عدسات "مصانع بير السلم" تدمر القرنية وملتحمة العين وقد تسبب العمى

"الصيادلة بيجوا يشتروا من عندنا، دي ماركات مشهورة، العدسات بتقعد سنين ومش بتسبب ضرر" عبارة أطلقها أحد بائعي العدسات اللاصقة بمنطقة العتبة، لجذب عملائه وطمأنتهم لجودة المنتج لشرائه، فبعد أن انتشر استخدام العدسات بشكل كبير في السنوات الأخيرة واصطحبت معها أمراض العيون كنتيجة طبيعية لاستخدامها، توجه محرروا "بوابة الوفد"  إلى "حارة اليهود" بمنطقة العتبة، وتنكرا فى شخصية زبائن تود شراء عدسات لاصقة من أفضل الأنواع وذلك لمعرفة مصدر تلك المنتجات ومدى خطورتها.

ممر ضيق طويل، تراصت على جانبيه متاجر صغيرة و"فرش" متخصصة في بيع العدسات اللاصقة ومستحضرات التجميل مجهولة المصدر، عشرات العمال يحملون البضائع، والعديد من الزبائن ينتقون أدوات التجميل من على الـ "فرشة" أو المحل  ويحاولون التفاوض مع الباعة للوصول لأفضل سعر.

تفاوضنا مع واحد من أصحاب المحلات لخفض أسعار العدسات اللاصقة، كوسيلة لإظهار جودة معروضاته، أخرج علبة بلاستيكية بيضاء مخصصة لـ"كشري" غير نظيفة من داخل "الفرشة" التي يبيع بها و ان بداخلها "علب" العدسات قائلًا: " العدسات بـ 25 جنيها و في بـ20 جنيها حسب الماركة وفي ماركات أنضف زي belle بـ40 و 50 جنيه بيتباعوا بره بالميات "سألناه " العدسات دي مضمونة مش بتسبب أي ضرر؟" ليجيب " الكل بيشتري منها ومحدش اشتكى".

واستمرت جولتنا داخل الممر لنجد بائع أخر وعند سأله، "في عدسات؟" ليرد " أه عندك في كل الألوان" لنرى لوحة من العدسات اللاصقة تشبه الموجودة بالمحلات الكبرى بها جميع الألوان والعديد من الماركات.

واستعرض البائع ما لديه من ماركات قائلًا عندي" fresh look وblecter"، فسألنه " دي مضمونة زي الصيدليات؟ وجاءت إجابته لتفجر مفاجآة من العيار الثقيل " الصيادلة بيجوا يشتروا من هنا"،  فطلبنا فحص علبة العدسات وقرأة النشرة الموجودة به لنفاجئ بتاريخ صلاحية مستمر لثلاث سنوات قادمة، وقد أكد البائع لنا أن تاريخ صلاحية صحيح كما أن هذه العدسات يمكنها الاستمرار مدى الحياة إذا تم المحافظة عليها بشكل سليم.

فتركناه ولجأنا إلى آخر، فعرض علينا ماركة غير معروفة تتدعى " big eyes" و السعر 30 جنيها،  وعن صلاحيته أوضح أنها مدى الحياة ليس لها صلاحية محددة قائلًا "العدسة ملهاش صلاحية تقعد زي ما تقعد"، تظاهرنا للبائع بأننا قلقين من هذه الماركة واننا نتشكك ما إذا كانت العدسة صحية أما لا، فبادرناه بالسؤال " هي العدسات صحية زي الي عند الدكاترة و الصيدليات" ليجيب نفس رد زميله السابق " الصيادلة بيجوا ياخدوا الشغل مننا" وعدنا لسؤاله "وليه الصيادلة بيبعهوا غالية ؟" ليرد بتلقائية "لازم يبيعوها غالية عشان محدش يشك فيهم"، واستطرد "أنا مش لازم ابيعها غالية عشان تكون أصلية".

واختتمنا جولتنا ببائع آخر، و من الواضح أن جميع التجار قد اتفقو علي نقطة واحدة وهي بيع العدسات اللاصقة لصيادلة، وتفحصنا نوع آخر من العدسات يسمى " fresh look"  فيبادر التاجر بالحديث معنا عن مدى سلامة العدسات معلقًا " الصيادلة زباين عندنا والعدسات طبية اللي بيبعوها الدكاترة هي الي بتتباع هنا في السوق".

وعند سؤاله هل هي بالفعل مسجلة بالوزارة، أكد أن ختم الوزارة موجودة على العلبة وده أكبر دليل علي أنها مسجلة وسليمة، مضيفًا سعرها يترواح ما بين 20:25 جنيها.

و بعد أن أنهينا جولتنا من منطقة العتبة وحرصًا منا على استعراض كافة وجهات النظر، تواصلنا مع الجهات المختصة لتبين مدي صحة شراء الصيادلة للعدسات وموافقة وزارة الصحة علي هذا النوع من المنتجات.

طبيب عيون:  العدسات اللاصقة تسبب العمى:

و علي الفور توجهنا إلى طبيب عيون لمعرفة مدى الأخطار الكامنة بالعدسات اللاصقة، فيقول الدكتور حاتم محمود استشاري العيون، أن العدسات اللاصقة مجهولة المصدر لها أضرار متفاوتة على العين، مؤكدًا أنها تسبب التهابات فى ملتحمة العين وقرحة فى القرنية مما يضطرهم إلى إجراء عمليات زرع قرنية.

وأضاف استشارى العيون، أنه يجب توعية المواطنين بأضرار العدسات اللاصقة غير الطبية، وحثهم على شرائها من مراكز طبية موثوقة، مؤكدًا أن العدسات المنتشرة في الأسواق مصنعة في "مصانع بير سلم"، وسط غياب الرقابة من قبل وزارة الصحة.

وردًا على حديث البائعين عن عدم انتهاء صلاحية العدسات اللاصقة وأنها صالحة للاستخدام مدى الحياة، أعرب أنها ادعاءات كاذبة للترويج لبضائعهم، منوهًا أن العدسات التى يقومون ببيعها غير معقمة ويعاد تغليفها وبيعها مرة أخرى، مستدلًا برخص ثمنها الذى يصل إلى خمسة عشر جنيهًا.

وذكر الطبيب قصة إحدى المرضى، التى كانت تستخدم العدسات لتكون أكثر جمالًا ولكنها لم تعلم أنها ستكون سبب تدمير حياتها.

فيروي الطبيب أن إحدى حالاته قامت بشراء عدسة غير معلومة المصدر من مركز تجميل فى ليلة زفافها وعند ارتدائها لها شعرت بالتهاب وإحمرار عينيها، ولكن كحلم أى عروسة تريد الحصول على المظهر الجذاب لم تكترث لتلك الأعراض التى كانت مؤشر على فقدانها لبصرها.

وتوجهت بعد 4 أيام إلى العيادة ولكن كانت حالتها متأخرة فقد كان هناك سحابة على القرنية واضرطت إلى  إجراء عملية زرع قرنية لكن زوجها لم يتحمل ظروفها المرضية وطلقها زوجها بعد شهر من زواجهما.

هبه السيد: العدسات تسببت في حساسية مفرطة في عيني

حال هبه السيد لم يختلف عن حال الكثير من الفتيات التى تقوم بشراء العدسات اللاصقة من على الأرصفة لأن سعرها مناسب وفى متناول يدها.

وتقول هبه أنها تقوم بوضع العدسات منذ 4 سنوات ولم تشعر بأضرارها الا فى الفترة الأخيرة قائلة:"آخر مرة لما لبستها حسيت بالتهاب واحمرار فى عيونى ولم استطع تحريكها وازداد الوضع سوءًا بعد مرور نصف ساعة من وضعها".

وتوجهت إلى الدكتور أخبرنى أنى أصبت بحساسية شديدة على العين بسبب العدسات اللاصقة، مؤكدًا أنها غير صحية ولا تصلح للاستخدام واستمريت خمسة أشهر فى مرحلة العلاج وتم شفائي.