المحتوى الرئيسى

«من داخل المقبرة».. 7 شهادات عن الإهمال الطبي والموت في العقرب: وقائع القتل البطيء للمساجين «هاعملكم عبرة زي عماد»

10/06 15:20

قصة عماد الذي مات بالسرطان: حرموه من العلاج لشهور وضابط لطبيب السجن: خليه يموت وأنا مسؤول.. والنهاية مكالمة: أخوك مات

عندما صرخ هشام جعفر لزوجته «العقرب أمر من السرطان».. وطفلة سجين لوالدها: أنت حقيقي يا بابا ولا بقيت زي الكارتون

سجين لزوجته بعد نقله للمستشفى: مش هارجع العقرب تاني غير وأنا ميت.. المقابر برة فيها ناس ميتة واحنا في العقرب عايشين ميتين

 شقيقة خالد سحلوب بعد إضرابه احتجاجًا على الإهمال الطبي: الضابط قاله هنسيبك تموت ونكتب هبوط حاد في الدورة الدموية

أقوال المعاناة: «يا أخرج من الصندوق.. يا أطلعلكوا في صندوق».. «مش عايزين حرية .. عاوزين مستشفى»

«أخوك مات».. كلمتان فقط كانتا كل ما جرى في مكالمة تلقاها خالد، لكنهما جاءتا لتلخصا رحلة معاناة خاضها شقيقه عماد مع مرض السرطان داخل سجن «العقرب»، وتحولتا لعنوان لإحدى حالات الإهمال الطبي بالسجن، ورغم أن المكالمة جاءت لتكتب نهاية قصة عماد الذي نقل إلى معهد الأورام قبل يومين فقط من وفاته، بعد معركة خاضتها أسرته لمحاولة علاجه، إلا أن المفاجأة التي كانت في انتظار الأسرة، أن إدارة السجن التي حرمته من العلاج كانت على علم بمرضه منذ شهور.

جاءت المكالمة لتطلق، جرس إنذار آخر، حول ما يجري بالعقرب والأوضاع الصحية المتردية والإهمال الطبي، الذي يعاني منه المحتجزين داخل سجن 992 طرة شديد الحراسة.

حكاية عماد رغم مأسويتها تظل مجرد نموذج، لواقع سيء يعيشه سجناء العقرب، ورغم أنها ليست الأكثر مأساوية بين الحالات، إلا أن عبارة  «هعملكم عبرة زي عماد» تحولت لفترة إلى تحذير يطلقه قيادات السجن في وجه كل من يحاول الاعتراض أو الشكوى طبقا لعدد من الشهادات التي جمعتها البداية من أهالي السجناء والمعتقلين بالعقرب.

لفترة ليست قصيرة،  تكررت العبارة على مسامع المحتجزين في السجن شديد الحراسة، لكن قصصًا أخرى جاءت لتنقل قصة عماد من دائرة التحذير ومضرب المثل في المعاناة، إلى دائرة الاعتياد بعد تكرار حالات الموت نتيجة الإهمال الطبي في السجن.

البداية رصدت معاناة مساجين العقرب مع الإهمال الطبي، من خلال شهادات أسرهم، ليتحول العقرب إلى مرادف للمرض والموت والقتل البطيء.

خليه يموت وأنا مسؤول .. قصة عماد الذي مات بالسرطان

«لو فضل هنا هيموت».. «خليه يموت مافيش مشكلة أنا مسؤول»، حوار دار بين طبيب بسجن العقرب وأحد الضباط، وبعد مشادة وتدخل  ضابط آخر نجح الطبيب في نقله إلى عنبر المساجين في مستشفى قصر العيني.

يروي «خالد» قصة شقيقه عماد وإصابته بالمرض الخبيث نتيجة الإهمال الطبي وسوء الأوضاع الصحية، والتعنت في علاجه حتى وافته المنية في «مقبرة» العقرب، على حد وصفه، مؤكدًا أن الحوار جاء بين الطبيب والضابط بعد شهور من المعاناة .

يقول خالد، أن شقيقه الذي أودع بالسجن في 2014 على خلفية اتهامه في قضية «كتائب حلوان» لم يعاني قبل احتجازه من أية أعراض أو أمراض، حتى بدأ بعد شهور قليلة في الشكوى من حموضة في المعدة، ما تبعه بشهور قيء مستمر، مع التعنت المستمر في عرضه على طبيب السجن أو إيداعه المستشفى، إلى جانب منع أسرته من إمداده بالدواء.

تجاهلت مصلحة السجون ومكتب النائب العام البلاغات التي تقدمت بها أسرة عماد على مدار شهور طمعًا في نقله للعلاج، حتى نقل إلى مستشفى ليمان طرة على خلفية حوار الطبيب والضابط، بعد إصابته بقيء دموي. يقول خالد: «أعادوه للعقرب دون الكشف عليه، فقط اكتفوا بتعليق محاليل طبية».

«اتمنعنا من زيارته في المستشفى، وعرفنا إن عنده ورم في المعدة», ويتابع: «مع كدة ماكانوش بيدوله علاج ولا عملوله فحوصات، فضلوا بس يدوه محاليل شهر ونص عشان يعوضوا نقص الغذا لأنه ماكانش بياكل ولو أكل بيرجع».

وللمرة الثانية، أرسل خالد طلبين للنائب العام ومصلحة السجون لعلاج شقيقه على نفقة أسرته في مستشفى المنيل الجامعي، بعد دخوله في غيبوبة لساعات. لكن عدم توافر سيارة ترحيلات وحراسة لنقله لمستشفى المنيل كان سببًا في عدم نقل عماد إلى مستشفى المنيل لوقت طويل، خلاله أجري له منظار على معدته.

وقبل يومين من وفاته، نقل عماد إلى معهد السرطان، حيث لم تجرى له أية فحوصات طبية، مكتفين بالاطلاع على نتيجة «المنظار»، ثم إعادته لقصر العيني مرة أخرى.

في ثاني أيام عيد الفطر- 25 سبتمبر 2015-  تلقى خالد اتصال نهاية قصة معاناة شقيقه من داخل المستشفى: «أخوك مات».. يقول: «بعد ما مات عرفت من ظابط في عنبر المعتقلين إنهم كانوا عارفين بموضوع السرطان من شهر يناير».

إهمال طبي ثم تعنت في العلاج انتهاء بالوفاة

لم يكن عماد الوحيد، عشرات حالات الوفاة سجلتها المنظمات الحقوقية في سجن العقرب خلال السنوات الأخيرة نتيجة للإهمال الطبي، بينهم 6 حالات خلال 6 شهور فقط من عام 2015 طبقا لرصد منظمة «هيومان رايتس واتش». أحد الراحلين هو الدكتور فريد إسماعيل، عضو حزب الحرية والعدالة، الذي عانى من مرض السكري والتهاب الكبد الوبائي «سي»، ورفضت إدارة السجن نقله إلى مستشفى خارجي لتلقي العلاج، وتم احتجازه انفراديًا ومنع الدواء عنه، مما تسبب في دخوله في غيبوبة كبدية، وإصابته بنزيف وجلطة بالمخ، انتهت بوفاته.

شملت قائمات وفيات «العقرب» خلال الفترة من مايو وحتى سبتمبر 2015، عصام دربالة رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية، الذي توفي إثر نزيف من الأنف وهبوط بالدورة الدموية والتنفسية أثناء نقله للمستشفى، بعد إصابته بارتفاع في درجة الحرارة وانخفاض بضغط الدم وارتفاع نسبة السكر، والقياديان السابقان بجماعة الجهاد الإسلامي مرجان سالم ونبيل المغربي.

واستمرت حالات الوفاة داخل المقبرة، حيث توفي في نوفمبر من العام الماضي، محمد السعيد المصلحي سعد، أحد المتهمين في القضية المعروفة باسم «أنصار بيت المقدس»، داخل مستشفى المنيل الجامعي، إثر إصابته بهبوط حاد في الدورة الدموية، نتيجة تدهور حالته الصحية، ومرضه بالفشل الكبدي داخل السجن، وفي مارس من العام الجاري توفي الطالب مصطفي السيد كمال في «العقرب» بعد تدهور حالته الصحية نتيجة إضرابه عن الطعام لسوء المعاملة، وفي يوليو، توفي المحتجز رمضان جمعة، أحد المتهمين في «خلية الظواهري» في مستشفى السجن، بعد معاناة مع السرطان الذي أصيب به في السجن، وفي بداية الشهر الجاري، توفي صبحي عبد الحميد عرابي، إثر ارتفاع في ضغط الدم وضيق في التنفس، ترتب عليهما إصابته بذبحة صدرية أودت بحياته على الفور، وبحسب شهادات أسرته، عانى المحتجز خلال أيامه الاخيرة من مشاكل في التنفس وارتفاع بالضغط، وأكدت الأسرة أنه طالب طبيب السجن بالكشف عليه، وأن المحتجزين معه استغاثوا بإدارة السجن لإنقاذه من أزمة شديدة أصابته.

هكذا تحدث الصحفي هشام جعفر لزوجته الدكتورة منار الطنطاوي في إحدى الزيارات، ليكشف عن حجم المعاناة داخل العقرب، فالورم الذي أصاب هشام والذي لم يتم تحديد طبيعته، وما إذا كان خبيثاً أم حميدًا بسبب تأخر التحاليل كان أهون عليه من العودة للعقرب، خاصة وأن نتيجة واحدة، في الحالتين «الموت».

11 شهرًا وبضعة أيام من المعاناة قضاها الزميل هشام جعفر في السجن، بعد أن دخل وهو يعاني سلسلة من الأمراض، وبدلًا من أن يكون ذلك دافعًا لإدارة السجن للاعتناء به وتوفير الرعاية الطبية له، إلا إنه كان على موعد مع «العقرب». معاناة تخللتها فترة محدودة من الرعاية.

«هيكل عظمي عليه علامات الموت»، كان وصف زوجة هشام جعفر لحالته عقب زيارته في نهاية فبراير الماضي، بعد شهر من إغلاق إدارة السجن للزيارات، حتى نقل بعد تدهور حالته إلى مستشفى قصر العيني في مارس لأقل من 24 ساعة، وتقول الزوجة: «كلبشوه وهو مش قادر يتحرك ورجعوه العقرب».

تدهورت حالة هشام جعفر مرة أخرى- حسبما أكدت زوجته- فتم نقله للمستشفى، وفي هذه المرة اكتشفت الزوجة إصابته بمرض جديد: «العسكري قالي الجرب مبهدله إغليله الهدوم وهاتيله دوا للجرب، ومنعونا ندخل الأدوية».

وخلال إقامته بعنبر المساجين بالمستشفى، أوصى الأطباء بضرورة أخذ عينة من ورم البروستاتا، وتم تحديد موعد لإجراء عملية جراحية، ثلاثة مواعيد تعنتت فيها إدارة السجن في نقله مع الاستمرار في عدم تقديم الرعاية المناسبة له، تخللتها رغبة في إعادته للسجن. حيث أكدت منار: «لا دكاترة بيتابعوا ولا بيدوهم علاج ولا بيخلونا ندخله الدوا»، حتى قرر الدخول في إضراب عن الطعام احتجاجًا على سوء الرعاية، أعقبه تهديدات بإعادته للعقرب حال عدم فك الإضراب.

«مش عايز أرجع العقرب، هنا بنام على سرير وبستحمى، هناك مانعين حتى الفوطة، أستحمل السرطان ولا أستحملش العقرب»، وأكمل: «العقرب أمر من السرطان».. قال الزميل لزوجته رغم ما لاقاه من إهمال بالعنبر.

وتنفيذًا للتهديدات أعيد جعفر للعقرب من جديد، بعد إصدار تقرير باستقرار حالته، ما أكدت زوجته أنه «مزور»، وبعد أسبوع ساءت حالته بشدة، حتى اضطروا لنقله إلى مستشفى ليمان طرة نهاية أغسطس الماضي، حينها ظهر في المحكمة بــ«القسطرة»، التي أعداوه بها عقب الجلسة إلى السجن.

يا أخرج من الصندوق.. يا أطلعلكوا في صندوق

شهادة أخرى حملتها «رشا» زوجة محمود البربري، المحكوم عليه بالإعدام في قضية «غرفة عمليات رابعة»، والذي يخوض أحد معارك الإضراب عن الطعام داخل السجن، حتى ظهر الأسبوع الماضي في جلسة إعادة المحاكمة محمولًا.

تقول رشا التي أوصاها زوجها في زيارته الأخيرة: «خللي بالك من الولاد عشان أنا هموت، ماتفكريش فيا واعتمدي على نفسك وانسوني»، إن حالة زوجها بدأت في التدهور عقب بدء احتجازه بالعقرب منذ ثلاث سنوات، حيث مكث في زنزانة انفرادية لعدة أشهر، أصيب خلالها بتيبس في العضلات وخشونة في الركبتين، منعته من الحركة بشكل طبيعي.

وأكدت رشا ما قالته «منار» حول منع إدارة السجن إدخال الأدوية، حتى ساءت الحالة فنقل إلى مستشفى الليمان بداية مارس الماضي، التي مكث فيها شهرين دون علاج، حتى أعادوه إلى العقرب، رغم توصية الأطباء بضرورة عرضه على طبيب مخ وأعصاب، وطلب صورة من الدم وأشاعات على منطقة الحوض.

تشير الزوجة إلى أن زوجها دخل إضرابًا عن الطعام بعد تدهور حالته احتجاجًا على الإهمال الطبي، عانى على إثره من إغماءات متكررة، وتؤكد: «الإضراب بهدله، والمساجين أكتر من مرة يفضلوا يخبطوا على الزنازين عشان حد ييجي ينقذه وماحدش يعبرهم».

ووفق ما قالته الزوجة لـ«البداية»، هددت إدارة السجن البربري إذا لم ينهي إضرابه، ونقل إلى زنزانة تأديبية بداية أغسطس الماضي، هناك قيدوه لإجباره على تعليق محلول طبي.

وبعد غيبوبات متكررة، نقل محمود لمستشفى الليمان تارة أخرى، مع استمراره في رفضه فك أو تعليق الإضراب، ونتيجة لوصول نسبة السكر في دمه إلى 26 في بداية سبتمبر الماضي، علق الأطباء خمسة محاليل  طبية له، وتم حقنه بعدة جرعات كورتيزون، مما ترتب عليه ارتفع نسبة السكر إلى 453، ودخوله في غيبوبة، حتى ظهر في صورة شهيرة انتشرت منذ أيام محمولًا في جلسة المحاكمة.

وتقول الزوجة تعليقًا على وصيته (إنسوني): «أنا محتاجاه وعياله محتاجين حضن أبوهم، بنتي عندها 3 سنين سألته في الزيارة من ورا القزاز أنت حقيقي يا بابا ولا بقيت زي الكارتون مش عارفة أمسكك، أنت هتفضل في الصندوق ده؟!».. وتابعت: «ومن يومها وهو مقرر مايفكش الإضراب عشان خاطر ولاده، وبيقولي بحاول أخرج من الصندوق، ويا هخرج منه سليم يا هطلعلكوا في صندوق».

 تقول منظمة هيومان رايتس ووتش إن سجن العقرب يضم وفقًا لتقديرات الأهالي حوالي 10 آلاف معتقل، معظمهم من القيادات العليا للإخوان المسلمين، وأعضاء من جماعة «الدولة الإسلامية» ومعارضون آخرون من الصحفيين والأطباء، ويدار السجن شديد الحراسة، من قِبل الأمن الوطني، الذي كان يعرف سابقا بـ«أمن الدولة».

المقابر اللي برة فيها ناس ميتة.. و«العقرب» أحياء ميتين

أنس أحمدي كان أحد المحتجزين مع «البربري» في مستشفى الليمان، ورغم منع أسرته من الزيارة منذ شهرين بسبب إضرابه عن الطعام اعتراضًا على سوء الرعاية، ومساومتهم بشكل مباشر: «لما يفك إضرابه هندخلكوا»، تقول زوجته لـ«البداية» إنه في جلسة محاكمته الأخيرة فقد وعيه بسبب انخفاض نسبة السكر في دمه لـ30، وقام أحد الأطباء بتعليق المحلول له داخل قفص الاتهام.

لم يكن هذا الإضراب الأول لـ«أنس» الذي يحاكم في القضية 188 جنايات عسكرية، اعتراضًا على سوء الإهمال الطبي في السجن، حيث خاض ثلاثة إضرابات منذ احتجازه بالعقرب في إبريل 2015.

يعاني المحتجز- وفق شهادة زوجته- من حساسية مزمنة على الصدر، ونتيجة للإضراب عن الطعام تدهورت حالته الصحية، حتى أصبح يعاني من صعويات في التنفس وإغماءات متكررة، إلى جانب مشاكل صحية تعلقت بنسبة السكر. وتقول زوجته: « بيجيب جهاز السكر في الجلسات وكل شوية يقيسه لنفسه، ومع إنه مش قادر يقف على رجله بيرفضوا ينقلوه بعربية إسعاف وبينقلوه الجلسات في عربيات التراحيل».

نقل أنس إلى مستشفى ليمان طرة، التي لا يختلف سوء الرعاية الطبية فيها كثيرًا عن العقرب، حيث أكدت الزوجة دوام نقص الأدوية والمحاليل الطبية فيها، وخلوها التام من الأسِرّة ما يترتب عليه نوم المرضى المحتجزين «على البلاط»، مضيفة: «عرفت منه في جلسة  إنهم ساعات بيركبوله هو والبربري محلول واحد».

تشير الزوجة إلى أنه في أحد المرات ساءت حالته وفقد وعيه، فأمر مأمور السجن بنقله لمستشفى الليمان، وهناك علق الممرض له محلول بشكل خاطيء، فأصيب بنزيف في الوريد، ودخل في غيبوبة سكر.

شكاوى متعددة لإدارة السجن تقدمت بها زوجتي «أنس» و«البربري»، قوبلت بتعنت شديد، وقالت الزوجة أن مساعد وزير الداخلية في أحد المرات أخبرهم: «مافيش غيرهم هم الاتنين اللي تاعبينا في العقرب، وإحنا وراهم وراهم أما نشوف أخرتهم إيه».

وتروي الزوجة حوار دار بين  أنس ورئيس مباحث «العقرب» أثناء نقله إلى مستشفى الليمان في المرة الأخيرة: «قاله هترجعلي تاني فأنس قاله على جثتي، فرد عليه أنت هترجع هترجع وهتبوس رجليا عشان أغفرلك». وتابعت الزوجة: «قالي في جلسته الأخيرة مش هروح العقرب تاني غير وأنا ميت، إحنا في مقبرة، الفرق بين المقابر برة إن فيها ناس ميتة، لكن العقرب عايشين فيه ميتين».

يقول جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط  وشمال أفريقيا في «هيومان رايتس ووتش»: «سجن العقرب هو المحطة الأخيرة للمعتقلين في مسار القمع الحكومي، فيضمن إسكات الخصوم السياسيين وقتل آمالهم، مشيرا إلى أن الحكومة ترمي فيه منتقديها ثم تنساهم».

ثلاث عمليات جراحية نتيجة الإهمال.. والتعذيب

رواية أخرى نقلتها لنا زوجة ياسر العيسوي، المحتجز في العقرب بعد اتهامه في قضية «أنصار بيت المقدس»، والذي تختلف حالته قليلًا عن زملائه السابقين، حيث قبلت إدارة السجن إجراء ثلاث عمليات جراحية له منذ  احتجازه من ثلاث سنوات.

تقول الزوجة أن ياسر كان قد أجرى عملية «البواسير» قبل احتجازه، ونتيجة لسوء أوضاع احتجازه أصيب بنزيف، أجرى على إثره العمليات الثلاث، أولها في مستشفى ليمان طرة نتيجة إصابته بـ«فتاء» بسبب تعرضه لتعذيب في السجن، مشيرة إلى أنه بعدها بثلاثة أيام أعادوه إلى العقرب.

عاد المحتجز ليعاني من إصابة «البواسير» مرة أخرى هذا العام، فأجريت له عملية بعد مماطلات من إدارة السجن، وكسابقتها تم إعادته للسجن بعدها بأيام، حتى أصيب بنزيف حاد، وقررت هذه المرة إدارة «العقرب» ألا تتجاوب مع مرضه، حتى أضرب عن الطعام لمدة 20 يومًا مع إصابته، نقل بعدها إلى مستئفى الليمان وأجروا له منظار. قالت الزوجة: «ماحدش سأل فيه ودمه بيتصفى، لغاية ماكان هيموت فنقلوه المستشفى بعربية إسعاف وعملوله منظار».  وأضافت: «رجع العقرب تاني، البواسير دلوقتي تعباه جدًا، ورافضين ندخله ملينات».

مش عاوزين حرية .. عاوزين مستشفى

«أملنا الوحيد إنه يتنقل المستشفى» هكذا تلخص عائشة معاناة زوجها محمود مجاهد مع الإهمال الطبي في العقرب.

محمود - 29 عاما- متهم آخر في قضية «أنصار بيت المقدس» أصيب بتضخم في عضلة القلب نتيجة سوء ظروف الاحتجاز والإهمال الطبي.

تقول زوجته عائشة «بعد احتجازه في عام 2014 بشهور بدأ يعاني من الضغط العالي، وزيادة في ضربات القلب، مشيرة إلى تقدمه أكثر من مرة بطلبات لعرضه على طبيب السجن، قوبلت جميعها بالتجاهل».

بعد تدهور الحالة، نقل محمود إلى مستشفى ليمان طرة، حيث احتجز لمدة شهرين، وأوضحت الأشعات معاناته من مشكلة في القلب، ورغم طلب أحد الأطباء إجراء بعض  الفحوصات والتحاليل الطبية اللازمة، تم إعادته إلى العقرب دون إجرائها.

وتؤكد عائشة إنه منذ حوالي الأسبوع تم عرضه على طبيب السجن بعد تدهور حالته، ونقل إلى مستشفى الليمان، ليكتشف الأطباق ضيقًا في صمام قلبه وتضخمًا في العضلة، فضلًا عن إصابته بحمى روماتيزمية.

«مش عاوزينه يخرج خلاص وأملنا الوحيد دلوقتي إنه يتنقل مستشفى عشان يتعالج، مستشفى الليمان لا فيها دكاترة ولا علاج» تقول الزوجة التي أبدت تخوفها من تكرر سيناريو فريد إسماعيل وعماد حسن مع زوجها، مضيفة: «لو الحالة اتسابت في الليمان مضمنش إيه اللي ممكن يحصله، حاسة إنه خلاص بيسيبنا».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل