المحتوى الرئيسى

أرفض وصف الأزهر بـ«حامى الإسلام» أو قلعة الوسطية.. فالدين لا يحميه سوى الله.. وأتعجب من حديث مشايخ الفضائيات بـ«جائز» و«غير جائز» وكأنهم مرجعية

10/02 12:39

قال الدكتور سعد الدين هلالى، أستاذ الفقه المقارَن بجامعة الأزهر: "إن الأزهر يدرس للطالب التعددية والاحتمالية وتمكين المواطن من السيادة على نفسه بأن يعرض له الآراء وله أن يختار بلا شعور بالإثم أو الذنب، فموضوع مثل الأغانى، قال حجة الإسلام أبوحامد الغزالى وكثير من فقهاء الشافعية وكل مذهب الظاهرية إن الأغانى حلال ولهم أدلة كثيرة، وجمهور الفقهاء له شروط لسماعها فى مناسبات خاصة، لكن الجمعية الشرعية تخرج علينا برأى واحد هو التحريم والتفسيق وكذلك اللحية، فالشيخان من الشافعية والقاضى من المالكية وأحمد بن حنبل فى رواية يقول إن حلق اللحية ليس محرماً، ولكنهم يخفون عن الناس كل ذلك، فرؤيتهم هى الدين وما عداها ليس ديناً، وهذا مصدر البلوى، الخطاب الدينى الأحادى الذى يقدم نفسه على أنه يحسم الخلافيات ويقدم الدين فيطرحه محسوما فهذا حلال وهذا حرام وما عداه باطل، فتوحيد الآراء على رأى واحد وتقديمه على أنه الدين هو مكمن المشكلة، والحل بعودة الخطاب الدينى إلى الخطاب الأزهرى الأصيل، الذى يعلم الناس ولا يفرض وصاية عليهم".

وتابع: "الأزهر ممارسة وإخراج، الممارسة تتعلق بالأساتذة والمناهج، والإخراج يتعلق بالداعية الذى يدعو الناس، وأنا أتحدى أى إنسان ولو كان كارهاً للأزهر أن يقول إن الأزهر يمارس وصاية أو وصائى فى التعليم، نحن ندرس رأيين فى المذهب الواحد للأئمة الكبار، فالأزهر يعلم بتعددية، وفى مسألة مثل عذاب القبر ونعيمه، حينما رفضها البعض قوبل بالتفسيق، وكان لا بد من استيعابه والتوضيح أن هناك فريقاً كبيراً من علماء المسلمين سبقه لهذا الرأى، وينتهى الخلاف دونما تفسيق وتكفير".

واستطرد: المشكلة أن خريج الأزهر الحالى حينما يدعو الناس يحسم دراسته فى الرأى الذى يقنعه ويحاول حمل الناس على قناعته، فمسألة مثل قتل المسلم بغير المسلم فالله يقول: «وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلَا يُسْرِف فِّى الْقَتْلِ»، والسلطان حق طلب القصاص، فمن قتل «غير مسلم» بغير حق قال أبوحنيفة يُقتل به بينما أئمة آخرون قالوا فيها نصف الدية، فنحن ندرس فى الأزهر الرأيين والمنطق الطبيعى أن أقول للمجتمع الحقيقة، وليس ما أراه وأؤمن به حتى لا ينسب للأزهر، ومثل هذا نصّاب فقد منع عن الناس حق الاختيار بين الرأيين، فأغلب الناس مع الفطرة السوية بقتل المسلم بغير المسلم.

وأضاف: "فالرأى الفقهى لا يحسم، وإذا حسمناه فسنحسم بعد ذلك بين الأديان الإسلام أو المسيحية أو اليهودية، وهذه هى الوصاية، ولا بد من ترك الدين لله ولاختيارات الناس وليس للأوصياء، فالشعب سيد وله حق الاختيار، والأمر هنا أصبح نزاع سيادة من يرأس الآخر الشعب أم الأوصياء، وأكثر المتشددين فى الأزهر تجد فى رسالته العلمية الرأى والرأى الآخر، فالدراسة صحيحة ولكن الخطأ فى محاولات توحيد الرأى التى تحدث بالأزهر".

وأكمل: "نحن مثلاً فى مجمع البحوث الإسلامية حينما ننتهى من قضية إلى عدة آراء يتم التصويت على أحد الآراء، فهل يعقل أن يحسم العمل الفنى بالتصويت، الذى يحسم بالتصويت العمل الإدارى وليس الفنى الدقيق مثل المسائل الفقهية، ولو تم إلغاء التصويت فى الآراء الفقهية ستفاجأ بأن الشعب يجد رأيين وثلاثة بالمسألة، فهناك آراء يمكن الاستفادة منها ويحجبها التصويت عن الشعب فلا بد من تقديم ملخصات لدراسات الأساتذة فى المسألة للشعب ليختار، لكن ما يتم هو فرض أحد الآراء بالتصويت".

وتابع: الدين لا يحميه سوى الله، وهو القائل: «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ» وكان هذا خطأ الشيخ عبدالحميد كشك فى قوله «يا حماة الدين وحراس العقيدة»، فالأزهر ومؤسساته قلعة حفظ علوم الدين، فالتفاسير منذ الرسول والصحابة وحتى المعاصرين موجودة بالأزهر، ولديه كل المعلومات العلمية القديمة والحديثة، فالأزهر رصيد علمى كبير يُمكّن من يجتهد من الاجتهاد ويمنحه رسالة ماجستير ودكتوراه، فالأزهر يشجع الدراسة والتجديد عبر الرسائل العلمية يساعدك فيها أساتذة كبار لا يُملون عليك ما تكتب ولكن فقط يستوثقون بأنك نقلت نقلاً سليماً، ويبقى الجزء الآخر من الرسالة وهو أداؤها والدعوة بموضوعية علمية، وذلك بأن يتحدث كل خريج فى تخصصه فقط وبالأمانة التى درسها، لكن لا تلخص ما درست فى رؤيتك الشخصية.

أهم أخبار توك شو

Comments

عاجل