا بالبحث عنه، وكُل ما يدور ببالهم، أنهم سيجدوا أجزاء منفصلة من جسد صديقهم مُتفرقة بالمكان، لذا كانت سعادة عارمة لهم عندما عثروا عليه دون أن يصيبه أذى.

الحرب بالنسبة له ولزملائه فى الفرقة، استعداد فى اي وقت لمقابلة الموت والشهادة، فهم كانوا يسيرون حاملون ارواحهم على كفوفهم فداء للوطن، مستعدين فى اية لحظة لتلقين زملائهم الشهادة أو أن يتم تلقينهم هم الشهادة .

لذا كانوا يواجهون الموت وجه لوجه، كانوا يسيرون بجانبه في المعركة وكأنه صديق عزيز، ويرحلون معه عندما يأتي موعدهم بكل شموخِ.

يتذكر خميس أن جندي أصابته شظية أثناء غارة مُفاجئة على المعسكر الخاص به، فصلت قدمه عن باقي جسده فى لحظة، فأصبح يتوسل لهم ليعطوا له رصاصة الرحمة، عوضًا عن أن يحيا مُعذب ما بقي من حياته، ومن اللحظات المؤثرة التي يذكرها، عندما عبروا للجانب الآخر من القناة ليكتشفوا أجساد لشهداء منذ حرب 1967 وهم مازالوا على هيئتهم التي لم تتحلل.

يتابع سعد، مشهد الحرب في هذه اللحظة، أن الشهيد كل ما يتغير به هو ذهاب الماء من عينيه، ولكن كل من يراه يظن أنه حي يُرزق ولكنه نائمًا فحسب، وكانت لذة النصر أن إستشهاد هؤلاء الأبطال لم يضع سدى.

يذكر خميس وجه امه، بعد عودته من الحرب، حيث كانت تجلس فوق الرمال ظنًا منها أن إبنها لن يعود إلى ذراعيها مرة اخرى، واللحظة التالية عندما غمرته بأحضانها بعد عودته إليها، كانت هذه اللحظة تزن العالم بأكمله بالنسبة له.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل