المحتوى الرئيسى

في حواره لـ«التحرير» كمال حبيب: الإخوان تشهد تصدعا رأسيا

10/08 22:55

** مقتل محمد كمال سيقلل موجة عنف التنظيم.. وتمسك الجماعة بالسلطة «توارى»

**  الإخوان مثل الدولة المصرية.. عاجزة عن تقديم أفكار جديدة واستيعاب الشباب

** الدولة تتعامل بمنطق «البطش» مع الإخوان وسينتج عنه بزوغ تيارات أكثر تشددًا

** الوضع السياسي أصبح غائمًا.. والنظام الحالي يعزز سياسة "الصوت الواحد"

** رئيس البرلمان يدافع عن الحكومة وتناسى أنه مسئول عن مراقبتها

** أويد التصالح مع الإخوان وفقا لشروط محددة.. ويجب أن نحمي الجماعة من نفسها

تحولات جذرية بدأت تشهدها جماعة الإخوان المسلمين مؤخرًا، وهو ما بدا واضحا في مشهد الانقسام والخلاف الذي دب بين صفوف قيادات جماعة الإخوان المسلمين أثناء حضورهم صلاة الغائب على محمد كمال عضو مكتب الإرشاد في مسجد الفاتح بتركيا، وذلك بعد تجاهل مقدم الكلمات في مسجد الفاتح بتركيا وجود محمود حسين وإعلانه عن أحمد عبدالرحمن وتعريفه بأنه مسئول مكتب الإخوان في الخارج، وهو ما فرض العديد من التساؤلات حول مستقبل جماعة الإخوان المسلمين وحقيقة إنهاء العنف بمقتل محمد كمال وإمكانية التصالح مع الإخوان في ظل المتغيرات الراهنة وغيرها من التساؤلات.

"التحرير" حاورت الدكتور كمال حبيب الخبير المتخصص في شئون الجماعات الإسلامية لسؤاله حول رؤيته لما يحدث داخل تنظيم جماعة الإخوان المسلمين.. وإلى نص الحوار:

**بداية..كيف تنظر إلى المشهد السياسي الراهن في ضوء المتغيرات الراهنة؟

من وجهة نظري الوضع السياسي حاليًا يبدو غائمًا، وأدلل على ذلك بأننا عدنا لنسأل أنفسنا نفس السؤال الذي كنا نقوله في عهد مبارك وهو: ما هو المستقبل وماذا عن خططنا؟، حيث أصبح السؤال يطرح مرة أخرى الآن، وأعتقد أن هذا الأمر يرجع إلى أن المؤسسات السياسية لا تؤدي دورها بكفاءة، بما يعني أن هناك برلمان، إلى حد كبير لا يناقش السياسة بقدر مناقشته في الجوانب المتعلقة ببعض القضايا الأخرى مثل قضية الخدمة المدنية، وكذلك الأحزاب السياسية لا تكاد ترى لها نشاطا وغائبة عن المشهد السياسي تماما.

كما لم أرَ الرئيس السيسي تقابل مع رؤساء أحزاب، بخلاف أن أي مجتمع يحتاج إلى قوى المجتمع المدني والجمعيات الأهلية وما يتعلق بالأنشطة الحقوقية ولكنها في مصر تواجه اتهامات بالعمالة والخيانة والتبعية للغرب، وغيرها من الأمور التي تدلل على ضبابية المشهد السياسي الراهن.

**البعض يرى أن النظام الحالي يحاول تغليب منطق "الصوت الواحد".. هل تتفق مع هذا الطرح؟

بالفعل، نحن أمام موجة تعزز فكرة "الصوت الواحد" جعلت الكثيرين يتوارون خوفا على أعراضهم أو أن تلاحقهم الاتهامات، وأعتقد أن تلك النزعة التي بدأت تتعزز في الآونة الأخيرة بدأت تتزايد بشكل واضح، بما يعني أن من ينتقد بدا وكأنه يتحدث خارج سياق الأمور، مثلما كان يسود إفريقيا في فترات الاستقلال الوطني وهي سياسة الصوت أو الحزب الواحد.

وأعتقد أن النظام الحالي عليه أن يدرك أن الوضع الآن أصبح مختلفا، ومصر كبيرة بإمكانيات شبابها ولابد أن نتعود على سماع الأصوات المختلفة، حتى نتعود على قبول الآخر الذي نتحدث عنه وعلى قواعد الحوار، وحتى يكون هناك أصوات مختلفة للأحزاب تستطيع أن تعبر عن طبقات وأفكار مختلفة، وكل هذا ينتج الديمقراطية التي نرجوها في مصر، لذلك ما أريد أن أؤكد عليه أن النظام الحالي يحاول تغليب فكرة الصوت الواحد حاليا، بما يعني أن شهادات بعض الذين كانوا في فترة من الفترات مع النظام، حول كيفية اختيار البرلمان وائتلاف دعم مصر؟ وكيف تعاملت بعض الجهات الرقابية بشكل بدا فيه أن الدولة لا تريد رقابة حقيقية على سلوكها، وأن رئيس البرلمان الدكتور علي عبدالعال يبدو كما لو كان مدافعا عن الحكومة ولا يعلم أنه ينبغي عليه مراقبته وسؤالها واستجوابها.

فضلا عن أن تصور الدولة أن امتلاك الإعلام والصحف وتأميم القوى الاجتماعية والسياسية سيقودنا إلى إدارة أفضل، وهو أمر خاطئ تماما، فالسياسة قائمة على فكرة الاختلاف والبرامج المختلفة وتدافع هذه البرامج لاختيار الجماهير أحد هذه البرامج، وبالتالي كل ذلك دلائل تشير إلى فكرة أن الدولة تعزز هذا السلوك وتؤيده بالفعل.

**ولكن البعض الآخر كان يرى في المقابل أن الدولة كانت بحاجة إلى قبضة قوية لمواجهة العمليات الإرهابية؟

بالرغم من كافة التحديات التي تواجهها الدولة، إلا أن فكرة اختصار الوطنية في رؤية واحدة وأن أي رؤية مختلفة تبدو وكأنها خيانة، تتنافى مع العالم المعاصر وروح الثورات وروح مصر في التعدد والتنوع، لأن مصر أكبر من أن تختصر في صوت واحد ورؤية واحدة ولابد من تعدد الأصوات، والواقع أن ثورتي 25 يناير و30 يونيو، كانتا من المفترض أن تعطي مساحات أكبر للشباب والمرأة وغيرها من القوى الباحثة عن الحرية، لذلك أريد أن أؤكد أن السياسة التي تنتهجها الدولة قد تصلح في معسكرات الجيش وليس لدولة.

** هل تتفق مع فكرة إمكانية اختفاء جماعة الإخوان من المشهد السياسي؟

مسألة اختفائهم ليست صحيحة، ولا أعتقد أنهم سيختفون في المستقبل، وأريد أن أوضح أن موضوع الإخوان معقد، لأن الإخوان يجري عليها السنن التي جرت على الحركات الاجتماعية وحتى الدول نفسها، بمعنى أنها تواجه أزمة الأن تتعلق بعدم قدرتها على تقديم أفكار جديدة، وعدم قدرتها على تكوين رؤية جديدة للتنظيم، وعدم قدرتها على استيعاب الشباب وسماع أصواتهم وكأنها تعاني نفس أزمات الدولة المصرية، وكأنهما صورتان في المرآة، وأريد أن أشير أن الإخوان لن  يستطيعوا أن يستمروا كما كانوا.

**البعض يرى أن الإخوان تشهد تصدعا حقيقيا وهو ما ظهر في صلاة الغائب على محمد كمال بتركيا، فهل تتفق مع هذا الطرح؟

بالفعل، جماعة الإخوان تشهد حاليا انقساما رأسيا من أعلى إلى أسفل، حول قضايا عديدة أهمها موضوع شكل إدارة الجماعة ولوائحها وشكلها والقيادات القديمة ومسئوليتها، بالإضافة إلى أن الجماعة حاليا تحاول اختيار جانب آخر فكري ينقلها من سياقات التيارات الإصلاحية إلى تيارات ذات طابع "خارجي" نسبة إلى الخوارج، التي تذهب للحكم على الناس بالتكفير وأفكار أقرب إلى السلفية الجهادية إلى اعتبار الشرطة والدولة وممثليها القضاه باعتبارهم طوائف ممتنعة يجوز قتلهم بناء على معايير لديهم، وهذا أمر خطير للغاية لأنهم يدعون أنهم ثوريين ولكن هذا الأمر يستخدم بمثابة غطاء لهم للانتقال إلى فكر ذات طابع سلفي جهادي مثل تنظيم القاعدة وداعش.

وأريد هنا أن أشير إلى أن الشيخ الهضيبي حينما ظهرت قضية التكفير في الستينات قال "نحن دعاة" ليقطع باب التكفير، وحفظ كلام الهضيبي الجماعة من أن تكون جماعة تكفيرية، وبالفعل الجماعة بدأت تتصدع حاليا.

**هل يعني ذلك أن الإخوان تحولت إلى نهج التكفير حاليا؟

بالفعل، الإخوان عادوا ليفتحوا من جديد باب التكفير، ويذهبون إلى ذلك حاليا، وحينما نسمع لمجدي شلش نجد أن الإخوان جماعة انفتحت بالفعل على التكفير لاسيما في ظل غياب المفكرين والمجتهدين وهو ما يجعلهم يستسهلون ويذهبون إلى السلفية الجهادية التي صنعت ما يشبه بفيضان ضخم على الإنترنت.

**البعض يرى أن مقتل محمد كمال سيُنهي عنف جماعة الإخوان..هل تتفق مع هذا الأمر؟

بالفعل، لاشك أن قتل محمد كمال وهروب أغلب قيادات المجموعات النوعية التي كانت تنفذ التعليمات إلى تركيا سيقلل من عنف الجماعة، خاصة أنه كما كان قد استقال قبل ذلك من اللجنة الإدارية وكانت استقالته تعبيرا عن انتصار التيار الآخر، والمشكلة الحقيقية أن التيار الذي كان يقوده محمد كمال ومجموعته لنقل الجماعة إلى التكفيرية لم يكن يمتلك الأدوات لا على المستوى الفكري والتنظيمي لأن الجماعة بطبيعتها أشخاص ينتمون للطبقات الوسطى وأقرب للتكيف منها للمواجهة وبالتالي هذا التيار فشل في هذا الأمر، والقيادات القديمة هي التي تسيطر حاليا على الجماعة والمكاتب الإدارية والتمويل.

**من وجهة نظرك كمتخصص أين تكمن مشكلة الإخوان الرئيسية؟

في اعتقادي، أن مشكلة الجماعة الحقيقية تكمن في أنها تحتاج إلى التجديد، ومشكلتها ان ليس بها مفكرين ولكن بها منظرين وهذه مشكلتها الحقيقية، وهؤلاء المنظرين دائما يحسنون التعامل مع الأشياء لكن عاجزون على التعامل مع الأفكار، وأستطيع أن أقول إن السياسة في التحليل النهائي لو نظر إليها على أنها مجرد شيء فأنت لا تحسن فهمها وتقودك في النهاية إلى مشكلة كبرى.

** وأين سيقف قطار الجماعة في ظل تلك المتغيرات التي تقرأها من مشهد الانقسام؟

أعتقد أن هذا المشهد نهايته أن المجموعات التي كان يقودها محمد كمال وأفكارها التي كان يريد الانتقال بها إلى جانب فكري آخر، يجب أن تنتهي، والتيار الذي يقوده محمود عزت والمجموعات القديمة يجب أن يسأل نفسه: هل هو قادر على أن يستجيب للمتغيرات الجديدة أم لا؟، ولكن أعتقد أن هذه قضية مشكوك فيها، والإخوان تواجه حاليا حالة خطر داهم قد تؤدي بها إلى الانتهاء.

**إذن هل تتوقع نهاية تنظيم الإخوان قريبا؟

لا أتوقع انتهاء الجماعة اليوم أو غدا على سبيل المثال، ولكن لدي عدة تساؤلات في هذا الإطار، أولها: هل سيستجيب التيار الحالي للسلطة الراهنة؟، وكيف سيستجيب لأسئلة الشباب والمجتمع المصري؟، وهل يستطيع أن ينتقل إلى حزب سياسي بعيدا عن الخلط بين الدعوي والسياسة؟، وهل سيتقبل الشعب هذا التغير وينخرط الإخوان في المجتمع؟.

وأريد أن أشير إلى أنه تجري حاليا تحولات في عدد من البلدان العربية من بينها المغرب وتونس والأردن، وأؤكد من واقع رؤيتي أن الجماعة لن تبقى كما كانت وستأخذ شكلا جديدا عن الجماعة التي أسسها البنا وعرفها بأنها جماعة شاملة وطريقة سنية وجماعة رياضية صوفية، ولن تعود الجماعة بشكل القديم مرة أخرى، ولكن يجب أن أقول إن السياسة لايوجد بها مستحيل ولكن في النهاية تبقى قدرتك على الاجتهاد.

**وهل ترى أن تمسك بعض المنتمين للجماعة بفكرة السلطة والشرعية بدأ يختفي؟

بالفعل، أرى أن تمسك الجماعة بالسلطة بدأ يتوارى، خاصة أن التيار الذي كان يقوده محمد كمال قبل تصفيته كان يتمسك طوال الوقت بفكرة بالشرعية وعودة مرسي، وهذا الكلام كان يشبه معاندته للأقدار وسير التاريخ، وأقولها صراحة "لا اللي مضى يمكن عودته ولايمكن عمل ثورة بأثر رجعي"

**ولكننا نسمع بين الحين والآخر عن إجراء الجماعة مراجعات فكرية..فما تعقيبك على هذا الأمر؟

نرشح لك

أهم أخبار الحمل

Comments

عاجل