المحتوى الرئيسى

حافظ سلامة .. الشعب يحمي الجيش والوطن

10/06 19:00

اقرأ أيضا: من نصر أكتوبر العظيم إلى جهادنا الأكبر هل هزم الربيع العربي ؟! مؤامرة 25 يناير ؟! الإسلاميون والإبداع وعتاب جديد لماذا لا يفكر السيسي في السيناريو البديل ؟!

عندما تتحدث عن نصر أكتوبر وملاحمه التي سطرها التاريخ فسوف يقف أمامك صورة هذا الشيخ الكبير شامخة ومجللة بالفخر والنبل والجهاد العظيم ، إنه الشيخ حافظ سلامة ، قائد المقاومة الشعبية في حرب أكتوبر ، الرجل الذي كان له الفضل ـ بتوفيق الله له ـ ليس فقط في تحرير مدينة السويس وكسر شوكة القائد الصهيوني "شارون" وجيشه ، بل كان له الفضل في حماية العاصمة نفسها ، القاهرة ، لأن الدبابات الإسرائيلية لو كانت قد استقرت في السويس وبسطت سيطرتها عليها فإن طريقها إلى القاهرة سيكون مفتوحا وعلى مرمى ساعة واحدة ، ولعله لذلك قال فيه قائد حرب أكتوبر الفريق سعد الدين الشاذلي عبارته الشهيرة التي سطرها على كتابه : (إن الشيخ حافظ سلامة رئيس جمعية الهداية الإسلامية، إمام وخطيب مسجد الشهداء، أختارته الأقدار ليؤدي دورًا رئيسيًّا خلال الفترة من 23– 28 أكتوبر عام 1973 عندما نجحت قوات المقاومة الشعبية بالتعاون مع عناصر من القوات المسلحة في صد هجمات العدو الإسرائيلي وإفشال خططه من أجل احتلال المدينة الباسلة) .

قصة جهاد الشعب المصري ممثلا في الشيخ حافظ سلامة ، تعود بعيدا في أعقاب حرب 1948 عندما شارك في مقاومة قوات الاحتلال الانجليزي التي تمركزت في القناة ، مرورا بمعركة 56 ، كما امتدت إلى حرب الاستنزاف ، وكان قبلها قد اعتقله جمال عبد الناصر قبل النكسة لانتقاده بعض الأوضاع السياسية ، رغم أنه لا ينتمي إلى أي جماعات أو كيانات سياسية ، ولكنه أفرج عنه بعد النكسة بأشهر قليلة ، ليتوجه سلامة مباشرة إلى الجبهة على قناة السويس ، ناسيا أي خلاف وواضعا نفسه في خدمة معركة الثأر ، ويطلب من القيادات العسكرية ترتيب زيارات للجبهة لدعم الجنود ورفع الروح المعنوية ، وأحدثت تلك الخطة ثورة حقيقية في المقاتلين ، لدرجة أن قائد الجيش الثالث الميداني المرابط في السويس اللواء عبد المنعم واصل ، أحد أبطال حرب أكتوبر ، كتب يقول : (الشيخ حافظ سلامة كان صاحب الفضل الأول في رفع الروح المعنوية للجنود على الجبهة، بل إن الجميع كانوا يعدونه أبا روحيا لهم في تلك الأيام العصيبة) ، وكانت جهود حافظ سلامة مع غيره من علماء الأزهر جزءا لا يتجزأ من التحضير لمعركة النصر .

حتى جاء التاريخ الأكبر لجهاد الشيخ حافظ سلامة ، في حرب أكتوبر ، عندما نجحت قوات العدو في اختراق الجبهة وإحداث ثغرة الدفرسوار ، وحاصرت الجيش الثالث على الضفة الغربية للقناة ، واتجهت إلى السويس لاحتلالها وكان الطريق مفتوحا أمامها ، ودخلت بالفعل بعض ضواحي المدينة ، ثم اقتحمت دبابات العدو قسم شرطة الأربعين ، فأعلن محافظ المدينة ومدير الأمن أن لا معنى للمقاومة وعلى الشعب أن يتفهم قرار تسليم المدينة لجيش العدو ، وقبل أن ترتفع الأعلام الإسرائيلية على مديرية الأمن ومبنى المحافظة كان الشيخ حافظ سلامة يعتلي مئذنة مسجد الشهداء مكبرا بالهتاف : حي على الجهاد ، ووبخ المحافظ ومدير الأمن ، وطلب من الجنود والمقاومة الشعبية تسليم ما لديهم من أسلحة للجان شعبية شكلها وعمل على توفير الدعم اللوجستي للمقاومين ، ونسق عمل بقايا الجنود مع المتطوعين من شباب السويس ، ودارت الملحمة الشعبية التاريخية التي خسر فيها العدو أكثر من سبعين دبابة ، بخلاف مئات القتلى الأمر الذي اضطره في النهاية إلى الانسحاب من المدينة الباسلة ، لتبقى طاهرة ، عصية على العدوان ، رغم أن جولدمائير كانت قد أعلنت أن قواتها احتلت المدينة ، ونصب حافظ سلامة ورجاله أعلام مصر على مباني المحافظة ومديرية الأمن وباقي المنشآت .

في أول خطاب له بالبرلمان عقب نصر أكتوبر أشاد الرئيس أنور السادات بالشيخ حافظ سلامة وبطولاته ومنحه وسام نجمة سيناء التي لا تمنح إلإ للقادة الأفذاذ الذين قدموا خدمات عظيمة للوطن ، ثم عرض عليه تولي منصب محافظ السويس إلا أنه اعتذر وعاد إلى أرض كان يزرعها في المدينة ، ثم غضب عليه السادات بعدها عندما احتج على اتفاقية كامب ديفيد ، ثم اعتقله السادات في موجة التحفظ الواسعة في العام 1981 ، ثم أفرج عنه في بدايات عهد مبارك ، ولا يزال حافظ سلامة يحظى بهيبة واحترام كبيرين بين القيادات العسكرية الرفيعة ، وخاصة ممن شهدوا حرب أكتوبر .

وعلى رغم تقدمه في السن ، حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية ، إلا أن حافظ سلامة لم يترك ساحة للنضال الوطني إلا شارك فيها ، فقد حرك قوافل من المساعدات بعشرات الأطنان إلى الفلسطينيين المحاصرين في غزة أيام مبارك ، كما قاد بنفسه قوافل إغاثة لأهالي ليبيا أيام الثورة ضد القذافي ، كما زار ثوار سوريا ليشد من أزرهم في مواجهة طغيان بشار الأسد وحلفائه ، وفي ثورة يناير كان حاضرا بهيبته في ميدان التحرير منذ الأيام الأولى للثورة ، وشهد معظم فعالياتها ، وما زال حتى اليوم يمارس دوره بلا كلل في نشاطات أهلية عديدة ومتنوعة .

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل