المحتوى الرئيسى

عبد الخالق فاروق يرد على أحمد عز: الكلام بلا علم يدفع في اتجاه التدمير الذاتي.. والإنسان يتميز عن الحيوان بالذاكرة

10/05 17:06

الخبير الاقتصادي يفند مزاعم «رجل المخلوع».. ويصف حلول السيسي الاقتصادية بـ«الأساليب الصبيانية»: الرئيس وضعنا بعد عامين من حكمه تحت الوصاية الدولية

نشر الدكتور فاروق عبد الخالق، الخبير في الشؤون الاقتصادية والإدارة الحكومية، أمس الإثنين، عبر حسابه بـ«فيس بوك»، ردا على مقال أحمد عز، أمين تنظيم الحزب الوطني المنحل، أحد أهم رجال المخلوع حسني مبارك ونجله جمال، في جريدة «المصري اليوم»، والذي زعم خلاله بعض الحلول والاقتراحات للخروج من الأزمة الاقتصادية في مصر.

ورأى «فاروق»، أن رؤية «رجل المخلوع» للخروج من الأمة الاقتصادية تشكل سياسات خطرة لأنها تتضمن الإستيلاء على المستحقات المالية للمواطنين فيما يعد مخالفة قانونية، فضلا عن أن تلك الرؤية لا تختلف كثيرا عما لجئت إليه الحكومة مرارا وتكرار حتى بات أسلوب تنتهجه كلما حلت أزمة اقتصادية، وهو إستسهال الضغط على أصحاب الأجور الضعيفة والمرتبات والفقراء عموماً، دون المساس بأصحاب المليارات التي يجب أن يشكلوا جزءا من الحل ضمن نظام ضريبي عادل، ما لم يُطرح للمناقشة أصلا.

ووصف الخبير في الشؤون الاقتصادية، محاولات نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي في إحتواء الأزمة بـ«الأساليب الصبيانية»، وبدلا منها يمكن وقف الوزراء عن الإسراف والتبذير، فمعظمهم أنفقوا المليارات على تجديد المكاتب وما شابه.

وردا على ترويج «عز» لفوائد «تعويم الجنيه»، قال «فاروق»، أن الفجوة الدولارية ما بين 30 – 35 مليار دولار وليست 18 مليار كما إدعى أمين تنظيم الوطني المنحل، وبالتالي فإن نتائجه أقل كثيرا من طبيعة المأزق الاقتصادي والمالي النقدي، وتوجيهات صندوق النقد الدولي لم تؤدي يوما إلى زيادة الصادرات وخفض الواردات، واصفا الاقتصاد المصري بـ«اقتصاد السداح مداح».

خطورة هذه السياسة وهذا التفكير فى أربعة مناحى :

الأول: أنه أعطى لنفسه وبقرار إدارى الإستيلاء على مستحقات مالية للمواطنين بالمخالفة للقانون وبصرف النظر عن قيمة هذه المبالغ المجمعة سنويا .

الثانى: أنه يكشف للمرة العاشرة أو أكثر أن هذا الرئيس فى مواجهة المأزق الاقتصادى الكبير يستسهل الضغط على كاسبى الأجور والمرتبات والفقراء عموما دون أن يقترب إطلاقا بنظام ضريبى عادل للحصول على عشرات المليارات من رجال المال والعمال والأغنياء عموما، والتى بدونها لن تحل مشاكل مصر وسنظل متسولين للقروض والمساعدات من هنا ومن هناك، وبالمناسبة فقد حصل رجال المال والعمال على مكاسب وأرباح منذ بداية الإنفتاح لا تقل أبدا عن 850 مليار دولار وسوف أنشر عليكم قريبا حقائق مذهلة حول هذا الموضوع .

الثالث: أن هذا الإجراء من شأنه أن يدفع التجار فى السواق أيضا إلى الإستيلاء على بواقى الحساب ( والفكة ) من المستهلكين وبالتالى سوف تنشأ نزاعات بين الناس فوق قدرتنا على التحمل

الثالث: أن المثل الشعبى يقول "التشطاطيف متلماش قرب" أى أن الأزمة الاقتصادية فى مصر لن تنفع معها هذه الأساليب الصبيانية لحلها مثل "صبح على مصر ولو بجنيه" و"صندوق تحيا مصر" و"الفكة" وغيرها من الوسائل الصبيانية التى زهقت الناس فى عيشتهم .

الرابع: لقد عرض على أحد المواطنين بعد الثورة وتحديدا فى عام 2012 هذه الفكرة، وكان الناس فى قمة الحماس ويرغبون فى المشاركة بالأفكار لإعادة بناء البلد، وبرغم حماس الفكرة لدى الرجل الذى للأسف لا أتذكر اسمه فقد وجدت أن لدينا وسائل وأساليل أخرى تنموية قادرة على إخراجنا من المأزق، ثم جاء الرئيس السيسى وأدعى بأنه لديه الحلول لكل مشاكل مصر فى لقاءه مع إبراهيم عيسى ولميس الحديدى، ثم تبين أنه لا يحمل أفكارا أو رؤى، بل المصيبة أنه قال انتظرونى بعد عامين فى حكم مصر، مصر ستصبح "أم الدنيا وقد الدنيا"، إذا بنا بعد عامين تحت الوصاية الدولية .

الخامس: يضاف إلى ذلك أن من يبحث عن الفكة لتمويل بعض المشروعات عليه أولا أن يتوقف هو ووزرائه عن الإسراف والتبذير والإهدار، فمعظم الوزراء بدون مبالغة قاموا بإنفاق مبالغ بالملايين على تجديد مكاتبهم وفرشها بأثاث فاخر بدءا من وزير التخطيط أشرف العربى إلى رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة إلى وزير الأوقاف وهلم جرا، وهذه التكاليف فى هذا العام وحده تتجاوز 400 مليون جنيه، فمن يحاسب من ؟

يتميز الإنسان عن غيره من الكائنات الحية – وفى طليعتها الحيوان – من منظور علماء الأنثروبوجيا، بأنه صاحب ذاكرة، ومن هنا توارثت الأجيال البشرية المعرفة وبنت حضارات إنسانية، على عكس الكائنات الأخرى .

وهنا نأتى إلى الموضوع الأخير والخطير فى تحليلات السيد أحمد عز وهو الخاص بدعوته إلى تعديل سعر صرف الجنيه المصرى - أى تخفيضه باختصار - وينطلق الرجل من فكرتين طالما تكررتا فى كل مرة تلجأ فيها الحكومات المصرية منذ عام 1976 إلى تخفيض قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية وخصوصا الدولار الأمريكى وهما  

1  - أن تخفيض قيمة الجنيه سوف تؤدى إلى زيادة صادراتنا، وهو هنا يشير إلى أنها ستؤدى إلى زيادتها بنسبة 10% من قيمتها الحالية ( أى حوالى 2 مليار دولار) .

2  - أن تخفيض الجنيه من شأنه تخفيض واردتنا بحوالى 6 مليار دولار .

وبالتالى فأن النتيجة هو تحقيق وفر يعادل 8 مليار دولار، بما يكاد يعادل الفجوة الدولارية، وفى نفس الوقت فان السيد أحمد عز لا ينكر التأثيرات الضارة لتخفيض الجنيه على حياة الطبقة الوسطى والطبقات الفقيرة، ولكنه يقول إن الاقتصاد قادر على التصحيح الذاتى للأمور مع الزمن، أو كما كان يقول آدم سميث منذ عام 1776 بالأيدى الخفية Invisible Hands ، وكما قال ميلتون فريدمان زعيم مدرسة النقديين ومدرسة شيكاغو فى الاقتصاد، التى قادت الموجه العاتية للرأسمالية المتوحشة، التى أوصلتنا فى مصر وفى النظام الرأسمالى العالمى إلى ما وصلنا إليه من حافة الكارثة .

وهذا الكلام المفتقر إلى العلم والخبرة التاريخية القريبة من شأنه أن يدفع صانع السياسة الاقتصادية الراهنة إلى الإندفاع فى سياسة التدمير الذاتى لعدة أسباب  

السبب الأول: أن الفجوة الدولارية فى مصر حاليا تزيد على 30 إلى 35 مليار دولار وليست 18 مليار دولار كما يقول السيد أحمد عز، وبالتالى فأن النتائج التى يتصورها أقل كثيرا من طبيعة المشكلة والمأزق الاقتصادى والمالى والنقدى.

السبب الثانى: أنه ومنذ أتبعت هذه السياسة بتوجيه وأوامر من صندوق النقد الدولى والبنك الدولى، لم تؤدى إلى زيادة الصادرات كما قدروا، ولا تخفيض الواردات كما يتصور الرجل، ومن يراجع هيكل الصادرات المصرية يكتشف أنها تعتمد فى معظمها على الصادرات من البترول والغاز، ثم الخضروات، ويبقى الصناعة دون المستوى برغم حجم الحوافز والإعفاءات الضريبية والجمركية ودعم المصدرين – بكل الفساد المصاحب لهذه الإعفاءات والدعم – طوال الثلاثين عاما الأخيرة، وبالتالى فلا الصادرا سوف تزيد فى ظل البنية الانتاجية الراهنة، ولا الواردات سوف تنخفض خصوصا إذا عرفنا أن 65% من غذاءنا نستورده من الخارج، وأن 70% على الأقل من مستلزمات التشغيل الصناعى نستوردها أيضا من الخارج، وكل الجهود فى هذا المجال لن تؤدى سوى لتخفيضات محدودة خصوصا وأن لدينا طبقة جديدة من المستوردين المسجلين زاد عددهم من 42 ألف مستورد عام 1984 إلى 840 ألف مستورد عام 2016 .

السبب الثالث: أن كل عمليات تخفيض سعر صرف الجنيه ( 1976-1979- 1991-2002-2014-2016)، كان يصاحبها عادة تكرار لنفس المعزوفة الثلاثية المتمثلة فى :

2  - محاربة السوق السوداء للعملة وعمليات المضاربة على الجنيه.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل