المحتوى الرئيسى

جارديان: جوليو ريجيني.. هل كان جاسوسا؟

10/04 13:56

في هذا العالم المغلق، ربما كان الباحث الإيطالي، جوليو ريجيني بقدرته على التحدث بـ 5 لغات بطلاقة وهاتفه النقال المليء ببيانات الاتصال المصرية والأجنبية، جاسوسًا، وربما ارتكبت الشرطة المصرية، في ظل منظومة تفتقر إلى المساءلة، أخطاء حمقاء.

جاء هذا في سياق تقرير نشرته صحيفة " جارديان" البريطانية اليوم الثلاثاء على نسختها الإلكترونية والذي حاولت فيه استكشاف الأسباب التي قد تفسر مقتل ريجيني، الطالب بجامعة كمبيريدج، لاسيما بعد تراجع السلطات المصرية عن روايتها السابقة التي عزت فيها مقتل 5 أشخاص لتورطهم في اغتيال ريجيني، ووضع احتمالية كونه عميلا في الاعتبار.

حينما عُثر على جثة الباحث الإيطالي جوليو ريجيني وهي ملقاة على قارعة الطريق على مشارف القاهرة وعليها آثار تعذيب، زعمت قوات الأمن المصرية أنه تعرض لحادث صدمته فيه سيارة، ثم عادت الشرطة مجددًا برواية جديدة تقول فيها إن ريجيني كان ضحية لسرقة بالإكراه على أيدي عصابة إجرامية، وذلك قبل أن تلقي الشرطة باللائمة في مقتله على نظرية المؤامرة الخارجية التي تُحاك بمصر. لكن وفي ظل العصر الرقمي، يصبح من الصعب جدًا التستر على الجاني في جريمة اغتيال.

خرجت علينا وزارة الداخلية المصرية في الـ 24 من مارس الماضي لتعلن فك شفرة قضية ريجيني عبر التوصل إلى مرتكب الحادث، حينما أعلنت على صفحتها الشخصية على موقع " فيسبوك" أن الجناة كانوا ضمن تشكيل عصابي يتألف من أربعة أشخاص تخصصوا في انتحال صفات رجال شرطة، بما يسهل عليهم خطف الأجانب وسرقة أموالهم.

و عُثر على جثة ريجيني الذي كان يجري بحثا حساسا عن نقابات العمال في الـ 3 من فبراير الماضي وهي ملقاة على قارعة الطريق على مشارف القاهرة، وكانت جثة ريجيني الذي اختفى في ذكرى ثورة الـ 25  من يناير 2011 ، عليها آثار تعذيب.

وفي إطار مساعيها لتأكيد تلك المزاعم، عرضت السلطات مجموعة من المتعلقات الخاصة بـ ريجيني، من بينها جواز سفره وبطاقته الشخصية وبطاقته الائتمانية وحافظة نقوده وكارنيه الدراسة من جامعة كمبريدج، وقالت إنها عثرت عليها في منزل أحد المتهمين القتلى.

وذكرت وزارة الداخلية في بيان أن الأشخاص لقوا حتفهم في تبادل لإطلاق النار مع الشرطة، بالرغم من أنّ الصور لم تُظهر وجود أية أسلحة داخل أو حول السيارة التي كان يستقلها المتهمون القتلى، كما ذكر شهود أن الرجال كانوا يحاولون الهرب حينما فتحت قوات الشرطة النار عليهم.

المسؤولون في مصر كانوا يرون أن التوصل لقتلة ريجيني من شأنه أن يريحهم، إلا أنّ الحادث سبب توترًا دبلوماسيًا كبيرًا بين البلدين، بعد أن اشتبه خبراء ومسؤولون إيطاليون منذ البداية أن عناصر من الشرطة قد نفذت عملية القتل، على الرغم من النفي الشديد للحكومة. 

 السلطات الإيطالية، التي تسعى للوصول إلى الحقيقة بشأن مواطنها ريجيني، قللت من أهمية مزاعم السلطات المصرية بشأن التشكيل العصابي، وقالت إن مقتل الخمسة جاء للتستر على مقتل ريجيني الناتج عن التعذيب على يد الأمن المصري.

ومع ذلك، فإن سجلات الهاتف قد أظهرت تواجد زعيم العصابة على مسافة تبعد حوالي 100 كيلومترا عن القاهرة في وقت اختفاء ريجيني.  ويصر أقارب أفراد العصابة المزعومة على أنهم قُتلوا بدم بارد ومن مسافة قريبة، وليس في تبادل لإطلاق النار.

ويتبادر هنا سؤالان ملحان إلى الذهن: لماذا تحتفظ عصابة من اللصوص ببطاقات هوية جوليو ريجيني، بالنظر إلى أن ذلك يعد دليلا دامغا على وجود صلة تربطهم بالجريمة؟  ولماذا تعذب عصابة ضحية سرقة لمدة أسبوع دون طلب فدية أو حتى استخدام بطاقته الائتمانية؟

لكن، وبسبب عدم اقتناع روما بالأمر، سرعان ما تراجع المسؤولون المصريون عن تلك الرواية الضعيفة، مدركين أنه قتلى العصابة الإجرامية المتهمين ليس لهم علاقة من قريب أو من بعيد بواقعة مقتل الطالب الإيطالية.

 وقال المدعي العام المصري نبيل صادق في بداية الشهر الماضي إنه وعلى الرغم من أن القضية لا تزال قيد التحقيقات، فإن الربط بين المتهمين الـ 5 القتلى وبين موت الطالب الإيطالي ضعيف.

 وقالت أسر القتلى، الذين اتهمتهم السلطات المصرية بأنهم أعضاء العصابة التي قتلت رجيني، إن الكثير من المتعلقات، التي صورتها الشرطة ونشرتها على أنها متعلقات ريجيني، مملوكة للقتلى مثل حافظة نقود ونظارة شمس.

نشر الروايات المختلقة والادعاءات الزائفة أصبح أمرا محرجًا حتى في مصر، وهو ما أشار إليه محمد عبد الهادي علام، رئيس تحرير صحيفة " الأهرام" الحكومية في مقالته حينما قال:" إن عدم فهم بعض المسئولين قيمة الحقيقة، ناهيك عن أولوية حقوق الإنسان فى المجتمعات الأوروبية، يضع الدولة المصرية فى حرج وفى مأزق بالغ الخطورة، كما أن الترويج لروايات جديدة مثل اتهام ريجينى بالضلوع فى أنشطة تجسس دون تقديم أدلة قاطعة سيزيد الطين بلة، وهناك من يريد التغطية على أخطاء فردية بالتعامل "البارد" مع قضايا لا تحتمل الخفة أو التجاهل، وربما يكون مردود ما يجرى هو أننا بالفعل نعانى قلة الكفاءات وضعف المهنية."

وشبه علام قضية ريجيني بحادثة مقتل الشاب خالد سعيد الذي ألقت الشرطة القبض عليه في أحد مقاهي الإنترنت في العام 2010، وانهالت عليه ضربا حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، وكانت الصور التي التقطها شقيقه لجثته ونشرها لاحقا على موقع " فيسبوك"  هي وقود ثورة الـ 25 من يناير 2011 التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك بعد 30 عاما قضاها في الحكم.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل