المحتوى الرئيسى

ثورة الغلابة!...* | المصري اليوم

10/08 23:27

يتفشى في بلادي القهر والمرض والفساد، كما تتفشى أوبئة أخرى من عينة: عزمي وعجينة وبكري ومخاليف، ورائد الإعجاز العلمي عبده كفتة.

في بلد كهذا، لا تسأل عن المنطق، فقد شنق نفسه على كوبري فيصل قبل سنوات، لما لم يستطع أن يجد له عيشاً في أرض الجشع والخطايا.

في وادينا الطيب الزاخر بالسفلة والأوغاد، صار «الكذب» هو «الحقيقة الرسمية الساطعة»، وصار «الخداع» هو «ماء الشرب» الذي تحرص الحكومات المتوالية على ضمان وصوله لمحدودي الدخل والفعل، وصار «الخوف» هو «الغذاء المجاني» الذي تقدمه السلطة بسخاء لرعاياها الموالين، وهي تحنو وتربت بعصاها الغليظة على مؤخرات القطيع.

أحدث الكذب، وأحقر الخداع، وأبشع الخوف، تروجه هذه الأيام فوهات الصرف الأمني، وتنتشر روائحه البغيضة على شاشات العفن، تحت مسمى رومانسي مثير للشجن: «ثورة الغلابة»..!

إنها ثورة من أرق.. فزاعة جديدة ومريبة، دعت إليها حركة مجهولة أطلق عليها الملفقون «حركة غلابة»، ووصفوا ثوارها بأنهم «جحافل الجياع»، وحددوا موعدا للثورة الغامضة اللقيطة في 11 نوفمبر 2016 (الموافق 28 نوفمبر 2014).

لا يوجد خطأ في التاريخ، ففي 28 نوفمبر (كما هو الآن في التاريخ الجديد الذي يهللون له) أطلق إعلام الأشلاء نفس الدعوة المريبة، فانتشرت في طول البلاد وعرضها قوات عسكرية ضخمة، وأغلق خير الأجناد ميدان التحرير بالدبابات، وبعد ساعات انكشفت الخدعة بلا خجل ولا تبرير، فقد أصدر «القضاء الشامخ» حكمه ببراءة مبارك وعصابته من تهمة قتل المتظاهرين في ثورة يناير، ولم تكن «ثورة 28 نوفمبر» إلا ذريعة لخطة تكميم العاصمة، وتكبيل ميدان التحرير، وتكسير أي محاولة للاعتراض على براءة رأس النظام المتخلي.. الأب الروحي للنظام الحالي. الممتد.. المنتشر.. المتوغل.. اللي بيفرد في 6 ساعات.

(مقتطف من مقال الخديعة الأولى)

28 نوفمبر يوم عادي لم يتوقف التاريخ عنده من قبل، هاهو اليوم يصرخ محتجا: «أنا هنا»، الكل يتواطأ لتدشينه كـ«يوم تاريخي»، بصرف النظر عن حقيقته، يسانده المصحف، كما تسانده البندقية، من أجل تدوين نفسه على صفحة في «فصل البكاء»، وهو كما قال نزار قباني: «ما بين فصل الخريف، وفصل الشتاءْ/ هنالكَ فَصْلُ أُسَمِّيهِ فصلَ البكاء/ تكون به النفسُ أقربَ من أيِّ وقتٍ مضى للسماءْ»، لكننا الآن أقرب ما يكون إلى كائنات زاحفة تحت الأرض، وفوق الأرض (يسير التاريخ في مارشات عسكرية/ يزأر في تجهم بالغ ولا ينظر خلفه).. الجند يأكلون لحم الشوارع والحارات، الترقب يحيل الحياة إلى ثكنات.. المحال ثكنات، المقاهي ثكنات، البيوت ثكنات، والطرقات....

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل