المحتوى الرئيسى

البيانات مفتاح ازدهار التحضر في المدن الذكية

10/04 13:08

يعد تطوير المدن الذكية وسيلة لدعم التوسع الحضري السريع. وأدى تبني هذه الرؤية إلى زيادة الضغط على البنية التحتية والخدمات في المدن عبر مختلف أنحاء العالم.

توقعت منظمة الأمم المتحدة أنه بحلول العام 2050 سيعيش في المناطق الحضرية نحو 70 في المائة من سكان العالم. ويطبق هذا ضغطًا هائلًا على بلديات المدن والسلطات المعنية، لأن عليها اتخاذ تدابير فعّالة وسريعة لمواكبة النمو السكاني، ومعالجة مسائل السلامة العامة، والتلوث، والتحكم بحركة المرور، والاختلافات الثقافية، والنمو الاقتصادي.

وتلعب التقنيات الناشئة مثل البيانات الضخمة، وإنترنت الأشياء، ونظم التحليل، والحساسات دورًا محورياً في مساعدة البيئات الحضرية على إدارة الموارد وتخصيصها بكفاءة لدعم النمو السكاني بصورة مستدامة.

ولا ينظر الخبراء اليوم إلى المدن الذكية على أنها نوع من الترف، بل يرون فيها محفزًا حيويًا يعزز استمرارية التحضر ويؤازره. وتزداد اليوم الأهمية الكبرى لامتلاك التقنيات اللازمة مع تطبيقها الصحيح بهدف دعم الاحتياجات المتطورة للمدن الذكية وخدماتها، وسط اقترابها من التحول من مجرد رؤية مستقبلية إلى حقيقة واقعة.

تبشر رؤية المدن الذكية عادة بأن الشوارع ستصبح ذكية أيضًا بزرعها بآلاف الحساسات المختلفة لقياس العوامل البيئية المحيطة، مثل درجة الحرارة والرطوبة، ومستويات التلوث، والنشاط الزلزالي وغير ذلك. وتشير التقديرات إلى أن كل عمود مصباح وموقف حافلات في المدينة الذكية سيتضمن حوالي ثمانية حساسات. فمثلًا، من خلال حوالي 250 ألف شيء متصل بالشبكة في محيط حضري تقليدي، أي ما يعادل وجود أكثر من مليوني حساس، سنحصل على بيانات آنية، ستعمل نظم المدينة الذكية على معالجتها وتصنيفها حسب أهميتها. ويمنح قياس هذه العوامل البيئية البنية التحتية للمدينة مرونة كبيرة وقدرة عالية على الاستجابة للأحداث الطارئة حتى من دون أي تدخل بشري. فمثلًا، يمكن للنظام إرشاد السائقين لاستخدام طرق بديلة للحد من انبعاث ملوثات الهواء، من خلال استفادته من مجموعة بيانات الاختناقات المرورية التي تتسبب في زيادة الملوثات في الهواء.

ومن بين المدن الذكية التي تعتمد على البيانات، ترسم دبي صورة جلية لحجم البيانات الذي ستولده مدينة ذكية. فالمدينة الإماراتية المزدهرة أطلقت عددًا ضخمًا من مبادرات المدينة الذكية المتنوعة في كافة القطاعات مثل النقل والبنية التحتية والخدمات المالية والاتصالات والتخطيط الحضري، وتحقق ذلك نتيجة للجهود الكبيرة التي تدعمها القيادة الحكومية لتحويل دبي إلى إمارة مستدامة ذكية، حيث تهدف إلى نشر ما يقرب من 200 ألف جهاز قياس ذكي في العام 2016، ثم زيادتها إلى ما يقرب من مليون جهاز في العام 2017، بالإضافة إلى إنشاء ما يقرب من ألف خدمة ذكية لإطلاقها بحلول العام 2017. ولا ريب أن كمية البيانات التي تحتاجها هذه الخدمات والاستفادة منها ستكون هائلة جدًا .

لكن كي تصبح المدينة ذكية حقًا، لا بد لها من بناء بنية تحتية قادرة على الوصول إلى كميات كبيرة من البيانات غير المهيكلة، ثم معالجتها وتحليلها واستخلاص المعلومات منها. ويبرز هنا الدور المفيد لجمع كافة البيانات ضمن ما يسمى ببحيرات البيانات، والتي تتضمن كميات كبيرة من البيانات من أنواع ومجموعات وأشكال مختلفة يسهل الوصول إليها من أجل معالجتها بالأدوات التحليلية المتقدمة. وللتعامل مع مجموعة بيانات غير مهيكلة ضخمة كتلك التي تنتجها المدن الذكية، لا بد من الاعتماد على بحيرة بيانات قابلة للتوسع، ويتيح ذلك الاستفادة من البيانات بغض النظر عن أصلها وصيغتها. وتتيح القدرات الهائلة للحلول الجديدة والمحسنة لتخزين البيانات مثل إي إم سي إلاستيك كلاود ستورج (Elastic Cloud Storage) ونظام إسلون (Isilon) للمدن بتقديم الخدمات المعتمدة على البيانات والمصممة لتجاوز المشكلات التي يفرضها انتشار التحضر.

لا يؤدي مجرد جمع البيانات من الحساسات إلى أن تصبح تلقائيًا مدينة ذكية، فالعنصر الأساسي في المدن الذكية أنها تحصل على رؤى عميقة شاملة مستخلصة من البيانات تتيح لها الحصول على استجابة سريعة من البنية التحتية. فمثلًا عند الاستجابة لحالة الطوارئ بعد حادثة معينة، يجب أن تعمل المدينة الذكية على إخطار خدمات الطوارئ سريعًا وتزويدها بالمعلومات اللازمة للعناية بالمصابين، وإدارة السيطرة على أي أضرار جانبية بكفاءة. ويتطلب هذا أيضًا تحويل مسار حركة المرور، وتوجيه قدرات اتصالات كافية إلى مكان الحادثة، مع جمع كل المعلومات المتوفرة وبثها للجمهور لإطلاعه على آخر الأخبار.

لا بد للمدن الذكية إذًا أن توظف أحدث نظم تحليل البيانات ومعالجتها، وخصوصاً الذاكرة منخفض التأخير لحلول التخزين الخارجية. لكن هذا الحل مكلف ومقيد بقدرات محدودة على معالجة البيانات، ولهذا فإن اختيار حلول أخرى مثل جهاز إي إم سي  DSSD D5لذاكرات فلاش يقدم التقنيات العملية لإدارة قواعد البيانات الضخمة بكفاءة خلال بضع ميكروثانية. ويوفر جهاز  DSSD وصولًا مشتركًا إلى بيانات خام بحجم 140 تيرابايت، ويفتح فرصًا جديدًا لم تكن متصورة قبلًا. ولا يساعد هذا الأسلوب في تجاوز حاجز العمليات الداخلية والخارجية التي تؤثر على الأنشطة الأخرى لمعالجة البيانات فحسب، بل يخفض أيضًا إلى حد الوقت اللازم لمعالجة وتقييم البيانات.

يتوقع مواطنو المدن الذكية سهولة الوصول إلى المعلومات في أي وقت، ويرغبون في أن تتوفر الخدمات الشخصية بسهولة. ومن الوسائل الفعالة لتلبية متطلبات هؤلاء «المواطنين الرقميين» الجدد تطبيق التحليلات التنبؤية، التي تتمتع بالقدرة على توقع احتياجات الجمهور، وتخصيص الموارد الكافية لها بكفاءة بعد التحليل الدقيق لبحيرات البيانات.

ففي حالة طبية طارئة مثلًا، ستتمكن التحليلات التنبؤية من توجيه المواطنين وخدمات الطوارئ إلى المستشفيات التي تتمتع بسعة استيعاب كافية، مما يخفض من فترات الانتظار.

وتمثل حركة المرور مرشحًا طبيعياً لاستخدام التحليلات التنبؤية، حيث تتيح لسلطات المدينة توقع تدفق حركة المرور وتحديد أثر أحداث معينة على أنحاء المدينة، مثل حدث رياضي كبير، أو حملة انتخابية، ثم استخدام هذه المعلومات لرفع تكلفة مواقف السيارات لتقليل عدد المركبات المتجهة إلى منطقة معنية.

ويجب أن نتذكر دائمًا أن جمع البيانات من المدن يتطلب أكثر من عدة سنوات للحصول على العمق الضروري والكافي لاستخلاص الرؤى والفهم، وهذا سبب آخر يزيد من أهمية بحيرات البيانات ونظم التخزين المتوسعة ضمن البنية التحتية للمدينة الذكية.

أهم أخبار تكنولوجيا

Comments

عاجل