المحتوى الرئيسى

أحمد عبد الله سالم يكتب: هل أنا أحمق؟ | ساسة بوست

10/03 20:48

منذ 11 دقيقة، 3 أكتوبر,2016

في وسط متسع من هذا الظلام، وعلى بعد ملايين السنوات الضوئية من البداية، حدث أن تواجد كائن حي على ذرة غبار يتساءل عن كونه أحمق. دعونا لا نستقل بهذا الكائن فهو الذي يدير تلك الذرة، أو على الأقل بإمكانه إقناع نفسه أنه من يفعل.

يبدو أن هذا الكائن لم يستطع أن يصل لسؤال كهذا بين يوم وليلة، فمن الواضح تميزه وتفرده بين أبناء جنسه من الكائنات الحية. ويفترض أنه أخذ عشرات الآلاف من السنوات في التطور؛ ليعي ويصل إلى تلك المكانة.

ويوجد مشكلة صغيرة هنا في إطار المحاولة على إجابة هذا السؤال، فالذي يسأل إنسان، والذي يفكر ويجاوب إنسان أيضًا. ولكن الواقع والتاريخ والأدلة والملاحظة تخبرنا فعلًا بأنه أحمق. ولكن مقارنة مع الكائنات الحية على كوكبه يتصدر قائمة المفكرين بلا منازع. ولعدم علمنا بتواجد ذكاء خارج كوكبنا العزيز يمكن القول بأنه أحمق وذكي نسبيًّا، أو في آنٍ واحد.

وكطالب في العام الدراسي الأخير في المرحلة الثانوية، أستمع إلى الطلاب الآخرين متعمدًا أحيانًا، وغالبًا مضطرًا، والجدير بالذكر أن الذي أسمعه ليس إلا مجموعة من الترهات المعتادة، ها هم زملائي الأوغاد يتحدثون عن الفتيات مرة أخرى، ومرة أخرى ها هي  الأسئلة غير العقلية والمنطقية من الفتيات، ها هو التهويل المعتاد للأشياء العشوائية البسيطة. ها هم المدرسون متقلبو المزاج. وها أنا كالعادة جليس الصمت أفكر في الذي يجمع بين كل هؤلاء، وهل سيظل الجميع حمقى هكذا؟ أم أنا الأحمق الوحيد بينهم؟ ولكن التفكير المنطقي لديه إجابة جيدة لهذا السؤال.

فنحن لم نكتسب المعرفة إلا بإدراكنا للمعرفة المطلقة أن ما نعرفه لا شيء. فكل مرحلة لها تفكير معين. ألم  تلاحظ التسلسل الفكري لك منذ طفولاتك؟ ألم تفكر في الماضي وتقول لنفسك كما كنت أحمق.

مهارة التكيف والتغير أو الانفصال

كونك أدركت أنك كنت أحمق عند نقطة ما هذا خير دليل على  نضجك الفكري، ولكن هنا المعضلة، من الواضح أن الجميع لم ينضج مثلك ولا يريد أن ينضج، لهذا لم نرَ فلاسفةً وعلماء ومفكرين يقودون المجتمع؛ بل مجموعة من أوغاد السياسة يتصنعون المعرفة، والخير للجميع. لهذا الخيارات ليست جيدة، إما أن تتكيف مع الحمقى وتحاول أن تغيرهم كما تغيرت فكريًّا، أو تنفصل عن مجتمع الحمقى وتذهب إلى مجتمع حمقى آخر يعترفون أنهم حمقى، ولكنهم يسعون إلى أن يكونوا غير ذلك. أو تنفصل عن قطيع الحمقى وتكون أحمق متفردًا.

«تريد ألمًا أقل؟ انكمش إذًا وكن جزءًا من القطيع». – نيتشه

هل يدركنا الهلاك والانقراض قبل أن نصل لهذا الحد من كوننا أخيرًا لسنا حمقى؟ أم سنظل أوغادًا مخادعين يستغلون بعضهم البعض في سباق التطور ومعترك الحياة. هل يمكن ولو ثانية واحدة -أن نتوقف عن كوننا حمقى- أن نتساوى في الحقوق؟ هل يتحقق الحلم الأزلي بالسلام والعدل الأبدي لجميع أبناء البسيطة؟ هل أخيرًا تتحرر الشعوب؟ هل تنتهي عصور الجهل المظلمة من جميع بقع الأرض تاركه وراءها عبق العلم يضيء الأرض وسط عتمة الكون؟ هل نتوقف لثانية عن تدمير الأرض وندرك ضآلتنا؟ أم أنا لست إلا مجرد أحمق آخر يذكر أوهام تنافق الواقع ولا تنفع العقل.

«بت أعتقد أن الناس أوغاد لا خلاق لهم وأنه من الخير لهم أن يعترفوا بذلك، وأن يقيموا حياتهم على دعامة من هذا الاعتراف، وهكذا تكون المشكلة الأخلاقية الجديدة هي:

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل