المحتوى الرئيسى

مؤامرة 25 يناير ؟!

10/02 15:07

اقرأ أيضا: الإسلاميون والإبداع وعتاب جديد لماذا لا يفكر السيسي في السيناريو البديل ؟! الإسلاميون والإبداع ورسالة عتاب ! رسائل سلبية في خطاب السيسي أمس حكم قضائي يلخص حال العدالة في مصر

انزعج كثيرون من كلام رجل الأعمال الهارب حسين سالم في حوار له أمس والذي وصف فيه ثورة يناير بأنها مؤامرة أو خدعة ، وحمل نسبتها لقطر والإخوان ، وأن 30 يونيه كانت إنقاذا وتصحيحا للمسار ، رغم أن ما قاله سالم ليس جديدا ، فكل أنصار مبارك وكبار رجال دولته ورجال أعماله والإعلاميين الذين قادوا مرحلته ، جميعهم يعتقدون اعتقادا جازما أن يناير كانت مؤامرة ، ولكن مشكلتهم دائما أنهم لا يستطيعون إكمال الجملة ، بتوضيح معنى المؤامرة والمتورطين الحقيقيين في تلك المؤامرة ، لأن وصولهم إلى تلك النقطة قد ينتهي بهم إلا ما لا يحمد عقباه الآن ، الآن على الأقل ، وأما حديثهم عن قطر والإخوان فهو قنابل دخان يطلقونها للتغطية على مقصود كلامهم ليس أكثر .

رجال مبارك ، وجناح مهم من الأجهزة التي خرجت خاسرة من "تلك الأيام" على يقين من أن ما حدث في 25 يناير 2011 لم يكن بفعل بعض الشباب "البريء" المغامر وائتلافات عاطفية ترفع لافتات من قماش ، وتحمل الطوب والحجارة في ميدان التحرير لتدافع عن نفسها ، ويعتقدون جازمين أن عزل مبارك ما كان ليتم إلا إذا كانت هناك "مؤامرة" من قوى قادرة على الحسم ، وكانت تلك قناعة اللواء عمر سليمان مدير المخابرات العامة الأسبق وأحد أقوى رجال مبارك ، بل أقواهم على الإطلاق ، حتى آخر حياته ، وكان الإعلام الأمريكي أيضا في الأسبوع الذي تلا عزل مبارك أو تنحيه عن السلطة يصف ما يحدث في القاهرة بأنه : نصف ثورة ونصف انقلاب ! ، وبشكل عام فإن "التأريخ" الحقيقي لما حدث في 25 يناير وما بعدها لم يكتب حتى الآن ، لأن بعض أهم شهوده وخاصة في رأس هرم السلطة وقصر مبارك لا يملكون الكلام ولن يجرؤا على الكلام الآن ، لأن ملفاتهم يمكن فتحها بسهولة من جديد ، وهناك من نسي نفسه وحاول أن يظهر من جديد فتم التلويح له إعلاميا بملفات مهمة ، فلزم الصمت واعتذر .

وفلول نظام مبارك يعتبرون أن 30 يونيو عملية تصحيح لما جرى في 25 يناير ، ليس فقط لأنهم شاركوا فيها وكانوا من "أبطالها" ، فهم لم يكونوا أصحاب "الثمرة" أو شركاء الحصاد ، وإنما لأنها خففت كثيرا الضغوط الشعبية والقانونية عليهم وحجمت من الخوف والرعب الذي ملأ قلوبهم من ملاحقات سياسية وقضائية كانت كافية لأن يقضوا بقية حياتهم خلف القضبان وأن تتبخر كل الثروات الهائلة التي جنوها في حقبة مبارك وهي بالكامل ـ إلا ما ندر ـ من فساد بمختلف صوره ، ومن يدقق في أرشيف الفساد لن يفاجأ بأن شهر يوليو 2013 الذي شهد تمكين مرحلة ما بعد 30 يونيو هو الشهر الذي شهد تسوية ملفات معظم ملفات الفساد لرموز عصر مبارك التي كانت مفتوحة بعد ثورة يناير وطيها وحفظها بشكل نهائي ، ولم يتبق منها إلا النذر اليسير الذي كان يسير في طريق التسوية ، كما أن أغلب القيادات التي تم سجنها تم الإفراج عنها ، وتقريبا لم يبق أحد من رموز مبارك مدان الآن أو مسجون ، والمفارقة أن حسين سالم عندما أوقفه القضاء الإسباني بتهم الفساد واختلاس المال العام في مصر ثم أخلى سبيله مؤقتا ، أخلى سبيله بكفالة مالية ، تعادل ثلاثة مليارات ونصف المليار جنيه ، بحساب اليوم ، بينما التسوية النهائية التي جرت له في مصر لتبرئته تماما وتسوية ملفه بشكل نهائي لم تزد على مبلغ الكفالة الإسبانية بأكثر من اثنين مليار جنيه ؟! .

ثورة يناير ، هي ثورة شعب حقيقية ، تفجرت أشواقه بعد طول معاناة وانتظار للحرية والكرامة وامتلكت زخمها بفعل رياح الربيع العربي التي انتصرت في تونس وحققت المستحيل ، وطوفان الملايين من البشر الذي كانت تعج به الميادين والشوارع في مصر  ويقف العالم كله مبهورا به وبمشاهده الأسطورية ، لم يكن خدعة سينمائية ، ولا فوتوشوب ، وإذا لم تكن هذه هي الثورات فماذا تكون الثورة ، وأي نقاش في تلك الجزئية هو احتقار للعقل والتاريخ معا ، ولكن الحقيقة أيضا أن ثورة يناير لم تكن لتزيل نظام مبارك ومؤسسته الأمنية الضخمة بدون قبول ورضا وإسهام من النواة الصلبة في الدولة نفسها ، ولذلك كان المجلس العسكري حريصا طوال أيام الثورة على أن يعلن احترامه لثورة الشعب وإرادة الشعب وأن دوره أن يحمي الثورة وأن يحقق مطالبها ويعطي التحية العسكرية لشهداء الثورة ، وبموجب هذه الثورة وإرادتها ، قرر المجلس العسكري تنحية مبارك ، وحل البرلمان ، وتعطيل الدستور ، وإقالة الحكومة ، ومحو الحزب الوطني الحاكم من الواقع والقانون والتاريخ واعتقال قيادات الدولة بمن فيهم وزير الداخلية ورئيس البرلمان ومبارك نفسه وأولاده ، وكل هذه الإجراءات والقرارات التي قلبت نظام الحكم بالكامل لم يقم بها شباب ميدان التحرير ، وإنما قام بها الجيش ، فمن يقول بأن ثورة يناير مؤامرة ، فإنه يتهم الجيش ضمنيا بأمر خطير ، ولذلك لا يجرؤ فلول نظام مبارك على أن يكملوا جملة : يناير مؤامرة ! .

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل