المحتوى الرئيسى

«ديلي بيست» تروي قصصا «مأساوية» لأطفال «مركب رشيد»: أحدهم حاول 50 مرة

10/04 22:48

نشرت صحيفة "ديلي بيست" الأمريكية تقريرًا، تعرض فيه قصصًا لأطفال ناجيين من حادث غرق "مركب رشيد"، الذي راح ضحيته 202 قتيل، وإلى نص التقرير..

قبل تحرك المركب أجبر السماسرة 100 شخص يريدون الهجرة على الصعود إلى متن سفينة تحت تهديد السكين، وكان المركب مكتظًا بعدد يفوق قدرته، كما هدد السماسرة قبطان السفينة بقتله، إذا رفض التحرك بالسفينة إلى إيطاليا، وذلك بسبب الحمولة الزائدة، التي بلغت 450 شخصًا على متن السفينة.

"محمد، عثمان، وكريم".. أسماء مستعارة اختارتها الصحيفة لـ3 أطفال، خوفًا عليهم من السلطات، أعمارهم أقل من 18 عامًا، تجمعهم علاقة صداقة، اختاروا ركوب البحر سويًا.

محمد، 17 عامًا، سواق "توكتوك" فقير، عندما بدأت المركب في الغرق، ظل في الجزء الأمامي مع العشرات، وأصيب كل من على متنها بالذعر.

يقول محمد: "في الرابعة فجرًا، عندما بدأت السفينة في الميل للأسفل بسبب زيادة حمولة المركب، تسلق العشرات جوانب المركب للخروج، بينما كان ينتظر المحبوسين في ثلاجة السمك بالمركب دورهم ليتمكنوا من النفاد".

"محمد وعثمان"، أول من نزلا من على متن السفينة بعدما فشلا في انتزاع صديقهما كريم ليلحق بهما.

يروي محمد: "وأنا في المياه رأيت سطح المركب يتهشم، وفجأة انقلب على جانبه، كان يبدو وكأن الأمواج ابتلعته"، مضيفًا بصوت متقطع: "رأينا الناس يُغرِقون بعضهم البعض ليتنفسوا، والذي بقى منهم على قيد الحياة كان يطفو على سطح المياه، بينما يتبلع البحر من غرقوا".

لاحظ عثمان، صديقه كريم وهو يحاول التشبث بزجاجة مياه ليتعلق بها ويتمكن من الطفو فوق سطح البحر، فحاول عثمان ومحمد الوصول إليه لكنهما تأخرا، غرق كريم.

"محمد وعثمان" من ضمن 163 ناجيًا واصلا العوم لمدة 7 ساعات متواصلة، قبل أن يساعدهما الصيادين وينتشلوهما في غياب تام لشرطة المسطحات، على حد قولهما.

"محمود".. كان من ضمن عشرات الأطفال على متن السفينة المتجهة إلى إيطاليا؛ فالقانون الإيطالي لا يعيد الأطفال المهاجرين إلى أوطانهم، وكان أملهم الاستقرار هناك لجني الأموال لمساعدة أهاليهم.

16863 طفلًا قاصرًا من شمال أفريقيا -غير مصحوبين بأهلهم- عبروا البحر لمتوسط للوصول إلى الشواطئ الإيطالية هذا العام، وهو ضعف العدد في العام الماضي، وفقًا لبريد إلكتروني أرسلته منظمة "أنقذوا الأطفال"، ومن بين الأطفال المهاجرين، حوالي 2666 طفلًا مصريًا، هذا العام، وهو 3 أضعاف أعداد المهاجرين المصريين الصغار في نفس الفترة من العام الماضي.

اليأس والإحباط يدفع بالعائلات للزج بأبنائهم في رحلات عبر البحر ربما تفضي إلى موتهم، فالاقتصاد المتهالك وعدم الاستقرار والقمع السياسي الذي تعيشه مصر طيلة 5 سنوات متواصلة، وانتشار البطالة بين الشباب والانهيار الذي أصاب بعض القطاعات الهامة كالسياحة، وأزمة الدولار التي أغلقت العديد من الشركات والمصانع، كل هذا أدى إلى محدودية فرص الحياة الكريمة أمام من يختار أن يبقى في البلاد.

حتى تمن تذكرة المركب للهجرة لم يعد في متناول الفقراء، ويقدم أهالي الأطفال وعدًا بسداد قيمة التذكرة من الأموال التي سيجنيها أبنائهم بمجرد وصولهم للخارج، فيربطون مصير أطفالهم بالسماسرة لسنوات عديدة.

وإلى منطقة الجزيرة الخضراء بالإسكندرية، والتي فقدت وحدها 100 طفل في محاولات الهجرة غير الشرعية.

الجزيرة الخضراء، تقع شرق رشيد في الإسكندرية، وهي التي انطلقت منها السفينة المنكوبة، وعبارة عن أسطح من الحديد المموج بجوار بعضها البعض وبيوت صغيرة أشبه بالحظائر مشيدة من الطوب الأحمر، يلعب الأطفال فيها حول غطاء كثيف من القمامة المتعفنة من سخونة الجو، والفتيات يغسلن الأطباق في الماء الفاسد.

"محمد".. من بين 24 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر، ماتت أمه لإصابتها بفيروس سي، والأسرة لم يتوفر لديها المال لعلاجها، ولحق بها والده منذ 8 سنوات، ومن وقتها شعر بالمسئولية في رعاية أشقائه الأصغر منه.

يقول محمد إن "التوكتوك" الذي يعمل عليه بالكاد يوفر له جنيهين يوميا، فكانت الهجرة أمله الوحيد.

"محمد"، يجلس مع أصدقائه في حظيرة متهالكة مليئة بكراسي مكسورة، ويتحدث عن استعداده للمحاولة مرة ثانية، على الرغم من نجاته بأعجوبة في المرة الأولى.

ويحكي "أسامة" أنه استطاع أن يحصل على خصم 2000 جنيه على تذكرته في المرة الأولى، بسبب معارفه وشهرته لدى المهربين الذين يعرفهم الاسم، لكن "محمد" لم يكن معروفًا لديهم، فاضطر لدفع 1000 جنيه كمقدم جمعهم من أقاربه.

"أسامة"، طالب، وفكر في الهجرة لسداد الفواتير الطبية المتزايدة على أبيه الذي يبلغ من العمر 60 عامًا، ويعاني من مرض في الكلى وأجرى جراحة  قلب مفتوح، ولا يزال يحتاج لمزيد من الرعاية والعلاج.

يقول الصبيان إنهما تلقيا رسائل من أصدقائهما في إيطاليا، والذين يتفاخروا بالمال والعمل، وإنهما حاولا عدة مرات العبور.

أما "هيثم محمد"، صياد يعيش في الجهة المقابلة للقرية، مشهور بأنه وحده قام بـ50 محاولة، وقبل ساعتين من غرق السفينة، تحدث إلى والدته وطمأنها أن الأمور تبدو سهلة تلك المرة، فلم يضايقهم أحد، لا شرطة ولا جيش، على حد قوله.

وأكد "هيثم" لوالدته أنه سيعاود الاتصال بها لاحقًا عند وصوله، وكانت هذه هي المرة الأخيرة التي تسمع فيها أمه صوته.

علاء، شقيق هيثم الأكبر، 30 عامًا، يقول إن شقيقه شعر بأنه ليس لديه خيارًا آخر، فهو بالكاد يتحصل على ما يساوي دولار يوميًا، مضيفًا: "متوقعين إيه منه؟ فنحن لا نعيش هنا، فلماذا لا نخاطر بالموت؟".

التهريب في مصر تجارة مربحة، فالمهربون يمكنهم جني 3 أرباع ملايين دولار بحمولة مركب واحدة، وما يتم إنفاقه قليل بالمقارنة بما يجنوه.

ووفقًا لغالي شحاتة، عامل محلي يراقب الأزمة، فإن حوالي مركبين للهجرة غير الشرعية يغادران مصر يوميًا.

ويذكر شحاتة: "سنرى المزيد من الأطفال يحاولون العبور، خاصة بسبب زيادة أعداهم ومتابعتهم لأصدقائهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي، الذين يتحدثون عن طيب الحياة في الخارج".

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل