المحتوى الرئيسى

إقصاء الحركات الإسلامية.. ذلك المستحيل وأوهامه

10/01 15:24

اقرأ أيضا: هل تؤذى الكنيسة الضمير المسيحي؟ القوة والسلطة.. هل أصبحت السياسة مهددة؟ "سيذكرني قومي إذا؟".. فى رثاء أبوغزالة الحالة الإسلامية فى أعين مخابراتية فرنسا والحرية.. سؤال الدهشة الغاضبة؟

يزداد وضوحًا كل يوم أن هناك حملة واسعة ومنظمة وقوية لتقويض وتصفية مشروع الإصلاح الإسلامى فى الشرق العربى وهو المشروع الذى حمل عبء الحفاظ على التواصل الحضارى والتاريخى للأمة العربية والإسلامية طوال القرون الثلاثة الماضية.. فى مصر كان الأزهر الشريف بعلمائه وطلابه هو الطليعة ضد الحملة الفرنسية وكانت ثورتا القاهرة الأولى والثانية فى العامين 1798/1800 م  تتغذيان على الشهادة فى سبيل الله صونًا للدين والوطن. فى الوقت الذى وقف فيه بعض إخواننا الأقباط موقفًا مشينًا (بقيادة المعلم يعقوب) ولولا حكمة الكنيسة بقيادة الأنبا مرقس الثامن وتسامح المصريين لكان الأمر سيئًا للغاية .

 ونفس الأمر حدث مع الحملة الإنجليزية 1809م واستمرت حركات المقاومة والتحرر كلها تنهل من الإسلام وتلتقى حوله حتى أن سعد زغلول أبو الحركة الوطنية كان تلميذًا نجيبًا للأفغانى وسماه موقظ الشرق وباعث نهضته.. وامتدت الحركة الوطنية بقيادة مصطفى كامل ومحمد فريد على نفس النهج .. طلعت حرب أيقونة الاقتصاد المصرى فى كل العصور كان إسلاميًا ولعل الأجيال الحديثة لا تعرف الكثير عن ثقافته الإسلامية التى تجلت فى ردوده على كتاب قاسم أمين (تحرير المرأة) فى كتابه (تربية المرأة والحجاب) و(فصل الخطاب فى المرأة والحجاب) وقد تجاهلهما الكثيرون تشويشًا على مرجعيته الإسلامية .

لم يختلف الأمر كثيرًا فى العراق والشام وشمال إفريقيا.. فكانت ثورة العشرين فى العراق بقيادة السيد المجاهد محمد الحبوبى والشيخ شعلان والشيخ الحجان تنادى بالجهاد من المساجد. الأمر نفسه كان فى الثورة السورية الكبرى 1925م وحتى انتهاء الاحتلال عام 1946م.. فى ليبيا كان السنوسى والمختار من أعاظم المجاهدين.

فى تونس بدءًا من ثورة قبائل الوسط والجنوب بقيادة على بن خليفة1881م وحتى بورقيبة قبل أن (يستعمله) الفرنسيون كان الجهاد والشهادة هما القيادة والوقود. وفى الجزائر ومنذ 1830حتى 1962م  قدم الجزائريون مليونًا ونصف المليون شهيدٍ خرجوا يرجون ما عند الله مما هو خير وأبقى من حياة المذلة والهوان ملبين لنداء الجهاد والموت فى سبيل الله.

فى المغرب كانت حركة الاستقلال بقيادة  الشيخ عبد الكريم الخطابى وعلال الفاسى ضد الاستعمار الفرنسى والأسبانى من 1912 إلى 1956م والثورات فى شمال إفريقيا تحديدًا كان الإسلام فيها يعمل على جناحين جناح الحفاظ على الهوية واللغة بثقافة كتاب الله القرآن المجيد وجناح الجهاد بثقافة الموت فى سبيل الله أسمى أمانينا. ذلك أن الاستعمار الفرنسى هو أقذر ألوان الاستعمار.. فكان يعمل على اقتلاع شجرة العروبة والإسلام من جذورها.

وكان من الطبيعى أن تمتد أثار كل هذا الجهاد والنضال الفكرى والثورى والسياسى إلى ما بعد خروج الاستعمار وأعوان الاستعمار(على رأى البكباشى الذى سلمنا للاثنين معا ولم يبخل علينا فزاد عليهما الفقر والمرض والجهل والاستبداد (لكن سايكس بيكو كانت قد رسخت واقعًا جغرافيًا وسياسيًا وطائفيًا كان من الصلابة بما جعله يستمر مائة عام وكان استمراره يستمد وقوده من الدولة القطرية الحديثة التى أنهكت الشعوب وأنهكت نفسها بالطغيان والفساد ودفن الناس فى قبور الخوف أحياء.. وقامت الانقلابات والاغتيالات هنا وهناك.. وقامت تلك الدولة القومية بواجبها كمصدر للإيذاء الدائم.. فقمعوا المفكرين والمناضلين وتمت أكبر سرقة فى التاريخ الإنساني.. لم يكن المسروق ذهبًا ولا ألماظًا.. كان المسروق دماء الملايين من الشهداء وجهاد المئات من العظماء والأبطال.. وقد كان.. فسرقت الثورات العربية على أيدى البعثيين والقوميين كما  يسرق الوليد من حجر أمه. وتنمروا على الشعوب وأذاقوهم الويلات..

حجبوا السلطة عن المجتمع وشيطنوا الدولة ودمروا المؤسسات وقدموا القرابات على الكفاءات و راحوا يقتلون على نحو منتظم ومستمر كل الآمال والتطلعات نحو التنمية والإصلاح.

ولأن الدهر أقصر من هذا وذا أمدًا كما يقولون فقد قاربت الصلاحية الاستراتيجية لسايكس بيكو(1916م) على الانتهاء.. أو قل إنها انتهت بالفعل.. ولأنه فى التاريخ والسياسة كما فى الحياة والبشر كان دائمًا القوى يتمدد ويتسلطن على حساب الضعيف فترتيبات ما بعد سايكس بيكو تجرى الآن على ألف قدم وألف ساق.. والطريف فى الموضوع أن الحديث عن تجديد خريطة الشرق الأوسط يتم تداوله علنا فى الدراسات والبحوث والإصدارات المتنوعة.. برنارد لويس مثلاً قدم وثيقة مشهورة للكونجرس الأمريكى عن الحدود الجغرافية الجديدة للشرق الأوسط ونشرت وترجمت فى كل مكان تقريبًا.. رالف بيتزر الضابط السابق فى الجيش الأمريكى نشركتاب عام 2006م بعنوان ( لا تترك القتال ابدا ) تضمن مقالة خطيرة اسمها (حدود الدم) نشرت فى النيويورك تايمز قال فيها إن ھذا التغییر فى الحدود المرسومة حالیًا وتعديلھا لإيجاد شرق أوسط جديد لا يمكن أن يتمّ بسھولة وسرعة لأن إعادة تصحیح الحدود الدولیة يتطلب توافقًا لإرادات الشعوب التى قد تكون مستحیلة فى الوقت الراھن ولضیق الوقت فإنه لابد من(سفك الدماء) للوصول إلى ھهذه الغاية واستغلال عامل الوقت لصالح ھذه الخطة (الرجل قال هذا الكلام من عشر سنين يا جماعة) استنادًا لما ذكره  المؤلف الذى نشر كل ذلك بكل تأكيد بالتنسيق مع الأجهزة.. ولا أدرى كيف ولماذا؟ فإن دولاً جديدة ستنشأ مما يعنى فقدان بعض الدول الموجودة لأجزاء كبیرة من حدودھا الحالیة (مصر وتركيا والسعودية) كما حددها.. جيفرى جولدبرج  من نفس مدرسة رالف بيتزر نشر فى مجلة اتلانتيك الشهيرة مقالة عام 2008 على نفس التنويعات والتنغيمات السابقة .على أيه حال ليس هذا موضوعنا ما اقصد الحديث عنه هنا أنه توازيًا مع كل ذلك وطبقًا لديناميكة السياسة والمصالح يجرى التسويق لحالة إسلامية (شعبية ورسمية)جديدة.. طبعًا خبراتهم العتيدة أكدت لهم أن الحركات الإسلامية  الإصلاحية ظاهرة تاريخية تعتمد على قوة هائلة فى التأثير وهى الدين ولها امتدادات تاريخية ضاربة فى الجذور الاجتماعية للمنطقة الأهم من ذلك أنها تمتلك مشروعًا حقيقيًا للإصلاح يحمل فى أحشائه مشروع انبعاث فكرى وسياسى لمجتمعاتها وهذا هو التحدى الكبير الذى تمثله هذه الحركات لما بعد سايكس بيكو.. لذلك فالتخلص منها خطوة ضرورية وضرورية جدًا.. وكان استدعاؤها للحكم وإفشالها أحد مكونات تلك الخطوة.. للخطوات التالية التى تبدأ بالتسويق واسعًا لحالة إسلامية جديدة كما ذكرت ..

سنرى ذلك الاجتماع العجيب فى جروزنى والذى سيخرج بتوصيات شديدة الجهل على توصيف أستاذنا الكبير د.بشير نافع و..وكان الهدف الرئيسى منه نزع الغطاء الشرعى والتاريخى عن أهم تلك التنظيمات بإخراجهم من ربقة(أهل السنة والجماعة) وهو المصطلح بالغ التأثير والصدقية والذى يشغل فى الوجدان العام للأمة أسمى الدرجات وأزكاها. ثم بعد ذلك تصفيتهم وتصفية أفكارهم على أوسع نطاق وملأ المجال العام بحالة دينية جديدة (درويشية غيبوبية زهلولية مهيافية ...الخ ) يكون ما شاء لها أن تكون إلا أن تكون إسلامًا إصلاحيًا حركيًا يضع جموع الأمة على محك المواجهة والنهوض .

سنرى فى سانت كاترين(ملتقى الاديان) حيث : قد صـــار قلبى قابلاً كل صورة** فدير لرهبان ومرعى لغزلان ومعبد أوثان وكعبة طائف** وألواح توراة ومصحف قراّن.. أدين بدين الحب ما توجهت** طرائقه فالحب دينى وإيمانى.. وسنظل نرى من مثل ذلك العجب ألوان وألوان..(أحد مشايخهم كتب مقالة زٌهلولية هائلة الزهولة بعنوان المشروع الإسلامى بين الوهم والحقيقة) وعلى فكرة زٌهلول بضم الزاء تعنى الخفيف كما جاء فى لامية الشنفرى الشهيرة

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل