المحتوى الرئيسى

"دي ميستوار" على أعتاب الرحيل.. "الخرف" يصيب كهل الأمم المتحدة المخضرم.. نرصد محطات ‏تلخص مسيرة المبعوث الأممي نحو سلام سوريا "الزائف"‏

10/08 18:08

كهل ودبلوماسي مخضرم، يحمل على أكتافه ثمانية أعوام من العمل السياسي، دفعه لتحمل الكثير خلال ‏سنوات عمره الـ70، يعتبر الوحيد الذي يحمل رؤية متفائلة تجاه الأزمة السورية، التي استلم ملف ‏المفاوضات بها منذ عامين، ليراهن الجميع على تحقيق سلام حقيقي بها، بعدما فشل اثنين من قبله في ‏نفس المهمة.‏

‏"ستيفان دي ميستورا" مبعوث الأمم المتحدة، بدا على وشك الرحيل من هذا المنصب الدبلوماسي، بسبب ‏فشله في المفوضات السورية نحو تحقيق السلام بها، ليلحق بالجزائري المخضرم، الأخضر الإبراهيمي، ‏وأمين عام الأمم المتحدة السابق كوفي عنان، اللذان تولا نفس المنصب.‏

الفترة الأخيرة، لم تلق اقتراحات "ميستوار" قبولا بين أطراف النزاع داخل الأزمة السورية، بل أنها ‏أججت الغضب في بعض الأحيان، وهو ما يظهر في بيان الحكومة السورية المؤقتة، أمس الجمعة، الذي ‏تطالبت فيه الأمم المتحدة بإقالة مبعوثها، وأعلنت فيه إيقاف جميع أشكال التواصل والتعاون معه.‏

مقترح "ستيفان" الذي آثار غض كل الجهات عدا روسيا، هو إعلانه استعداده أن يرافق مقاتلي فتح الشام ‏جبهة النصرة سابقًا، خلال خروجهم من الأحياء‎ ‎الشرقية‎ ‎لمدينة حلب، وهو نفس الشرط الذي وضعه ‏الرئيس السوري بشار الأسد للتصالح مع "النصرة" فاعتبر البعض أن مبعوث الأمم المتحدة يؤيد الرئيس ‏السوري.‏

وهو نفس الأمر، الذي علقت عليه المعارضة السورية، بأنه تصريحاته جاءت صادمة‎ ‎ومخالفة‎ ‎لـلمبادئ ‏الإنسانية التي تقوم عليها‎ ‎الأمم المتحدة، متهمة إياها بضلوعها في التغيير الديمجرافي في حلب بعدما ‏أصابه "الخرف"، مؤكدة أن تصريحاته وخطتَه في حلب تدعم نظام الأسد‎ ‎وروسيا، وتقيد دخول أي ‏مساعدات إنسانية إلى أحياء حلب المحاصرة‎.‎

‏"ميستورا" المولود عام 1947، وهو رجل ستيني، غطى الشيب رأسه، وملأت التجاعيد وجهه، ورغم ذلك ‏يظهر دائمًا مبتسمًا حاملًا شعلة التفائل في طريق سوريا المظلم، بعدما عولت عليه الأمم المتحدة في وضع ‏حد للمأساة بقياداته رغم الانتقادات العديدة التي يواجهها في الفترة الأخيرة.‏

مر الدبلوماسي في حياته الشخصية بالعديد من الصعاب والاضطرابات، وشهد الكثير من الحروب ‏والأهوال مع عائلته، خلال القرن الماضي، هو الأمر الذي يجعله الأقرب إلى الإحساس بمعاناة السوريين ‏ويحفزه على مساعدة الأطراف على مد الجسور بينها وإيجاد أرضية مشتركة.‏

انحدر المبعوث الأممي من جنسيات مختلفة، فوالدته سويدية الأصل وأبوه إيطالي، وينتمي والده إلى عائلة ‏نبيلة من بلدة "سيبينيكو" في مدينة "دالماتيا" الكرواتية، اضطر بعد الحرب العالمية الثانية إلى الفرار من ‏مدينته، عندما استولت يوغوسلافيا على مدن إيطالية عديدة أبرزها مدينته.‏

استطاع في تلك الاجواء المضطربة الحصول على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة ‏‏"سابينزا" في روما، ومن بعدها تخصص في المفاوضات الساخنة، واقتصاديات التنمية، وإدارة الأزمات ‏في مناطق النزاع، وعمل كمتدرب في برنامج الأغذية العالمي في قبرص عام 1970. ‏

بدأ مسيرته مع الأمم المتحدة كموظف مشروع في برنامج الأغذية العالمي في السودان عام 1971، إلا أن ‏تحدثه للعديد من اللغات كالإيطالية والإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية والسويدية والعربية، جعله ‏مؤهلًا لإدارة الملفات الشائكة بعدما التحق بالعمل في وكالات منظمة الأمم المتحدة، قضى فيها نحو 40 ‏عامًا.‏

وكلت إليه مهام عدة، كان منها تنظيم عملية المساعدات الغذائية في أفغانستان لسكان الريف المتضررين ‏من الصراع القائم بين الاتحاد السوفيتي والمجاهدين الأفغان، وتنظيم المساعدات إلى السكان الأكراد بعد ‏حرب الخليج. ‏

وفي مطلع التسعينيات، ترأس "دي مينستورا" فريق بعثة اليونيسيف لكسر حصار الجيش الشعبي ‏اليوغوسلافي لمدينة "دوبروفنيك" الكرواتية، واشترك في عمليات الإغاثة في "سراييفو" والصومال، كما ‏عين منسقا للشؤون الإنسانية في العراق لمدة ثلاث سنوات.‏

وكان له دورًا دبلوماسيًا ممثلًا عن الأمم المتحدة، في حرب لبنان 2006، بعد ذلك شغل منصب المدير ‏التنفيذي لكلية موظفي منظومة الأمم المتحدة في إيطاليا لتدريب موظفيها على إدارة الصراعات ‏والمفاوضات.‏

أما عن تاريخه في سوريا، فقد عين مبعوثًا خاصًا للأمم المتحدة عام 2014، وهي المهمة الشاقة التي ‏يتدخل فيها قوى إقليمية ودولية، لكن الدبلوماسي المخضرم يرى منذ توليه الملف أن نقاط التوافق بين ‏المعارضة السورية والنظام يمكن أن يبنى عليها، ويعتقد أن حل مشكلة الإرهاب في سوريا يكون ‏بالتوصل إلى حل سياسي. ‏

وفي ذلك الوقت كان الأمين العام للأمم المتحدة، "بان كي مون"، يؤكد أن الدبلوماسي "مستورا"، سيكون ‏ورقة المنظمة الدولية الرابحة وربما الأخيرة القادرة على فك عقد هذه الأزمة السورية، التي تحولت من ‏احتجاجات سلمية لقتال مسلح.‏

اتسمت كل مواقف "دي مسيتورا" خلال مراحل التفاوض في الأزمة السورية بالتوازن، وحاول الظهور ‏جاهدًا بالحيادية وعدم الانحياز إلى طرف دون آخر، سواء المعارضة أو النظام كي لا يفقد المصداقية، إلا ‏أن تصريحه الأخرى قد يقضي على مسيرته الأممية.‏

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل