المحتوى الرئيسى

الخيار أصبح بين كلب روما أو دكتور القاهرة

10/03 13:42

تتوانى الاستفزازات من قبول وسائل الإعلان (وليس الإعلام) المصرية منذ حادث غرق مركب الهجرة غير الشرعية على سواحل شاطئ رشيد، تحدث الكثير من سماسرة الإعلان على سماسرة الهجرة غير الشرعية، وعن، وعن، وعن..

وبعد أن انتهوا من النفخ في نار سماسرة الهجرة غير الشرعية، وعلموا أن الأمر قد هدأ نوعاً ماء، بدأوا في النفخ في نار الضحية نفخاً أحرق أجسادهم من دون حساب، حتى إنهم لم ينتظروا حتى يحاسبهم خالقهم، بين اتهام بالطمع واللهث وراء حلم أوروبا الزائفة.

ولكون الاستفزازات وصلت مداها، لم أعد أحتمل إلا الرد عبر كل ما يتاح من وسائل إعلامية، وبعد أن تلقيت اتصالين من هيئة الإذاعة البريطانية لإجراء مداخلة هاتفية، عن ما هي أسباب الكارثة، رتبنا لموعد المداخلة، وتم الاتصال مرة أخرى، قبل المداخلة بعشر دقائق استمعت عبر الهاتف لآراء المداخلات الهاتفية من عدد من المتداخلين، الذين في المعظم أيدوا كلام أنه لا يوجد داعٍ للمغامرة بالحياة من أجل حلم أوروبا الزائف، لأن الحياة في أوروبا ليست وردية حتى في اتصال أحد المتداخلين والمقيم في روما.

حقيقة كان ردي قاسياً لما حملت من آراء المستفيدين من سماسرة الإعلان المصري وآراء المتصلين، ولا كون الوقت لا يكفي لتفنيد الأسباب كاملة، كل من تحدث عن كون هؤلاء طامعين في حلم أوروبا الزائف، أقول لهم: وهل ستحرمونهم الأحلام، لم يكونوا طامعين في مال، ولكن يحلمون بحياة كريمة وجدوا فيها معاملة الكلاب في شوارع روما أفضل من كثير من البشر يعيشون في القاهرة، ولم يصلوا لطبقة معينة ومحدودة في مصر.

حتى أولئك الذين وصلوا لدرجة متقدمة من العلم ولو حتى وصلوا إلى درجة الدكتوراه، حدثني مرة أحد أساتذتي في الجامعة أنه ذات مرة وقد اجتمع في إحدى دول الغرب مع أساتذة العلوم السياسية في العالم، وحتى أولئك الذين هم من دول إفريقية عديدة، شرعوا في الحديث عن رواتبهم، منهم من تحدث عن العشرة والخمسة عشر وأقلهم الثمانية آلاف دولار، وحين سؤل عن راتبه كان في غاية الخجل، كيف يحدثهم عن رواتب لا تتعدى ثمانمائة دولار بالطبع حينها لم يصدقوه.

ولكم أن تعلموا أن أكل الكلب والقطة في الشهر قد يتعدى ضعف هذا المبلغ، هذا بالإضافة إلى أن الكلاب في روما تراعى لها حتى أماكن قضاء الحاجة والتي لا تراعى لأعضاء هيئة التدريس، وبالطبع من الطلاب الجامعيين، بالإضافة إلى حديث بعض سماسرة الإعلام عن سقوطهم بأيدي تجار الأعضاء، ولعل هذا الحديث بالذات الذي استفزني كثيراً، وهل لا يوجد في مصر تجار الأعضاء البشرية، ألسنا كنا نتحدث منذ أيام قليلة عن خطف الأطفال والتجارة في أعضائهم.

إلى أن دخلت علينا كارثة رشيد، حتى وإن لم تتاجر في الأعضاء ألم تتلف في أجسادنا تلك الأعضاء بسبب فساد في المأكل والمشرب، بالإضافة إلى عدم الحصول على كل الخدمات الصحية التي لا تليق بإنسان، ولا حتى كتلك الخدمات التي يحصل عليها كلاب في روما، كل هذا ويتساءل سماسرة الإعلان الذين يتقاضون المليون جنية وأكثر شهرياً، مقابل حفلات السمسرة على صحة وحياة المصريين، لماذا المغامرة بالحياة من أجل حلم زائف يسمى السفر إلى أوروبا، وعدم البقاء في البلد والعمل فيه، لماذا يقبل الشباب المهانة في الخارج والعمل في مهن وضيعة وعدم قبول العمل بأفضل منها في مصر؟ لماذا التضحية بالحياة من أجل المال الذي حازوا نصفه هم علة أقل التقديرات وتركوا الشعب للفتات؟ لماذا القبول بحياة التشرد ككلاب الشوارع في أوروبا.

وأنا أقول لهم إن الحياة كحيوان في بلد يحترم حقوقهم فيرقى بهم كأرواح لها حق الحياة أفضل من الحياة كإنسان في بلد لا يحترم حقوقه فيتدنى به إلى درجة أقل من الحيوان، إن كلباً في روما تحترم حقوقه أفضل من دكتور مهين في القاهرة.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل