المحتوى الرئيسى

"جاستا العرب" آخر سهام قانون أمريكا المُثير.. مطالبات بوضع جرائم واشنطن خلف القضبان بأمر ‏من الجامعة العربية.. وخبراء يحددون عوائق تقف أمام إدانتها عالميًا

10/04 19:00

لم تحسب أمريكا حين وافق مجلس نوابها "الكونجرس" على تمرير قانون "جاستا" الخاص بالدول الراعية للإرهاب، أنه ‏قد يضعها هي نفسها خلف القضبان وقيد المحاكمات، وتقوم دول العالم بدور القاضي الذي يجلدها بنفس ‏سلاحها، لاسيما أن الجرائم الأمريكية في حق العالم لا تعد ولا تحصى.‏

كون القانون يقضي بمحاكمة الدول الراعية للإرهاب في محاكم أجنبية وليس على أراضيها؛ فإنه حول ‏أمريكا من مجني عليه إلى جاني، بعدما منح بالمقابل الدول المتضررة من اعتداءات أمريكا أحقية رفع ‏قضايا ضدها ، وهو ما تجني ثماره الآن بعدما تعالت الأصوات بإصدار قانون "جاستا العرب".‏

القانون جاء من داخل مجلس النواب في مصر، بعدما طالب ممثلي الشعب، الجامعة العربية، بإصدار ‏قانون يتيح لعائلات ضحايا الحروب من العرب، تقديم دعاوى قضائية ضد الدول المسئولة عن تلك ‏الحروب وعلى رأسها أمريكا.‏

النواب استندوا في مطالبهم أيضًا على أن هناك عددا كبيرا من ضحايا الحروب التي دعمتها أمريكا وعدد ‏من الدول الأوربية، موجودون في الدول العربية، وهناك أيضًا الكثير من العائلات العربية التي لازالت تعاني ‏بسبب ويلات تلك الحروب‎.‎

المقترح كذلك لاقى تأييدًا كبيرًا منهم، حيث تفائل الكثيرون به، معتبرون "جاستا" أمريكا ليس بداية ‏النهاية للمنطقة العربية، بل بداية النهاية لأمريكا وجبروتها، والتصدي القوي من الجامعة العربية لابتزاز ‏واشنطن تجاه السعودية.‏

حال إصدار الجامعة العربية لمثل هذا القانون، فما هي الجرائم التي من الممكن أن تحاكم عليها أمريكا؟.. ‏بالتدقيق في وقائع التاريخ، نجد أنه لم يفلت شعب واحد من أسنان واشنطن الحادة، التي مزقت بها وحدة ‏العرب أما باحتلال أراضيه، أو الدفع لمحاربته، أو التحريض لدب الانقسامات داخله.‏

لا يمكن ذكر جرائم أمريكا، دون التطرق إلى ما حدث في العراق، التي تأتي على رأس جرائمها في حق ‏العرب، باحتلالها عام 2003، بدعوى تجريدها من اسلحة الدمار الشامل، ووضع حد للدعم الذي يقدمه ‏الرئيس العراقي صدام حسين إلى الإرهاب وتحرير الشعب العراقي.‏

بعد مرور 8 أعوام تم تحرير العراق، وقدمت أمريكا اعتذارا لها مؤكدة أنها انخدعت في وجود زائف ‏لأسلحة الدمار الشامل، بعدما دمرت جميع مدن بغداد ومؤسساتها بالكمل، وخلفت الحرب بحسب الوثائق ‏الرسمية، نحو ‏‎90،149‎‏ قتيلًا عراقيًا.‏

على أشلاء الوطن لبنان سار الأسطول الأمريكي السادس عام 1958، محتلًا بيروت عسكريًا، لتأييد ‏حكومة "كميل شمعون"،الذي طالب الولايات المتحدة بالمساعدة في الحد من التوتر في لبنان، وهرول ‏الجيش الأمريكي سريعًا لاحتلالها لمدة 3 أشهر؛ بدعوى تخفيف التوتر بين أبناء الشعب، انتهت بمقتل ‏‏150 منه، وتشريد 40 ألفًا.‏

وبعد مرور 24 عامًا، لم تكتف واشنطن بالتخريب الذي فعلته في لبنان، ولكن دفعت أسطولها السادس إلى ‏مسافة أقل من 50 كيلومترًا من السواحل اللبنانية، ‏لإسناد القوات الصهيونية الإسرائيلية التي غزت لبنان ‏يوم 5 يونيو 1982، لتكون شريكة معه في جرائمه.‏

وفي عام 1986، ارتكبت أمريكا جريمة في حق الوطن ليبيا، من خلال عملية "الدورادو" قامت فيها ‏القوات الجوية والبحرية مع "المارينز" الأمريكي بقصف طرابلس، والاعتداء على سيادتها، قتلت فيها ‏‏45 جنديًا ليبيًا ونحو 15 مواطن ليبي ليس جريرة لهم.‏

حين احتلت العراق شقيقتها الكويت، تذرعت أمريكا لتحرير شعبها، وقامت بالتدخل فيها عام 1991، ‏فيما عرف باسم حرب الخليج، وشنت وقتها قوات التحالف المكونة من 34 دولة بقيادة أمريكا هجومًا ضد ‏العراق في الكويت، وهو ما مهد له لاحتلال بغداد في النهاية.‏

أكبر جرائم الولايات المتحدة، التي وقعت عام 2001، كانت من نصيب أفغانستان، بعدما شن‎ ‎الجيشان الأمريكي ‏والبريطاني‎ ‎هجومًا على‎ ‎أفغانستان، ردًا على هجمات 11 سبتمبر، فضربتها أمريكا بدعوى القبض على ‏زعيم القاعدة "أسامة بن لادن" واعتقاله، وتدمير تنظيم القاعدة.‏

وتخوض أمريكا حربا ضروس في سوريا الآن، بغطاء التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الذي تقوده ‏واشنطن، وأباح لها التدخل في سوريا، والاشتراك مع روسيا في تمزيقها، بدعوى ضرورة رحيل الرئيس ‏السوري بشار الأسد.‏

إزاء هذا السجل الحافل من الجرائم الأمريكية في الدول العربية، فهل تقدر الجامعة العربية على أخذ ‏حقوقهم ومحاكمة أمريكا؟

يرى السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن الجامعة العربية لن تسطتيع إصدار مثل ‏ذلك القرار لأن جميع الأحداث التي ارتكبتها أمريكا وقعت تحت أعينها وعلى مرىء ومسمع منها، بل وصل ‏البعض إلى تأييد الجامعة العربية له، واشتراك بعض الدول العربية في هذه الجرائم أيضًا.‏

ويوضح أن هذا القرار مردوده سيكون عكسيا؛ لأن الجامعة ستضطر إلى إدانة الدول العربية أيضًا التي ‏ساعدت أمريكا، سيقع اللوم نفسه على الجامعة العربية، التي أعطت الضوء الأخضر لكل هذا، موضحًا أن ‏ضحايا تلك الجرائم هم فقط الذين لديهم الحق في محاسبة أمريكا أمام المحاكم الدولية.‏

وأعطى مثالًا على ذلك بإن أمريكا غزت العراق رغم اعتراض مجلس الأمن- بمساعدة من الدول العربية ‏التي أباحت استخدام أراضيها، كذلك فإن سوريا مشتعلة بسبب الحركات الإرهابية مثل جبهة النصرة ‏وأحرار الشام الذين يتم تمويلهم من الإمارات وقطر.‏

ويلفت الدكتور أحمد مهران، أستاذ القانون العام، إلى عائق يقف أمام إصدار "جاستا" العرب، وهو أن ‏محاكمة أمريكا ستتطلب اللجوء إلى المحكمة الجنائية الدولية، التي لم توقع الكثير من الدول على إتفاقية ‏‏"روما" الخاصة بها، وهو النظام الذي تسير عليه المحاكمة، وبالتالي لن تسطيع محاكمة أمريكا عبرها.

وأشار إلى أن هذه الإتفاقية لم يوقع عليها سوى فلسطين والأردن، وباقي الدول العربية امتنعت عن اعتماد ‏توقيع الاتفاقية، موضحًا أن نظام روما يتعهد بإن الجرائم المروعة التي شهدتها دول العالم وقتل الكثير من ‏شعوبها على مر التاريخ، لن تمر دون عقاب أصحابها مع مرور السنوات، وتشدد على ضرورة محاسبة ‏المتسببين فيها.‏

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل