المحتوى الرئيسى

24 ساعة مصيرية| المساء عادي يوم الجمعة.. الظهيرة مشتعلة يوم السبت

10/06 13:49

من الهدوء إلى العاصفة هو العنوان المعبر بالفعل عن الـ24 ساعة السابقة لانطلاق الحرب في الثانية ظهر السادس من أكتوبر.

الجمعة 9 رمضان 1393، 5 أكتوبر 1973، يوم عادي للغاية مثله مثل الأيام السابقة، ذهب أنور السادات لصلاة الجمعة في مسجد عبارة عن زاوية صغيرة تعلم فيها الصلاة منذ خمسين عاما، كما يقول في مذكراته "البحث عن الذات"، التقطت المشهد عدسات التليفزيون والصحف بشكل عادي أيضا كصلاة رئيس في مثل هذا اليوم من كل أسبوع.

كان السادات قد انتقل إلى قصر الطاهرة بسراي القبة ليباشر إدارة المعركة من هناك، بعد أن جرى تغيير غرف القصر إلى مراكز للقيادة، وعُلقت سيناء وقناة السويس وهضبة الجولان على حوائط القصر الفخم.

في مساء الجمعة نام السادات جيدا، يقول: "قد يعجب الناس إذا عرفوا أن ليلة المعركة كانت من أحسن الليالي التي نمتها في حياتي"، ويرجع السادات ذلك إلى حالة "السلام الروحي" التي انتابته في اليوم السابق للحرب، والتي جنبته أي عصبية أوانفعال.

وفي صباح اليوم التالي، 6 أكتوبر، استيقظ السادات وبدأ يومه بصورة طبيعية، فمارس تدريباته الرياضية المعتادة، لكن الوضع كان مختلفا في إسرائيل.

في شوارع الأرض المحتلة استعد الإسرايليون للذهاب إلى الكنيس، اليوم عيد "كيبور"، وليست هناك إشارات للحرب أو غيره، فيما كانت الأمور على مستوى القيادة قلقة.

في الثامنة صباحا اجتمعت رئيسة الوزراء جولدا مائير بوزير دفاعها موشيه ديان ونائب ريس الأركان أفنير شاليف، وكان مصدر قلقهم الطائرات السوفيتية التي هبطت في مصر لإجلاء الرعايا الروس، لكنهم كانوا يتصورونها طائرات إمداد عسكري، جرت المناقشة حول استدعاء الاحتياط، لكن شاليف طلب عشر ساعات لتجهيز 200 ألف جندي، وهو ما رفضته مائير وديان على اعتبار أن ذلك سيقيم الدنيا على إسرائيل ويصورها في صورة البادئة، ومن جهة أخرى لم يكونوا يتصورون أن الحرب ستندلع اليوم بالفعل.

خرج الجميع من الاجتماع على قرار تجهيز 120 ألف فقط من جنود الاحتياط، فيما كان القيادة في القاهرة تتأهب لإشارة العبور.

دخل السادات غرفة العمليات، كان الوقت صياما، لذلك لم يكن غريبا أن الجميع لا يشرب أو يدخن، نصحهم السادات بالإفطار لأن القادم سيتطلب درجة عاليا من التركيز، يقول في مذكراته أنهم كانوا يشعرون بالحرج من ذلك فبادر بطلب فنجانا من الشاي وراح يدخن، ففعل الجميع مثله.

على الجبهة، في الصباح، كانت الأمور عادية أيضا، في الضفة الشرقية التي تحتلها إسرائيل كان الضباط والجنود بالملابس الداخلية، لا يعتدون أن أسراب من طائرات الجيش المصري سيهاجمهم بعد ساعات، وفي الناحية الأخرى، على الضفة الغربية، كان الصباح عاديا أيضا بالنسبة لرجال الجيش المصري، إلى أن جاءت الأوامر للضباط بنقل القوارب المطاطية على اعتبار أنها "بطاطين".

فهم الضباط المغزى وأحسوا بأن اللحظة التي انتظروها طويلا، جاءت. وبعد 20 دقيقة فقط بعد الثانية ظهر السبت كانت الجبهة مشتعلة.

في تمام الثانية، حلقت 200 طائرة فوق القناة في اتجاه مواقع العدو في سيناء، كانت صدمة للإسرائيلين، خصوصا إذا كان الوضع لديهم وقتها ضبابيا وتائها، فلا جولدا مائير ولا موشيه ديان ولا شاليف أصدروا أي تعليمات من أي نوع، لذلك كان انتصار سلاح الجو المصري مذهلا.

وفي الثانية وخمس دقائق أطلقت المدفعية قذائفها، واستمر ذلك لمدة 53 دقيقة، وكان عدد المعدات المستخدمة في هذه المرحلة ألفي مدفع.

وفي الثانية والثلث حمل نحو 4 آلاف جنديا من قوات المشاة بالجيش المصري 720 قاربا مطاطيا ونزلوا إلى القناة، في تمام الثانية والثلث، التحديات صعبة وكبيرة، فهناك نابالم من الممكن أن يحرق الماء، وهناك ساتر ترابي مرتفع لا يمكن توقع ما سيحدث خلفه، لكن المقاتل المصري ألقى بكل هذا خلف ظهره وتقدم، لا يفكر في شيء إلا أن هذه الأرض المسلوبة يجب أن تُستعاد الآن، وفورا.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل