المحتوى الرئيسى

انفضَّ العُرس الجنائزى وبقيت آثاره

10/05 22:00

ما زالت ردود الفعل الفلسطينية، من كافة أطيافها السياسية والشعبية على مشاركة الرئيس محمود عباس فى مراسم تشييع جنازة شيمون بيريز، تلقى بظلالها على المشهد الفلسطينى، ويبدو أن حالة الغضب تتصاعد وليست فى سبيلها إلى الخفوت، فطالبت قوى وفصائل فلسطينية باعتذار الرئيس عباس للشعب الفلسطينى عن هذه السقطة التى لن يغفرها له التاريخ ولا دماء الشهداء ولا الأسرى والمعتقلون فى سجون الاحتلال، غير أن الرئيس «عباس» يبدو بعيداً عن هذه الغضبة الشعبية ولا يدرك تبعاتها ويغرد خارج السرب متحدياً بجملة من الإجراءات العقابية التى طالت أشخاصاً مثل اعتقال ضابط برتبة مقدم وهو مدير العلاقات العامة والإعلام فى الارتباط العسكرى الفلسطينى بتهمة إبداء آراء سياسية، بما يخالف قانون المؤسسة الأمنية، وكان الضابط قد أبدى اعتراضه على مشاركة الرئيس «أبومازن» فى تشييع جثمان «بيريز»، ورغم اعتذاره وتراجعه، فإن السلطات المختصة قررت الانتقام ووضعته رهن الاعتقال والتحقيق!! وقد تجاوز الأمر الأشخاص وطال حركة الشبيبة الطلابية المنتمية لحركة فتح فى جامعة بيرزيت، فقررت قيادة الحركة إقالة الهيئة الإدارية لشبيبة فتح فى الجامعة لأنها أصدرت بياناً طالبت فيه «أبومازن» بالاعتذار للشعب الفلسطينى على مشاركته فى جنازة «بيريز» والتنحى من منصبه، واتخذ القرار من تنظيم فتح بطلب من الرئيس «عباس».

لم تقتصر حالة الغليان عند هذا الحد بل طالت قطاع المثقفين والأدباء والكتاب والإعلاميين والنشطاء الذين أبدوا استنكارهم وامتعاضهم ووقعوا على عريضة تطالب بالاعتذار وتدين قرار المشاركة الذى اعتبروه فردياً ولا يعبر عن الشعب الفلسطينى ولا الفصائل بل جاء دون استشارة، فكان قراراً صادماً لمشاعر الفلسطينيين فى فترة من أسوأ فترات معاناتهم من انتهاكات وتعديات الاحتلال وتوسعاته الاستيطانية.

قد تكون القرارات السياسية بلا مشاعر عندما تتعلق بالمصلحة العامة للشعب، لكن أن تخرج تحدياً لرغبة شعب بأكمله وبشكلها المهين لإرادته فهذا غير مفهوم ولا مبرر، فلم يفت أسبوع على وفاة «بيريز» حتى تلقى محمود عباس صفعة جديدة من إسرائيل هدية لمشاركته فى الجنازة؛ فقد تعهد رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بمواصلة الاستيطان وتطويره، وبينما كان قادة العالم مجتمعين لتشييع شيمون بيريز كانت الحكومة الإسرائيلية تضع عائقاً جديداً أمام حل الدولتين حتى لا تكونا قابلتين للتعايش أو الوجود أصلاً، والأغرب أن موقع «والا العبرى» قد اعترف بأن مشاركة رئيس السلطة الفلسطينية فى جنازة «بيريز» لن تغير الوضع للأفضل فى ظل الموجة الحادة من الانتقادات لفعلته التى أثارت الرأى العام الفلسطينى ولاقت انتقاداً لاذعاً وغضباً شعبياً كبيراً وصل إلى حد المطالبة باستقالته!.

إذا كانت إسرائيل نفسها تعترف بعدم أهمية أو جدوى المشاركة ولم تقم وزناً لها ولم تعتبرها، بل كان هناك تجاهل واضح من قبَل «نتنياهو»، رئيس الوزراء، و«ريفلين»، رئيس إسرائيل، لـ«عباس» يدعو للخجل، خاصة أن من أصر على حضوره الجنازة هم عائلة «بيريز» وليس الحكومة الإسرائيلية الرسمية، وهذا يعنى أن «أبومازن» دعى بشكل شخصى لحضور الجنازة وليس بشكل رسمى، الرئيس «عباس» الذى لم يشارك فى تشييع جنازة المناضل العالمى «نيلسون مانديلا» ولا رئيس فنزويلا «هوجو تشافيز»، وكلاهما كانت له مواقف حاسمة ومؤثرة ومشرفة من القضية الفلسطينية تستحق الامتنان، فلا ننسى لـ«تشافيز» طرده السفير الإسرائيلى فى أوج العدوان الإسرائيلى على لبنان عام 2006 وكررها عام 2009 أثناء العدوان الإسرائيلى على غزة ووصف ما تقوم به إسرائيل من مجازر بحق الفلسطينيين بالمحرقة.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل