المحتوى الرئيسى

«ماسبيرو» مقبرة الأغنية المصرية

10/02 12:23

يخطئ من يعتقد أن أزمة ماسبيرو هى ضعف مستوى الشاشة فقط، أو الأداء الهزيل لبعض البرامج على الشاشة أو على موجات الإذاعة، أو ترهل الجهاز الإدارى، لكن هناك أزمات أخرى كثيرة داخل هذا الكيان، أبرزها غياب الإنتاج الغنائى الذى وصل إلى الرقم صفر، رغم أن كبار الموسيقيين مثل محمد سلطان وحلمى بكر ومحمد على سليمان وغيرهم طالبوا مرارًا وتكرارًا بضرورة عودة الإنتاج الغنائى للإذاعة، حتى يكون هناك قدر من الاتزان فى ضوء حالة الانهيار الغنائى الذى تعانى منه الساحة الغنائية منذ سنوات طويلة، بل إن كبار الموسيقيين ذهبوا إلى ما هو أكثر من أن هذا الإنتاج ينقذ الأغنية من عثرتها بقولهم إن غياب الأغنية الجادة هو أحد أسباب انهيار الأخلاق داخل المجتمع، لأن الأغنية طوال تاريخها وهى تلعب دوراً مهماً فى الارتقاء بالسلوك العام للمجتمع، لكننا على حد قولهم تركنا المجتمع لأغانى أوكا وأورتيجا وباقى كتيبة أغانى المهرجانات، الإذاعة لم تكتف بمنع الإنتاج الغنائى، بل إنها جمدت لجنة الاستماع الموحدة، حائط الصد الأول ضد الهلس الغنائى الذى تسرب إلى أعرق الإذاعات المصرية، والعربية، بحجة أن المنع لن يفيد، لأن هناك إذاعات أخرى تقدم نفس الأغانى الرديئة، وهو سبب يعكس حالة الضعف الذى وصلت إليه القيادات، وعدم قدرتها على مواجهة الهلس الغنائى. أيضًا حفلات أضواء المدينة التى كانت رئة بكبار نجوم الغناء فى مصر والعالم العربى، وكان ينتظرها الملايين لكى يتواصلوا مع كبار نجوم الطرب، فجأة أظلمت الأضواء، ولم يعد لها وجود، وبالتالى افتقد مجموعة كبيرة من أهم الأصوات حلقة الوصل والاتصال بجماهيرهم، خاصة بعد أن أحكمت بعض الشركات الكبرى قبضتها على كل المهرجانات فى العالم العربى، وبالتالى لم يعد هناك صوت لمصر يدافع عن الغناء الجاد، وبالنسبة للتليفزيون أيضًا لم تعد هناك ليالى التليفزيون التى كانت فى فترة من الفترات الاختيار الأول لنجوم الغناء فى العالم العربى وليس مصر، مثل كاظم الساهر وماجدة الرومى، وديانا حداد، ونوال الزغبى، ونانسى عجرم فى بداية ظهورها، ومن مصر هانى شاكر وعلى الحجار ومحمد الحلو وأنغام وآمال ماهر وغادة رجب. وكانت هناك منافسة شرسة بين الشركات لكى يتبارك نجومها فى هذه الليالى، التى تنقلت بين المسرح الرومانى فى الساحل الشمالى، وقاعة المؤتمرات فى القاهرة وغيرها من المسارح.

وبالتالى افتقد التليفزيون لإحدى مميزاته، والنافذة التى كان يطل من خلالها نجوم العالم العربى على جمهورهم.

الأزمة الحقيقية، التى تحدث عنها كبار الملحنين والموسيقيين، تكمن فى أن تجاهل ماسبيرو للأغنية يشعر البعض بأن الدولة نفسها لا تريد للأغنية الخير، لأن ملايين الجنيهات التى كانت مخصصة سواء للإنتاج الغنائى الإذاعى أو للحفلات «أضواء وليالى» تذهب الآن لبنود أخرى «مكافآت وحوافز».

الغريب أن كل قطاع من قطاعات ماسبيرو لا يشعر بأن هناك أزمة، لذلك تجدهم يتعاملون مع الأمر بقدر كبير من التجاهل والإهمال، وهو الأمر الذى أفقد مصر مقعدها الدائم فى مقدمة الصفوف، وحدث التراجع الذى لا يشغل بال سوى بعض كبار الموسيقيين الذين عاصروا من قبل الأغنية المصرية الحقيقية.

الغريب فى الأمر أن رئيس الدولة عبدالفتاح السيسى فى أكثر من مناسبة أكد ضرورة مكافحة الفن الهابط، وأتصور أن أفضل من يحول كلمات الرئيس إلى واقع هو اتحاد الإذاعة والتليفزيون، فهو الجهة الوحيدة التى لا بد أن تأخذ ملحوظة رئيس الدولة بمحمل الجد، وتقوم بعمل خطة إنقاذ الأغنية والدراما من حالة التراجع التى أشار إليها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى أكثر من مناسبة، فهذه التوجيهات لن تنفذها شركات الأغنية أو شركات الإنتاج السينمائى الخاصة، فالدولة المصرية على مدار تاريخها أنتجت آلاف الأغانى، ومئات من الأفلام والمسلسلات لأنها وقتها كانت تعى قيمة مصر، فالإذاعة المصرية دخلت كل البيوت العربية من المحيط إلى الخليج بفضل أعمال أم كلثوم التى كان ينتظرها المواطن العربى فى دمشق وبيروت وبغداد وطرابلس وبنغازى وتونس والجزائر والدار البيضاء ومراكش فى الخميس الأول من كل شهر.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل