المحتوى الرئيسى

نقص السلع الغذائية.. من يتحكم في قوت الغلابة؟

10/08 15:21

رحيل حنفي المفاجئ سبب فراغًا استغله التجار أحسن استغلال

السعدني: التموين مليئة بـ«الفسدة».. والأجهزة الرقابية دورها «ضعيف»

طنطاوي: رجال أعمال يتحكمون في قوت المصريين.. والحكومة عليها تحديد حصص الوكلاء

اختفت أزمة السكر جزئيًا بعدما توجهت إليها الأنظار، فظهرت أزمة جديدة متعلقة بنقص أنابيب البوتجاز ببعض المحافظات، وقبل السكر كان الأرز متصدرًا المشهد بارتفاع كبير في سعره وصل لأول مرة إلى 9 جنيهات، وقبل هذا وذاك كانت مصر تُعاني من نقص في الزيت وهو ما استدعى الحكومة إلى استيراد كميات كبيرة منه لتغطية العجز الداخلي.

ويُلاحظ أن اختفاء السلع الغذائية وظهورها مرتبط ببعض الأحداث، فعلى سبيل المثال، رحيل وزير التموين السابق، خالد حنفي، تبعه نقص في عدد من السلع الغذائية وعلى رأسها الأرز والسكر، وهو ماجعل أصابع الاتهام تتجه نجو رجال حنفي داخل التموين وعما إذا كانوا يقفون خلف هذه الأزمة أم لا؟.

السعدني: التموين مليئة بـ«الفسدة».. والأجهزة الرقابية دورها «ضعيف»

وفي السياق السابق، قال الدكتور مصطفى السعدني، أستاذ الاقتصاد الزراعي، إن هناك احتكار يتم داخل وزارة التموين من جانب بعض الشخصيات التي ترتبط بعلاقات قوية برجال الأعمال، فيسهلون لهم الحصول على كميات كبيرة من السلع الغذائية وتخزينها، لافتًا إلى أن هيئة السلع التموينية تحاول توزيع الحصص بالتساوي لكن تدخلات البعض «بتخلي الأمور تمشي مش مظبوطة».

وأكد السعدني في تصريح لـ «اليوم الجديد»، أن الأزمات التي تمر بها مصر حاليًا من نفص في السكر والزيت والأرز وغيره ما هو إلا فساد أشخاص، لافتًا إلى أن وزارة التموين مليئة بالفسدة اللذين يعملون لمصالح مختلفة، وهو ما يؤدي إلى تعطل وصول الخدمات للمواطنين في ظل ضعف الدور الرقابي للأجهزة الرقابية.

وأشار إلى كثرة المعروض من السلع الغذائية في الأسواق حاليًا، وذلك بسبب توجه الأعين نحو «الحرامية والمرتشين» واللذين يستغلون انشغال الدول في قضاياها ويُعطشون السوق من السلع الأساسية والضرورية للمواطنين، مطالبًا وزارة التموين بسد الفجوات والثغرات داخلها والتي تؤثر بالتأكيد على تواجد السلع للمواطنين، مضيفًا: مابقاش فيه مجمعات استهلاكية غير في الإسكندرية والقاهرة!.

طنطاوي: رجال أعمال يتحكمون في قوت المصريين.. والحكومة عليها تحديد حصص الوكلاء

من جانبه، قال طارق طنطاوي، رئيس شركة الأهرام للمجمعات الاستهلاكية بوزارة التموين والتجارة الداخلية السابق، إن هناك تجار كبار ينتهزون الفرص جيدًا ويستغلون الفترة ما بين رحيل الوزير القديم ومجيئ الوزير الجديد، ويخزنون السلع الغذائية ويُصدروها إلى الخارج، كما حدث مع محصول السكر.

وأكد طنطاوي في تصريح لـ «اليوم الجديد»، أن ارتفاع سعر السكر عالميًا سبب هذا الشح الذي حدث مؤخرًا، مشيرا إلى وجود رجال أعمال ثقال يتحكمون في المشهد وفي قوت المصريين وهم السبب الأساسي في الأزمات ونقص السلع، مطالبًا الحكومة بتحديد حصة الوكلاء، على اعتبار أن هذه الطريق ستُحد وتمنع أعمال السرقة.

وأضاف: تتعامل الشركات مع وكلاء وهنا يحدث التلاعب، حيثُ يأخذ أحد الوكلاء نسبة أكبر من الآخر، مستشهدًا بما قاله وزير التموين محمد مصيلحي من أن التحكم في منظومة السلع وخصوصًا السكر تحتاج إلى ملائكة، مضيفًا: حجم الفساد كبير والمستغلين كثر والتربح من هذه التجارة ضخم، لذلك فالسرقة فيه سهلة والمواطن يدفع الثمن.

لا أعلم بالضبط ما منظومة مراقبة الوزراء فى مصر ولا أقصد هنا بالطبع المراقبة للذمة المالية أو التصرفات الشخصية ولكن أقصد تحديدا المراقبة الفعلية لأداء الوزراء فى عملهم وهل يتم فعلا دراسة قراراتهم بعناية لتعلم الجهات الرقابية هل فعلا قرارات السيد الوزير تصل إلى الطريق الصحيح أم لا.. وهل هذه الجهات الرقابية على أعمال الوزراء يختص بها رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء فقط أو أن هناك جهات رقابية أخرى؟

أنا هنا أتساءل بصوت عال عن أداء السيد وزير التموين خالد حنفى، هذا الرجل الذى أعرف أنه منذ أن جاء إلى الوزارة وهو يقوم بإصدار الكثير من القرارات الوزارية التى قلبت خريطة التموين فى مصر رأسًا على عقب وخرجت عن المألوف والسائد منذ عشرات السنين ولكن المهم: هل أهداف هذه الوزارات فعلا وصل إليها الوزير ووصل إليها المجتمع أم أن هذه القرارات ما هى إلا قرارات لم نصل من خلالها إلا إلى الفرقعة الإعلامية فقط ورضا السادة المسؤولين عن السيد الوزير؟ هذا هو السؤال!

منظومة الخبز التى تحدثنا عنها الأسبوع الماضى والتى أوضحنا من خلالها أننا لم نصل بنتائجها إلى الهدف الرئيسى وهو تقليل قيمة الدعم الحكومى المقدم إلى رغيف الخبز ومنع الفساد فى المنظومة السابقة وأظن أننا شرحنا فى مقالنا السابق بالضبط نهايتنا مع منظومة الخبز، وهى أن كمية الدقيق المستورد لإنتاج الخبز زادت وأن ملامح الفساد تعشش فى المنظومة الجديده التى أطلقها الوزير!

ثم إن مقولة الوزير الذى يصرح بها فى كل مناسبة يوجد فيها أمام الكاميرات بأن «انتهاء طوابير الخبز كانت من نتائج منظومة الخبز الحالية».. هذا كلام بعيد عن الدقه ويتوهم قائله أن الناس تملك ذاكرة السمك!!

وقف طوابير الخبز جاء منذ عهد رئيس الوزراء السابق أحمد نظيف من بداية حصر بطاقات التموين وصرف الخبز للمواطنين من خلالها ولم تكن أبدا قصة انتهاء طوابير العيش فى عهد الوزير الحالى أو من نتائج عمله ومنظومته.

المهم اليوم نتحدث عن المنظومة الأخرى التى تحدث عنها السيد الوزير نهارًا جهارًا وطبقها على المواطنين والآن يسوّق لها بأن البنك الدولى معجب بها وسوف يوصى الدول المشتركة فيه بإقامة مثل هذه المنظومة فى بلادها على أساس أنها نجحت نجاحا باهرا على أرض الواقع فى مصر، يرضى عنها الناس والمسؤولون الكبار!

تعالوا بنا نتفحص سويا القرار الوزارى الصادر بتوقيع الوزير تحت رقم 215 لسنة 2014 والذى ينظم عملية صرف المواد التموينية للمواطنين بنظام مستحدث يُصرف من خلالها سلع غذائية بموجب البطاقة (الذكية الورقية) المربوطة على (البدالين التموينيين) والصرف يتم فى ضوء الدعم المالى المقرر لكل بطاقة تموينية طبقا لعدد أفراد الأسرة وحدد القرار فى بنده الثالث مبلغ 15 جنيها دعما للفرد بدون حد أقصى لعدد أفراد البطاقة وأيضا يتم صرف 7 جنيهات للفرد إضافية خلال شهر رمضان (يصرف فى رمضان الحالى 3 جنيهات فقط) وأوكل القرار الوزارى للشركة القابضة للصناعات الغذائية والشركات الصناعية التابعة لها وكل فروعها على مستوى الجمهورية، مهمة توفير هذه السلع للبدالين التموينيين طبقا للأسعار المحددة من قبل الوزارة والالتزام من البدالين التموينيين بالإعلان بخط واضح وكبير على واجهة المحل التموينى عن أنواع السلع الغذائية وأسعارها وكمياتها، وأوكل أيضا القرار لشركات استخراج البطاقات الذكية بشحن البطاقات الذكية للمواطنين لصرف السلع الشهرية بقيمة الدعم المالى المقرر طبقا لعدد أفراد البطاقة وتعديل نظام الماكينة وإخطار هيئة السلع التموينية بقيمة المبالغ المالية المستحقة للشركة القابضة (الذى تم صرفه كسلع غذائية) وحدد أيضا القرار الوزارى قيمة 2 جنيه عن كل بطاقة هامش ربح للبدال التموينى.

وتعالوا بنا نستعرض على أرض الواقع ماذا يحدث لهذه المنظومة

أولا: هناك تداخل فى نهاية الصرف، حيث تقوم شركات البطاقات التموينية بحصر المبالغ المالية المنصرف بها سلع غذائية لكل بطاقة تموينية على كل بدال تموينى على حدة والمبالغ المستحقة للشركة القابضة وتحديد البطاقات التى لم تقم بصرف كامل الدعم المقرر لها مع عدم ترحيله للشهر التالى. هكذا كانت ملامح القرار الوزارى رقم 215 لسنة 2014 مرفقا بجداول 1،2 عن كمية وأنواع السلع التى توجد عند البدال التموينى الكبير فى الاختصاصات التى أوكلها له القانون، فهناك ثلاث جهات يتعامل معها المواطن وليس جهة واحدة

(مع كل ما يصرح به السيد الوزير عن الشباك الواحد) ويبدو أن الشباك الواحد مع المستثمرين وليس مع المواطن الغلبان، المهم مكتب التموين يختص بالطلب عن طريق تقديمه له والخصم والإضافة والتعديل وأصبحت شركة «سمارت» مسؤولة عن إصدار البطاقة ومكتب البريد يقدم له الطلب ويتحصل على الرسوم المقررة له.. ثلاث جهات مختلفة (يدوخوا المواطن) ويكون صاحب الحظ العثر من يفقد بطاقته بضياعها فيبدأ رحلة العذاب بين الثلاث جهات ويستمر فى هذه الرحلة من شهرين إلى ثلاثة أشهر حتى يتم استخراج البطاقة أو يجد موظفا يقدر أو يكون مؤهلا للتعامل معه أو مع القرارات والأوراق.

ثانيا: أصبحت شركة الجملة التابعة لوزارة التموين تتمتع بنفوذ قوى من خلال هذه المنظومة وأصبح موظفوها يتحكمون فى التجار وفى الكميات وأصبح طريق الرشوة عنوانا هاما فى هذا المجال، والطريف ما قاله بعض التجار من أن جرارات الشركات لا يمكن أن تنزل من عليها السلع إلا بعد تجميع المعلوم منهم، ويبدأ الموظفون فى تقسيم المعلوم بينهم وبين سائق الجرار.

ونلاحظ أنه من الصعب أن يعترض أى بقال على أى سلعة بل يحمل السلع الجديدة حتى يمكنه الحصول على حصته ويتقبل البدال سلعا لا تباع عنده.

ثالثا: نلاحظ هنا أن البدال التموينى لا يمكنه أن يزيد حصته من السلع عندما يمتلك بطاقات تموينية كثيرة ويحدد له عددا معينا مع أن الوزير ليل نهار يتحدث عن حرية المواطن فى تبديل البدال التموينى أو التعامل مع أى بقال يريده وهذا كلام غير واقعى لأن البقال الجيد الذى يتوافد عليه المواطنون حاملو البطاقات لا يمكنه الوفاء بطلباتهم لثبات حصته التموينية.

رابعا: من الغريب والطريف -مع أن هذا ليس غريبا على مصر وأحوالها- أن سوء حال السلع الموجودة فى منظومة السلع التموينية يكون ظاهرا جدا فى المحافظات ولا يكون كذلك فى القاهرة... فالأرز والمكرونة والزيت شكلا وموضوعا (زى الفل فى القاهرة) وفى المحافظات الأخرى سيئة للغاية فى النوع والتعبئة.

خامسا: يوجد فى الغالب تقليل فى كميات السلع المقدمة للبدال نتيجة عدم توريد سلع إلى شركة جملة من الشركات ونلاحظ أن هناك شهورا بأكملها لا يوجد بها زيت وسكر وأيضا هناك سبب آخر وهو أن مشروع (جمعيتى) الذى أطلقه الوزير لمجموعة من الشباب الخريجين، هؤلاء يحصلون على جزء هام من السلع مما يقلل السلع للبدالين التموينيين، وبالتالى نشاهد دائما نقصا فى السلع عند هؤلاء البدالين.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل