المحتوى الرئيسى

"الحركي".. الخائن يتحدث لأول مرة منذ الثورة الجزائرية

10/04 15:50

يطل الكاتب والروائي الجزائري محمد بن جبار على المشهد الأدبي العربي والجزائري برواية جديدة تحت عنوان "الحركي"، أي "العميل" أو "الخائن". ويطرح المؤلف ثنائية الخيانة والشرف خلال الثورة التحريرية الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي (1954-1962).

وصدرت رواية "الحركي" في شهر سبتمبر/أيلول المنصرم عن منشورات "القرن الـ21" الجزائرية، في 252 صفحة من الحجم المتوسط، تمثل 12 فصلا بمقدمة مثيرة للناشر، جاء فيها: "أخيرا تحدث بصوت قوي ذلك الخائن العميل (الحركي) المهان في أعرافنا، والذي لم نسمع صوته الداخلي منذ ستين سنة، لم نطلب منه توضيحا ولا تبريرا، ولم نتساءل حتى عن ظروف وشروط خيانته لوطنه".

و"الحركي" هو اسم يطلق على جزائريين خدموا الجيش الاستعماري الفرنسي خلال ثورة التحرير الجزائرية بين عامي 1954 و1962.

ويؤكد مؤرخون أنه بعد استقلال الجزائر عام 1962 غادر إلى فرنسا نحو ستين ألفا من "الحركي" وعائلاتهم مع الجيش الاستعماري، بينما بقي -حسب تقديرات غير رسمية- ما بين 55 و75 ألفا منهم في الجزائر، حيث تعرضوا لأعمال انتقامية.

وتقول وسائل إعلام فرنسية إن "الحركي" وعائلاتهم يشكلون اليوم جالية كبيرة في فرنسا، تشكل نحو نصف مليون شخص.

وعن روايته، يقول الكاتب محمد بن جبار "أردت في هذه الرواية استنطاق المحظور من ذاكرة الجزائريين، بالتوغل في المسكوت عنه بجرأة غير مسبوقة، وباستفزاز الذاكرة الجماعية ضد النسيان الذي طال الحركي، الذي يعيد النظر في ثنائية الشرف والخيانة".

ويضيف بن جبار أنه "تغلغل في نفسية هذا الحركي، واستنطق روحه وأفكاره وقدره البائس بجرأة عالية، ولغة منحوتة في قلب رجل على حافة العمر، تلفت وراءه فلم يجد سوى الخراب الذي كان لا بد أن يعطيه كي لا يذهب سدى".

ويشير إلى أن ما نجح فيه من خلال هذا العمل هو التسلل إلى أعماق "أحمد بن شارف" (بطل الراوية)؛ ذلك "الحركي" الذي ولد عام 1936 في غليزان (غربي الجزائر) الذي يعيش حاليا في مدينة دنكيرك (شمالي فرنسا) بعد تقاعده من الجيش الفرنسي.

ويقول "بن شارف" في مذكراته (حسب ما نقل عنه "بن جبار" في روايته): "بصفتي شبه عسكري تقاعدت سنة 1988 بطلب مني، وضعت حدا للجندية، رحلت مثل آلاف الجزائريين (الحركي) والفرنسيين واليهود إلى فرنسا، اخترت الرحيل، لم يكن لي خيار آخر، لم أتردد لحظة في توديع هذا البلد، لولا أمي التي جعلتني أفكر قليلا وأتريث في قرار الرحيل وألتفت قليلا إلى الوراء، لكني رحلت، اخترت مصيري، في حين لم يحصل لكثير من أقراني شرف تحديد مواقفهم، اخترت فرنسا، أحببتها، تشربت روحها، اعتنقت أفكارها، تكلمت لغتها وتجنست، واستفدت من الرعاية والامتيازات الاجتماعية والمهنية والصحية".

ويذكر مؤلف الرواية أنه قدم الصورة الحقيقية للحركي، كما هي مرسومة في مخيلة الجزائريين، لكن الفرق يكمن فقط في أن هذا الحركي (أحمد بن شارف) يريد التخلص من جزائريته بأي طريقة.

ويلفت إلى أنه يتحدث عن حالة إنسانية تعيش صراعا داخليا ويتسابق صاحبها مع مرض "ألزهايمر" الذي يهدد ذاكرته بشكل جدي، رغم أنه يكتب مذكراته لأسباب علاجية.

ويرى بن جبار أن القلائل الذين كتبوا عن "الحركي" في -المتن الروائي الجزائري- تحدثوا عنه عرضيا، لكن -حسبه- الرهان هنا هو أن تقف شخصية وتضرب جدار الصمت الذي لفهم أكثر من ستين سنة، وعلق "أن تسمع صوتهم أعتقد بأني أتلقى اللعنات منذ بداية نشر الرواية".

وردا على سؤال حول توقعاته لردود الأفعال والانتقادات، التي يمكن أن تخلقها الرواية، يجيب المؤلف أن "المؤرخين سيجدون تفاصيل دقيقة جدا للسنتين الأخيرتين من الثورة الجزائرية (1960-1962) من وجهة نظر كولونيالية (استعمارية)".

أما عن النقاد، فلم يتردد الروائي في انتقادهم بالقول: "لا يتحركون إلا بعد أن تأتي التزكية من الخارج، وعندما يتناولها الآخرون من المشرق أو المغرب، النقد عندنا غريب جدا، يتعاطى مع الرواية الجزائرية بمنطق مختلف".

أهم أخبار صحة وطب

Comments

عاجل