المحتوى الرئيسى

كيف أضافت السينما إلى قاموس حياتنا اليومية؟

10/02 06:38

لا يكاد أي عربي أو أجنبي يتحدث بالعربية مع مصري، حتى يصدم بتعبيرات قصيرة، تبدو أشبه بالأمثال أو اللوغريتمات اللغوية. وبعد فترة قصيرة من الاحتكاك، ينجح الوافد إلى مصر في فك شيفرات هذه الأمثال الجديدة، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ سرعان ما يلجأ الوافد لاستخدام هذه الأمثال لاختصار أحاديث قد تطيل النقاش بلا جدوى.

استقى المصريون كثيراً من المفردات من الأفلام السينمائية، وأضافوها إلى قاموس حياتهم اليومية. في هذا التقرير نرصد أبرز الجمل التي تدور على ألسنة المصريين والكثير من سكان العالم العربي، بعد أن دارت أولاً على جهاز العرض السينمائي.

في فيلم «ريا وسكينة» الذي أنتج عام 1953، ويتناول قصة حقيقية. تقول الفنانة نجمة إبراهيم «ريا» بعد قتلها لإحدى السيدات «قطيعة، محدش بياكلها بالساهل، الولية وأنا بخنقها عضتني في إيدي تقولش عدوتها». لتصبح جملة «محدش بياكلها بالساهل»، في ما بعد، متداولة على ألسنة المصريين للتعبير عن المشقة التي يواجهها الشخص في عمله لتوفير احتياجاته.

في فيلم «إبراهيم الأبيض» يخون عمرو واكد «عشري» صديقه أحمد السقا «إبراهيم»، ويتفق مع عدو صاحبه على تسليمه له في أحد المقاهي. وأثناء جلوس «عشري» و«إبراهيم» في المقهى، يدرك الأخير أن صديقه غدر به، فيقول له: «بعتني بكام يا صاحبي»، قبل أن يتم الفتك به، لتصبح بعد مايو 2009، تاريخ عرض الفيلم، جملة يقولها الصديق لصديقه حين يعلم أنه فعل شيئاً يغضبه أو خانه كما فعل «عشري» مع «إبراهيم»، إلا أن المتداول هو جملة «بعتني بكام يا عشري» وليس «يا صاحبي».

الفنان محمد شرف، في فيلم «ظرف طارق» الذي عُرض في يناير 2006، يدخل شقة الفنان أحمد حلمي دون أن يكشف عن هويته، ويسأل إذا كان هناك طعام في الثلاجة أم لا. فيسأله حلمي عمن يكون، ويرد «شرف» قائلاً: «أنا رئيس جمهورية نفسي»، لتصبح هذه الجملة هي الرد المناسب على كل شخص يستنكر تصرفاتك أو يطلب منك فعل شيء لا تريده.

يؤدي الفنان أحمد راتب في فيلم «يا رب ولد» دور عيسوي وهو «فنان فاشل» لا يهتم بنظافته الشخصية. وخلال مشهد حواري مع الفنان فريد شوقي «محمد الأسيوطي» وهو والد زوجته، الذي يستنكر رائحته، يقول «عيسوي»: «أنا يا عمي فنان بوهيمي يعمل ما يحلو له»، وهو «الرد المعلب» الذي يرد به كثيرون على من يتدخل في شكل حياتهم وملابسهم وأفكارهم منذ عام 1984، وهو عام إنتاج الفيلم.

شارك غردأنا الحكومة، أحلى من الشرف ما فيش، محدش بياكلها بالساهل... قائمة بالجمل والتعابير التي أضافتها السينما إلى حياة المصريين

ينصب مرزوق «عادل إمام» وبركات «سعيد صالح» على الفنان عثمان عبد المنعم «الحاج علي» في فيلم «سلام يا صاحبي» إنتاج 1987. ولكي ينبه «مرزوق» صديقه عند التوقيع على عقد بيع سيارة مسروقة بالإمضاء باسم الشخصية التي ينتحلها، وباليد اليسرى يقول له «أمضي يا أشول»، لتقال في ما بعد «أمضي يا أشول» عند مطالبة شخص لآخر بالتوقيع على أي أوراق وذلك على سبيل الدعابة.

وفي فيلم «سلام يا صاحبي» أيضاً، حين يقف عادل إمام في طابور عرض المتهمين، ويتعرف إليه «الحاج علي» يعلق قائلاً: «إزاي يا جدع؟»، التي تصبح في ما بعد رداً سريعاً على أي كلام غريب وغير منطقي، أو تعبير عن الاندهاش من حدث غير متوقع.

يرث أحمد السقا الذي يقوم بدور «منصور الحفني» في أحداث فيلم «الجزيرة» كل شيء من أموال وأملاك والده، حتى تجارة المخدرات، ويساعده في ذلك الضابط رشدي (خالد الصاوي)، الذي يسهل له بيع السلاح والمخدرات مقابل إبلاغ منصور عن عصابات الصعيد، إلا أن الوضع يتغير.

وخلال محاولات الشرطة القبض على منصور الحفني، والسيطرة على الجزيرة، يصرخ «منصور» في رجاله قائلاً: «من النهارده مفيش حكومة... أنا الحكومة». لتصبح بعد عام 2007، وهو عام إنتاج الفيلم، جملة «أنا الحكومة» معبرة عن أن قائلها هو المسيطر والمتحكم في الأمر، سواء كان في المنزل أو العمل أو وسط الأصدقاء.

في فيلم «الإرهابي»، الذي عُرض عام 1994، انضم علي عبد الظاهر (عادل إمام) نتيجة ظروفه الاجتماعية من فقر وإحباط لإحدى الجماعات المتطرفة، وخلال أحداث الفيلم، لا يكف القيادي في التنظيم سيف (أحمد راتب)، في كل نقاش بينه وبين «علي»، عن مطالبة الأخير بعدم الجدال قائلاً: «لا تجادل ولا تناقش يا علي».

الفنان الكوميدي فرحات عمر، الذي كان يؤدي دور مجنون يدعى الدكتور شديد، في فيلم «إسماعيل ياسين في مستشفى المجانين» الذي عُرض عام 1958، كان يعقب كثيراً على ما يقال له خلال أحداث الفيلم بجملة «وماله يا أخويا مش عيب». وهي الجملة التي أصبحت علامة خاصة به، يقولها في كثير من الأعمال الفنية التي شارك بها.

وانتقلت «وما له يا أخويا مش عيب» إلى قاموس حياة المصريين اليومية يبدي قائلها من خلالها، أنه يستسيغ ما يطلب منه كأن يطلب الابن من والده مصروفه اليومي، فيرد الأب بتلك الجملة. كما تستخدم للسخرية من طلب الغير، كأن يطلب الابن من والده فلوساً للسفر إلى أمريكا، في ظل عدم توافر الإمكانات المادية التي تساعد والده على منحه الأموال اللازمة للسفر.

في فيلم «الناظر» الذي تم عرضه عام 2000، يتعرض الفنان الراحل علاء ولي الدين «صلاح الدين» وصديقه أحمد حلمي «عاطف» للضرب في ملهى ليلي وهما في حالة سكر. وفي ظل الضرب الشديد يقول «صلاح الدين» لـ«عاطف»: «أعمل نفسك ميت»، حتى يتوقف الضرب.

ثم يقول علاء ولي الدين، لأحد الذين يعتدون عليه هو وصديقه: «كابتن.. هو كل ضرب ضرب مفيش شتيمة ولا إيه».

وتقال جملة «أعمل نفسك ميت» في مواقف ساخرة للتعبير عن أمنية الشخص بألا يتم حمله على فعل شيء لا يريده لصعوبته مثلاً. أما «هو كل ضرب ضرب مفيش شتيمة ولا إيه» فتقال حين يتعرض الشخص لمشاكل أو مواقف سيئة بشكل متعاقب.

وفي الفيلم نفسه، يكذب علاء ولي الدين بصورة مكشوفة، تدفع محمد سعد «اللمبي»، للتعليق على هذا الكذب بالقول: «أنت كداب يا أبو صلاح»، لتقال الجملة في ما بعد لمن يكذب وأمره مفضوح.

في فيلم «غبي منه فيه»، الذي عرض عام 2004، يشرح طلعت زكريا «نُصه»، خطة سرقة محل في مركز تجاري لم يُنشأ بعد، إلى صديقه هاني رمزي «سلطان»، الذي يعاني من الغباء الشديد، ويسعى لتدبير مال زواجه من خلال جرائم سرقة، ما يدفع «سلطان» للتعليق على الخطة، حين يعلم أن المول تحت الإنشاء قائلاً: «شكلك فاهم يا نُصه».

وعلى الرغم من أن سلطان لم يقل جملته في الفيلم «شكلك فاهم يا نُصه» عن هذه الخطة الفاشلة لغبائه الشديد، إلا أن الجملة أصبحت تقال لمن يقول كلام ينم عن فهمه الشديد لما يتحدث عنه.

يحب أحمد حلمي (بلبل)  فتاتين (زينة وشيري عادل)، خلال أحداث فيلم «بلبل حيران»،ويرتبط بكل واحدة مؤمناً بمميزاتها وعن صدق، ما يودي به إلى المستشفى لتآمرهما عليه حين اكتشفتا الحقيقة.

وفي المستشفى، يقص ما حدث معه للطبيبة التي تعالجه (إيمي سمير غانم)، وفي إحدى المرات، يقول لها: «كل اللي فات حمادة وكل اللي جي حمادة تاني خالص» مشيراً إلى أن ما قصه في السابق لا يمثل شيئاً بالنسبة لما سيقصه عليها لاحقاً. وهو المقصود من الجملة التي أصبحت تقال في الشارع المصري بعد عرض الفيلم عام 2010 بصورة كبيرة جداً.

في فيلم «عوكل» الذي أنتج عام 2004، يؤدي الفنان محمد سعد دور «عوكل»، وهو سمكري سيارات ماهر، يعيش مع جدته أطاطا، وهو يصدم فى تجربة زفاف خطيبته إلى رجل ثري، فيتناول الخمر لدرجة السكر، وينام داخل تابوت، ليستيقظ ويجد نفسه في تركيا، وبجوار قلعة تشبه قلعة صلاح الدين الأيوبي، التي تقع في القاهرة، إلا أن هذه القلعة بجوارها بحر، فيقول: «إيه اللي جاب القلعة جنب البحر»، وهي الجملة التي أصبحت تقال تعليقاً على أي حديث غير منطقي أو رؤية شيء ما لا يفترض رؤيته في وقت ما أو مكان ما.

حين يقترح أحد الأصدقاء نشاطاً ترفيهياً تجد الرد التلقائي «إديني في الهايف وأنا أحبك يا ننانس». وهي الجملة التي قالها الفنان محمود عبد العزيز، الذي يفشل في الدراسة، فيقرر العمل مطرباً في فرقة شعبية لإحياء الأفراح، خلال أحداث فيلم «الكيف». وفيه يؤلف له شاعر يدعى محروس ننانس أغاني «هايفة» لتلقى رواجاً بين الجمهور. يذكر أن فيلم «الكيف» أنتج عام 1985، وهو من إخراج علي عبد الخالق.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل