المحتوى الرئيسى

باحث إسرائيلي: بيريز دمرّ فلسطين وشعبها وحاز "نوبل"

10/01 00:31

ظهر نعي شيمون بيريز للعلن، كان الأمر بلا شك معد مسبقا، حيث وصل خبر إقامته بالمستشفى للإعلام.

كان الحكم علي حياته واضحا ومعلنا من قبل رئيس الولايات المتحدة 'أوباما' حيث قال : بيريز كان الرجل الذي غيّر مسار التاريخ البشري من خلال سعيه الحثيث من أجل السلام في الشرق الأوسط.

في تخميني أن القليل من المعزين من سيدرس حياة بيريز وأنشطته من وجهة نظر ضحايا الصهيونية وإسرائيل.

لقد احتل مواقع عديدة في عالم السياسة والتي كان لها بالغ الأثر على الفلسطينيين في كل مكان. لقد كان وكيل عام وزارة الدفاع الإسرائيلية ثم رئيس وزراء، ثم وزير تنمية منطقة الخليل والنقب، ثم رئيس وزراء، ثم رئيس.

في كل هذه الأدوار ساهمت القرارات التي اتخذها والسياسات التي اتبعها في تدمير الشعب الفلسطيني، ولم تقدم شيئا لدفع عملية السلام والمصالحة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

ولد شيمون بيريز عام 1923 بمدينة كانت حينئذ جزءاً من بولندا، ثم هاجر إلى فلسطين عام 1934. بدأ نشاطه السياسي في مرحلة المراهقة حين كان بالمدرسة الزراعية، حيث التحق بالحركة الصهيونية العمالية، التي أدت إلى تكوين الحركة الصهيونية ومن ثم نشأة دولة إسرائيل.

لفت بيريز انتباه قيادات القوة اليهودية شبه العسكرية إبان الحكم البريطاني لفلسطين "الهجاناة"، كرمز قيادي من بين الكوادر الشبابية بالحركة.

في عام 1947 تم تجنيد بيريز بشكل كامل في المنظمة، وأرسله قائده ديفيد بن غوريون إلى الخارج لشراء أسلحة استخدمت فيما بعد في حرب النكبة عام 1948، وعمليات التطهير العرقي ضد الفلسطينيين والوحدات العسكرية العربية التي دخلت فلسطين في ذلك العام.

بعد بضعة سنوات قضاها بالخارج، وتحديدا بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث كان منشغلا بشراء الأسلحة وتكوين البنية الأساسية للصناعات العسكرية الإسرائيلية، عاد بيريز ليكون المدير العام لوزارة الدفاع الإسرائيلية.

برز نشاط بيريز من خلال التواطؤ الإسرائيلي الخارجي مع إنجلترا وفرنسا لغزو مصر في عام 1956، فكافأت فرنسا إسرائيل بإمدادها بكل ما يلزم لبناء قوتها النووية.، وبالفعل أشرف بيريز بنفسه علي برنامج التسلح النووي السري.

حماسة بيريز لتهويد الخليل تحت توجيه وإلهام من بن غوريون لم تقل أهمية عن باقي أعماله.

كان بيريز أيضا وراء فكرة مصادرة أراضي الفلسطينيين لغرض بناء مدنا حصرية لليهود كمدينة الكرمل والناصرة العليا، وتموضع القوات العسكرية بحيث تكون فاصلا في منطقة التجاور الإقليمي بين القري الفلسطينية والمدن اليهودية.

هذا الدمار الذي حل بالريف الفلسطيني أدى إلى اختفاء القرى الفلسطينية التقليدية، وتحول المزارعون إلى البطالة وحُرم طبقة العمال بالمدن من العمل. هذا الواقع المؤلم مستمر إلى يومنا هذا.

تواري بيريز عن المشهد السياسي فترة، عندما قام جيل جديد من القيادات اليهودية بتنحية أستاذه بن غوريون جانبا عام 1963.

عاد بيريز للظهور مرة أخرى بعد حرب 1967، وكان أول منصب يتقلده هو كوزير مسؤول عن الأراضي المحتلة، كان دوره أن يشرعن -وفي كثير من الأحيان بأثر رجعي- عملية الاستيطان التي تقاد في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وكما يدرك الكثير منا الآن، أنه بوصول حزب الليكود المؤيد للاستيطان إلى السلطة، فإن البنية التحتية للمستوطنات اليهودية، تحديدا بالضفة الغربية، قدّمت حل الدولتين كرؤية مستحيلة.

في عام 1974، أصبح مشوار بيريز المهني وثيق الصلة بعدوه اللدود إسحاق رابين، فالسياسيان الذين لم يطق أي منهما تحمل الآخر، كان عليهما العمل معا لإنقاذ البلاد سياسيا.

وبالرغم من ذلك، حسب الاستراتيجية الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، فإنهما يتشاركان عقيدة الاستعمار الاستيطاني الصهيوني، بالطمع في الأراضي الفلسطينية مع وجود أقل عدد ممكن من الفلسطينيين عليها.

لقد عملا معا بشكل جيد في عمليات القمع الوحشي ضد الانتفاضة الفلسطينية التي بدأت في عام 1987، كان دور بيريز في هذه الشراكة الصعبة كوزير دفاع بحكومة رابين عام 1974.

الأزمة الحقيقية التي واجهها بيريز كانت جهود التوسع الاستعمارية لحركة المستوطنين المسيحيين 'غوش ايمونيم' في الضفة الغربية ومدينة نابلس وما حولها.

عارض رابين هذا الاستيطان الجديد، بينما وقف بيريز إلى جوار المستوطنين، وبفضل جهوده لا تزال هذه المستعمرات تخنق نابلس إلى الآن.

في عام 1976، قاد بيريز سياسة الحكومة على الأراضي المحتلة، مقنعا إياها بأنه يمكن إبرام اتفاق مع الأردن لتصبح الضفة الغربية بموجبه ضمن نطاق الأردن، ولكن تحت الحكم الإسرائيلي الفعلي.

عقد بيريز الانتخابات المحلية بالضفة الغربية ولكنه مني بخيبة أمل فالمرشحون التابعون لمنظمة التحرير الفلسطينية هم من فازوا بالانتخابات، وليس هؤلاء التابعون للمملكة الأردنية الهاشمية.

بالرغم من ذلك، ظل بيريز مؤمنا بما أسماه 'الحل الأردني'، كزعيم للمعارضة بعد عام 1977، وحتي بعد عودته للسلطة متحالفا مع حزب الليكود في الفترة ما بين عام 1984- 1988. لقد دفع بالمفاوضات على أساس هذا الحل، حتي صدور قرار الملك حسين عام 1988 بتنازل الأردن عن أي ارتباط سياسي بينها وبين الضفة الغربية.

أظهرت فترة التسعينات وجها أكثر نضوجا وتماسكا لبيريز فقد صار وجه إسرائيل الدولي، سواء كان بالحكومة أو خارجها. لقد قام بهذا الدور حتى بعد صعود حزب الليكود كقوة سياسية أساسية على الأرض.

بالنسبة للسلطة، التحق بحكومة 'رابين' في بداية التسعينات، ثم رئيس وزراء بعد اغتيال 'رابين' عام 1995 ثم كوزير في مجلس وزراء إيهود باراك بين عام 1999 -2001، وبدأ بيريز بالدفع بمبدأ جديد أسماه 'السلام'، وبدلا من مقاسمة الحكم علي الضفة الغربية وقطاع غزة مع الأردن ومصر، يتم مقاسمته مع منظمة التحرير الفلسطينية.

كانت الفكرة مقبولة من قبل رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، والذي كان يأمل أن يبني على ذلك مشروع تحرير لفلسطين.

وكما نصت اتفاقية أوسلو عام 1993، فقد أقر هذا المبدأ بحماس بالغ من قبل حلفاء إسرائيل الدوليين.

كان بيريز السفير القائد لمسرحية عملية السلام التي وفرت مظلة دولية لإسرائيل لتبني واقعا على الأرض يفرض تفرقة عنصرية إسرائيلية، مع وجود بعض التجمعات الفلسطينية المبعثرة.

ولا تزال حقيقة فوزه بجائزة نوبل للسلام في عملية تدمير فلسطين وشعبها شهادة أخرى على سوء فهم وسخرية ولا مبالاة حكومات العالم بمعاناة الفلسطينيين.

إننا محظوظون للعيش في حقبة زمنية نشهد فيها المجتمع المدني الدولي يعرض مثل هذه العروض والمسرحيات الهزلية، من خلال قيامنا بالمقاطعة الاقتصادية ، وتعريتهم إعلاميا، والحركات العقابية، والدعم المتصاعد لحل الدولة الواحدة، مسار حقيقي مأمول يتقدم قدما.

كرئيس للوزراء، قام بيريز بضربة قوية في تاريخ الفلسطينيين واللبنانيين، ففي استجابة للمناوشات المستمرة بين حزب الله والجيش الإسرائيلي في الجنوب اللبناني، حيث كان حزب الله يقاوم الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان الذي بدأ عام 1982، حتى أخرجوه منه عام 2000. وفي أبريل عام 1996 أصدر بيريز الأمر بتفجير المنطقة كلها.

في عملية عناقيد الغضب، قتل القصف الإسرائيلي أكثر من 100مدني كانوا يقطنون مقرات قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة القادمة من جزر فيجي، بالقرب من قرية قانا.

بغض النظر عن تحقيق الأمم المتحدة الذي أظهر تفسير إسرائيل للأمر بأن القصف كان عن طريق الخطأ، فإن المجزرة لم تخدش سمعة بيريز 'كصانع للسلام'!

كان بيريز شخصية رمزية في هذا القرن أكثر من كونه سياسياً نشطا. لقد أسس مركز بيريز للسلام، وأسس لمصادرة أملاك اللاجئين الفلسطينيين في يافا، الأمر الذي كان يسوق لفكرة دولة فلسطينية بأقل قدر من الأراضي، والاستقلال والسيادة كأفضل حل لفلسطين.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل