المحتوى الرئيسى

نواب التحريض على جرائم الحرب

10/07 22:08

يسعى بعض نواب البرلمان إلى جذب الأنظار ليكون مشهوراً وضيفاً لبرامج الراديو والتليفزيون وحديث وسائل الاتصال، ونظراً لضعف الثقافة وتدنى الكفاءة لدى البعض، لم يجدوا سوى التصريحات الشاذة لإحداث فرقعات، وقد أثبت البرلمان فى بداية انعقاده قدرته على تطهير نفسه من تلك العناصر المختلة عقلياً بإسقاط الحصانة عن أحدهم، ولكن يبدو أن ذلك لم يكن رادعاً لآخرين لديهم هوس الشهرة، فمنذ شهر أطل علينا أحد نواب البرلمان بتصريح فج حول تأييده القوى لختان الإناث، لأنه يرى أن رجال مصر يعانون من الضعف الجنسى، وللأسف لم يتحرك البرلمان أو يتخذ إجراء، فتحقق هدف هذا النائب من الشهرة دون أى حساب أو تبعات.

ولأن الهوس مرض وجد نفسه بحاجة لجرعة أطل علينا بتصريح بالمطالبة بضرورة إجراء كشوف عذرية للطالبات فى الجامعة، وأن يكون هذا الكشف شرطاً أساسياً لحصول الطالبات على تصريح دخول الجامعة، مدعياً أن بهذا الإجراء يتم الحد من الزواج العرفى داخل المجتمع الجامعى.

لذا شعر نائب آخر بالغيرة من تفرد هذا النائب بنصيب الأسد من الصحف والفضائيات والإنترنت فأراد أن يشاركه الشهرة ويسير على شاكلته وأيد بالتأكيد ضرورة أن تجرى كشوف العذرية على طالبات الدبلومات أيضاً لكى لا تنتشر بينهن الدعارة والمخدرات، على حد قوله.

وإذا كان عدد طالبات الجامعات فى مصر يصل إلى مليون وسبعمائة ألف طالبة، وطالبات الدبلوم سبعمائة ألف طالبة طبقاً لإحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، فإن النائبين المهووسين بالشهرة ارتكبا جريمة التحريض على العنف ضد ما يقرب من مليونين ونصف مليون شابة مصرية، ما يعد انتهاكاً جسيماً لحقوق الإنسان ضد قطاع واسع من الشعب.

فبدلاً من أن يبحث النواب إشكالية تصدر مصر قائمة الدول العربية الأكثر ممارسة للعنف ضد المرأة فى العالم العربى خلال عام 2015، طبقاً لأحدث الدراسات الاجتماعية الصادرة عن مؤسسة «تومسون رويترز»، وذلك نتيجة انتشار التحرش الجنسى وختان الإناث والزواج القسرى وتصاعد ظاهرة استغلال النساء، بفضل الفهم الخاطئ للعقائد الدينية والقوانين العنصرية التى تميز بين الرجل والمرأة، يبحث النواب عن الشهرة الذاتية بإطلاق تصريحات غير مسئولة وإجرامية من السهل للغاية تصنيفها بأنها تحريض على ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وقد يتبارى البعض فى الدفاع أن هذه مبالغة وأن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية مشروطة بوقوعها من قوات احتلال وفى مناطق نزاع، لذا أقول إن الشرط الأهم هو ارتكاب جرائم عنف أو جرائم عنصرية ضد قطاعات واسعة من الشعب، أيضاً هناك نقاش دولى واسع حول وضعية مصر وهل هى منطقة ساخنة بها صراعات أم منطقة مستقرة، مثل هذا النقاش، ما انعكس فى صورة أزمات اقتصادية كبرى أهمها تراجع السياحة والاستثمارات وارتفاع فاتورة التأمين على البضائع للمستوردين وغيرها مشكلات ناتجة عن أن العالم لم يحسم موقفه بوضوح حول مصر.

المطالبة بتعرية ما يقرب من مليونين ونصف مليون شابة وانتهاك خصوصيتهم أمر ليس بمزحة وإنما جريمة يجب التصدى لها بقوة، فبفعلتهما أعطيا سلاحاً كبيراً لكل مستهدفى مصر فى التشهير بها، بل ربما نجد من يطالب بتدخل دولى لحماية الشابات من هذه الجرائم، فقضية كشف عذرية واحدة تمت فى 2011 كانت كفيلة بصداع امتد لسنوات وما زالت آثاره باقية.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل