المحتوى الرئيسى

دعوة مصر لتطوير الخطاب الديني تنتقل للعالمية

10/03 15:26

انتقلت الدعوة المصرية لتطوير الخطاب الديني من المحلية للعالمية واتسع نطاقها، وبات صداها يلف أرجاء المعمورة من البحرين إلى سويسرا، ومن مصر وتحديدا من مكتبة الإسكندرية لتونس حيث كان الاهتمام الرئيسي لقادة الفكر والدين هو تعميم ثقافة السلام وتشجيع الجهود الداعمة له، ونبذ العنف والكراهية والتمييز على أي أساس، وتشجيع وقف سباق التسلح الذى يهدد أمن الشعوب، والدعوة إلى توجيه موارده لمحاربة الفقر والجهل والمرض على مستوى العالم.

فاعليات هنا وهناك تتبناها مصر ساهمت فى وضوح الرؤية وتحديد الهدف والتمسك بالثوابت، حيث كانت جزء من نقاش إسلامي يجرى حاليا حول نشوء جماعات تدافع عن وسطية الإسلام، وتستهدف حث المسلمين على اليقظة فى مواجهة مخاطر الإسلام والمساعدة على بناء الثقة فى وسطية الإسلام.

ترأس شيخ الجامع الأزهر رئيس مجلس الحكماء الدكتور أحمد الطيب لجولة ثالثة من الحوار بين حكماء الشرق والغرب، عقدت بالتعاون مع مجلس الكنائس العالمي، مؤخرا فى مدينة جنيف السويسرية، مؤكدة دور الأزهر ومصر فى تبنى الدعوة لتطوير الخطاب الديني.

مناقشات مجلس الحكماء تركزت على الدور الحيوي لأتباع الأديان والقادة الدينيين فى صناعة السلام، والعلاقة بين الفقر والعنف المرتبطين بالدين، وبيان الاجتماع الختامي دعا إلى نشر القيم الدينية ومكافحة التطرف وبعث الأمل لدى الشعوب والدعوة إلى تمكين الشباب ليكونوا أعضاء فاعلين فى مجتمعاتهم، مؤكدا التزام أعضائه برفض كافة أشكال التعصب والتمييز بسبب الدين أو العرب أو الجنس أو الأصل والعمل على تحقيق العدل والسلام للبشرية جمعاء.

وذات الأهداف احتضنها ميثاق تونس للخطاب الديني المعتدل وبناء السلام الصادر عن ورشة عمل نحو خطاب ديني لمواجهة الفكر التكفيري التى نظمتها مكتبة الإسكندرية بالتعاون مع المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية بتونس ضمن استراتيجيتها التى تتبناها منذ عام ٢٠١٢ فى مصر والدول العربية لمكافحة الإرهاب والفكر التكفيري، حيث تضمن حزمة من الحلول التى تساعد على إعادة النظر فى الخطاب الديني الحالي، محددا كيفية استعادة نظيره الأصيل بما يحتويه من احتفاء بالأمل والحياة، وبما يبثه ويلقنه من قواعد للتعايش السلمي بين كافة الأديان.

ترسيخ ثقافة قبول الآخر، والتعايش السلمي معه وفق ترتيبات قيمة إنسانية عالمية مستمدة من التصور الإيماني للإنسان وللوجود من حوله، كان المحور الرئيسي الذى دارت حوله مناقشات المشاركين، بالإضافة إلى غرس مفهوم أن الاختلاف يؤسس للثراء والتنوع لا إلى الخلاف، الأمر الذى فرضه المخاض الصعب الذى يعيشه العالم من صراعات دينية وطائفية ومذهبية كانت سببا فى إراقة دماء الأبرياء، وتمدد الخطاب الديني المتشدد الذى يصل لحد تكفير الآخر، وما ارتبط بذلك من ظاهرة الإرهاب محليا وإقليميا ودوليا بما يهدد السلم المجتمعي ويتناقض مع روح الشرائع السماوية والقيم الإنسانية.

تطرف، تكفير، إرهاب مصطلحات تطل كثيرا على الساحة حاليا من خلال امتطاء جمعيات الإسلام السياسي جواد الإرهاب، حيث يشهد العالم امتدادا واسعا لتلك الظواهر وجرائم كثيرة تهدد القيم الإنسانية، وترتكب بذرائع متعددة من بينها الدين لما يتوهمه البعض من حق الوصايا فى الدين، وعلى الضمائر فى ظل فوضى الفتاوى والتحليل والتحريم والجهل التام بحقيقه الدين.

محفل عالمي إسلامي مسيحي بجنيف بمشاركة دينية مصرية رفيعة المستوى، وآخر عربي إسلامي بتونس بمشاركة مصرية ثقافية عالية التمثيل، جاءا تعبيرا عن إرادة ورغبة قوية فى تحقيق مجتمع آمن يسوده السلام ويعتمد على الحوار كطريقة للتواصل واستتباب الأمن، وأعاد ترتيب أولويات تطوير الخطاب الديني، ووضعا حلولا جذرية لإشكالية الرهانات الحالية بشأن استحالة التقارب الديني، وأكدا أن تطوير الخطاب الديني هو السبيل الأفضل الذى يتعين الاعتماد عليه فى السعي نحو علاج المفاهيم الخاطئة واستئصال بذور النزاعات وتعظيم قيم وسطية الإسلام.

مشاركة مكتبة الإسكندرية فى تنظيم ورشة عمل نحو خطاب ديني لمواجهة الفكر التكفيري وفى مناقشاتها، يؤكد دورها كمنارة ثقافية فى المنطقة، وكامل إدراكها لدور الثقافة فى مكافحة الفكر التكفيري والتحديات التى تواجه العالم جراء التطرف الخطير الذى بات يهدد أغلب شعوب العالم من حيث الدوافع والأسباب النفسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، كما يؤكد حرصها على تحديد العلاج وتقصى الحلول الممكنة لوضع حد لتمتد هذه الظاهرة وانتشارها، وتشخيصها وعلاجها فعليا وعمليا.

أربعون شخصية من مختلف الدول العربية وممثلين عن مختلف الأديان والطوائف، وعلماء الدين والأكاديميين والقادة الدينيين والمثقفين ناقشوا فى تونس على مدى يومين خمسة موضوعات رئيسية فرضت نفسها على مائدة البحث، حيث دارت حول دور رجال الدين فى استرجاع الخطاب الديني الأصيل، ووضع حلول للقضايا المعاصرة، وتعزيز السلم فى الخطاب الديني، الخطاب المضاد للخطاب التكفيري، وجدلية الدين والسياسة، التقارب بين الأديان لترسيخ القيم الإنسانية، ودور رجل الدين فى نشر ثقافة الحوار والتسامح والاعتراف بالآخر.

وقد شملت الموضوعات أيضا الخطاب الإنساني فى حكم المساواة إلى صراع البقاء والرفاهية وتعزيز السلم فى الخطاب الديني، والتشدد والغلو فى عصر صدر الإسلام ووثيقة الأزهر كنموذج للتعايش، دور رجل الدين فى نشر ثقافة الحوار والتسامح والاعتراف بالآخر، والكثير من العناصر والمداخلات الفرعية التى انبثقت عن الموضوعات الخمسة الرئيسية.

والقت كلمة الافتتاح الدكتورة بدرة قعلول رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية الأمنية والعسكرية وأكدت أن هـذا الملتقى الإقليمي يسعى إلي تأسيس خطاب ديني معتدل لمواجهة ثقافة التهميش والإقصاء، فقد كشفت العديد من الإحصاءات التي قام بها مختصون ما للخطاب الديني المتعصب من دور في تغذية النزاعات بين الديانات السماوية أو داخل الديانة الواحدة، مشددة على ضرورة كشف انزلاقات هـدا الخطاب والحرص على تنويع المشاركين للخروج بميثاق تونس للخطاب الديني المعتدل من أجل بناء السلام.

ما طرحته مديره المركز جاء مساندا لما تضمنته كلمة الدكتور عبد الجليل بن سليم وزير الدولة للشؤون الدينية التونسي، الذى أشار إلى أن الهدف من هذا التجمع هو مناقشة الخطاب الديني وعلاقته بالشأن العام، مشيرا إلى أن حكومة الوحدة الوطنية في تونس وضعت في أولويات ميثاق قرطاج الاهتمام بهذا الموضوع.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل