المحتوى الرئيسى

سوريا: حراك سياسي لإحياء التهدئة

10/06 01:55

لم يهدأ الكلام الحربي في الصحف الأميركية على الرغم من الإشارات التي وجهتها ادارة الرئيس باراك اوباما الى تحركها نحو تسليم «الملف السوري» بتعقيداته، الى الإدارة الأميركية الجديدة، اذ بادر وزير الخارجية جون كيري بالاتصال بنظيره الروسي سيرغي لافروف على الرغم من إعلان واشنطن قبل يومين، إنهاء التواصل مع موسكو حول الحرب السورية.

وبدا أن هناك مؤشرات تسوية ما، سواء بمبادرة كيري للاتصال بلافروف، او بإعلان الجيش السوري «تقليص» عدد الضربات الجوية والمدفعية على مواقع مسلحي المعارضة في الأحياء الشرقية في مدينة حلب، موضحاً أن قراره يأتي بعد التقدم الميداني الذي حققته وحداته مؤخراً، و «للمساعدة في خروج من يرغب من المواطنين باتجاه المناطق الآمنة».

اما المؤشر الثالث فتمثل في مبادرة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الى الاتصال بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، وهما سيلتقيان أساسا خلال أيام قليلة، حيث بحث معه الملف السوري وشددا على ضرورة خلق ظروف لخفض توتر الوضع وحل المشكلات الإنسانية الحادة. وفي تأكيد إضافي على هذه المؤشرات، كثّف الأوروبيون حركتهم الديبلوماسية في ما بدا كمحاولة لإنعاش التفاهمات الروسية ـ الأميركية القاضية بوقف إطلاق النار في سوريا.

وفي هذا السياق، أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية أنه «مع استمرار عمليات القصف في حلب، سيزور جان مارك أيرولت موسكو اليوم الخميس وواشنطن يوم الجمعة، في إطار جهود فرنسا لتبني قرار لمجلس الأمن الدولي يمهد الطريق أمام وقف إطلاق النار في حلب ووصول المساعدات إلى السكان الذين يحتاجونها بشدة».

وكانت موسكو استبقت زيارة أيرولت بالتحذير من أن مشروع القرار الفرنسي لن يعمل طالما كان المقصود منه دفع روسيا للضغط على القوات الحكومية السورية لوقف إطلاق النار بشكل أحادي الجانب. مشددة على أن مشروع القرار سيرى النور فقط في حال اتخاذ إجراءات منسقة أشد ضد الإرهابيين.

وتهدد مسودة مشروع القرار الفرنسي الإسباني باتخاذ «مبادرات اخرى» اذا لم يحترم وقف العمليات العسكرية لكنه لا يتحدث عن الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة الذي يجيز استخدام القوة وفرض عقوبات.

من جهته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية مارتن شيفر إن أهداف الاتفاقات التي توصلت إليها واشنطن وموسكو مطلع أيلول الماضي، المتمثلة في تحقيق الهدنة ومكافحة تنظيم «داعش» الإرهابي، لا تزال مهمة، مشيرا الى أنه لا توجد مقترحات دولية بفرض عقوبات على روسيا لدورها في سوريا، مضيفاً «في الوقت الحالي لا أعرف أحدا سواء في برلين أو أي مكان آخر لديه مقترحات من هذا النوع».

مزاج دعم مُتزايد داخل أجهزة الاستخبارات الأميركية لخيار الضربات الجوية ضدّ الجيش السوري. في المُقابل، هناك شكوك كبيرة حول موافقة البيت الأبيض على مثل هذه العمليات من دون العودة إلى مجلس الأمن. وقبل نحو ثلاثة أشهر فقط من تولّي الرئيس الأميركي الجديد مهامه، تُواجه السياسة الخارجية الأميركية أكثر التحديات تعقيداً. وعقدت أجهزة الأمن القومي الأميركي على مدى اسابيع اجتماعات لدرس خيارات جديدة حول كيفية التعامل مع قضية حلب من أجل رفع توصية بخصوصها إلى الرئيس الأميركي. وبحسب صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، هناك «شكوك كبيرة بقبول البيت الأبيض بأي عملية عسكرية». ونقلت عن مسؤولين قولهم إن «أوباما لا ينوي الانخراط عسكرياً في سوريا على نحو أكبر من السابق وأن موقفه لن يتغيّر في هذا الإطار، لاعتباره أن كل الخيارات العسكرية المطروحة تحمل معها مخاطر سلبية أو عواقب».

وأضافت أن كيري، بدوره، «لا يُؤيد استخدام القوة العسكرية ضدّ الجيش السوري بل يُفضّل مواصلة العمل الديبلوماسي مع روسيا وتكثيف الضغوط على الحكومة السورية».

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين قولهم إنه ليس هناك اجماع على الخيارات التي يجب أن تُطرح على أوباما، مضيفين أن منسق البيت الأبيض للشرق الأوسط روبرت مالي وموفد اوباما في «التحالف الدولي» بريت ماكغورك يُعارضان أي تصعيد عسكري ضدّ الحكومة السورية.

حتى المسؤولين العرب، يُشكّكون في تغيير إدارة أوباما لسلوكها في سوريا أو الانخراط في مضاعفة الجهود للضغط على نظام الأسد. ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» عن مسؤول عربي رفيع المستوى قوله إن الحكومات العربية «تفترض أن البيت الأبيض سيُسلّم السياسة الأميركية الحذرة تجاه سوريا إلى الإدارة المُقبلة من دون تغيير يُذكر»، مضيفاً أن «تركيزنا ينصبّ حالياً على معرفة كيف سيتصرّف دونالد ترامب أو هيلاري كلينتون في سوريا».

بدورها، استبعدت صحيفة «نيويورك تايمز» إقدام الإدارة الأميركية على أي خطوة في الوقت المتبقّي لأوباما في البيت الأبيض، ورأت أن الطرف الروسي يستفيد من هذا الوقت من أجل فرض أمر واقع على الأرض أمام الرئيس الأميركي الجديد.

ووفقاً للمُحلّلين، فإن بوتين يعتمد «استراتيجية تقوم على التصرّف بقوّة وسرعة واغتنام الفرص» خلال الأشهر الفاصلة قبل تنصيب الرئيس الأميركي الجديد، إذ يُرجّح بوتين أن اوباما لن يتدخّل خلال هذه الفترة في الصراع المحتدم في سوريا.

واعتبر محلّلو الاستخبارات أن موسكو تهدف إلى مُساعدة الجيش السوري لاستعادة حلب بما يُمكّن موسكو من «إجراء مُحادثات حول مستقبل سوريا وفق شروط أقوى».

عضو لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي جون ماكين الذي يؤيد توجيه ضربة جوية لسوريا، دعا في مقالة رأي في صحيفة «وول ستريت جورنال» بعنوان «أوقفوا الأسد الآن أو توقّعوا سنوات من الحرب»، الى استهداف الطائرات السورية والروسية على السواء، وتقديم المزيد من الدعم لجماعات المعارضة المُسلّحة.

وخلص السيناتور الجمهوري إلى أن مُقاربة الإدارة الأميركية لسوريا «فشلت على نحو ذريع، وقد حان الوقت لاستراتيجية جديدة، بما تتضمّنه من عنصر عسكري، قادر على تحقيق هذا الهدف الأكثر واقعية»، مضيفاً أن الأمر «لا شكّ سيُكلّف كثيراً لكن البديل أكثر كلفة، وهو عبارة عن سنوات أخرى من الحرب».

استعاد الجيش السوري والقوات الحليفة السيطرة على «مبنى مؤسسة المياه ومعامل البيرة والزجاج والسجاد على اتجاه مشفى الكندي وعشر كتل أبنية على اتجاه حي العامرية» في حلب.

وفي ريف حماه الشرقي، دارت اشتباكات بين الجيش والمجموعات المسلحة عند محور السطيحات غرب مدينة السلمية.

من جهة ثانية، التحقت السفينتان الحربيتان الروسيتان «سيربوخوف» و «زيليوني دول» المُزوّدتان بصواريخ «كاليبر» المُجنّحة، مساء أمس، بمجموعة السفن الحربية الروسية المُرابطة في البحر المتوسط، مع تزايد التوتّر مع واشنطن حول سوريا.

ويأتي ذلك غداة اعلان موسكو أنها نشرت أنظمة دفاع جوي من نوع «اس - 300» في طرطوس.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل