المحتوى الرئيسى

الأمريكيون يقتربون من إيران

09/30 14:35

قبل وقتٍ طويلٍ من هبوط أول طائرات بوينج الجديدة في مطار الإمام الخُميني الدولي، سيكون على إيران والولايات المتحدة الأميركية الاصطلاح مع واقع جديد, سيحصل مواطنون أميركيون على الإقامة في طهران مرة أُخرى، وسيكونون الأوائل منذ الثورة الإسلامية وأزمة الرهائن التي تلتها، عامي 1979 و1980.

عندما أعطت الولايات المتّحدة الضوء الأخضر لبيع طائرات غربية لإيران بشكلٍ مباشر، فإنها أنهت بذلك ما هو أكثر بكثير من مجرّد 4 عقودٍ من العقوبات التي حظرت مثل هذه الصفقات. ليس الأمر أن الصفقات التي وافقت عليها وزارة المالية غير مهمة: 80 طائرة بوينج نفاثة، ودفعة أولى مؤلّفة من 17 طائرة إيرباص من أصل 118 محتملة.

لكن الصفقة سيكون لها أثرٌ مهمٌ في إنهاء عهد من العزلة الكاملة بين الدولتين. سيكون على بوينج بالتأكيد افتتاح مكتب إداري لها في طهران، وسيتوجّب على التقنيين الانتقال إلى هناك لتدريب نظرائهم الإيرانيين على صيانة الطائرات والاعتناء بها.

وسيكون العديد من الأميركيين ضمن هؤلاء بالتأكيد، بحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، الخميس 22 سبتمبر 2016.

يقول المحللون الإيرانيون إنّ هذا يبدو بالتحديد ما كانت الولايات المتحدة تفكّر فيه عندما اتخذت قرار الموافقة على الصفقة.  

لا تسمح الصفقة فقط للرئيس حسن روحاني بإظهار نفعٍ ملموس لتوطيد العلاقات مع الغرب، ولكنها أيضاً تقرّب إيران كثيراً من هدفها النهائي، تطبيع العلاقات مع الولايات المتّحدة.

يقول فارشاد جوربانبور، ناشطٌ سياسي مؤيد لروحاني: "ما إن تصبح هذه الصفقة حقيقة سيصير من الصعب جداً على المتشدّدين محاولة منع توطيد العلاقات مع الولايات المتّحدة. لا يمكن لأحدٍ أن ينكر أنّ هذه الطائرات ستدخل إلى إيران ومعها أناسٌ وخبراء".

شاع خبر صفقات بوينج وإيرباص أثناء حضور روحاني للجمعية العمومية للأمم المتّحدة بنيويورك. قال روحاني في حديثة بمؤتمر صحفي أمس الخميس إن المسؤولين الإيرانيين طوّروا بالفعل علاقاتٍ مع نظرائهم في كلا شركتي الطيران من خلال "زيارات عديدة" وأن إيران ترحّب بالأعمال التجارية والاستثمارات الخارجية.

قال روحاني للمراسلين: "أنا لا أرى أي مشاكل"، فحكومة الولايات المتّحدة هي المسؤولة عن إبعاد الشركات الأميركية عن السوق الإيرانية. كما أضاف: "إن كان الأميركان لديهم مشاكل، فعليهم حلّ مشاكلهم الخاصة".

ربّما تبدو أمورٌ مثل شراء الطائرات من الولايات المتّحدة، وافتتاح مكتب لبوينج أو استضافة ممثلين أميركيين في مطارٍ دولي، غير مهمّة. لكنها تمثّل تحوّلاً جوهرياً في العلاقات.

عام 1980، عندما قُطعت العلاقات بين الدولتين، أُجبر كل الأميركيين المقيمين بإيران، والبالغ عدهم 140 ألفاً، على مغادرة البلد. وتمّ تحويل سفارة الولايات المتّحدة إلى متحف أيديولوجي وكل الاعمال التجارية الأميركية غادرت على مر الأعوام، إذ جعلت العقوبات عملية التجارة صعبة بشكل متزايدٍ، ومستحيلة بعد ذلك.

كانت مكاتب "نيويورك تايمز" و"بلومبيرج" ومنظمات إعلامية أخرى لوقتٍ طويل هي الكيانات الأميركية الرسمية الوحيدة المسموح لها بالعمل في إيران، سواءً من جانب السلطات الإيرانية أو بموجب العقوبات الأميركية.

وعندما حصلت شركة "كونوكو" على عقد نفط إيراني عام 1995، افتتحت سراً مكتباً لها في طهران، لكنها لم تلبث أن أغلقته بعدما تبنى الكونجرس الأميركي عقوباتٍ أشد على إيران.

ويأمل العديد من الإيرانيين بأن تكون الصفقة النووية الإيرانية في يناير ، التي قادت إلى رفع بعض من هذه الإجراءات، قد غيرت كل ذلك، مستشهدين بصفقة الطائرات باعتبارها بداية عهد جديد. قال سعيد ليلاز، اقتصادي وثيق الصلة بالحكومة: "إننا نصل إلى نقطة تتضاءل فيها الفجوة بين العلاقات الاقتصادية والتطبيع السياسي تدريجياً".

لكن كراهية الولايات المتّحدة كانت حجر أساس أيديولوجي للجمهورية الإسلامية، وهناك قوى مكرّسة لإبقاء الحال على ما هو عليه. أغلق رجال الشرطة قبل بضعة أشهر مطعماً مقلّداً لكنتاكي الأميركية بعد تظاهر المتعصبين، قائلين إن أجنحة الدجاج رمزٌ للغرب. عندما حاول أحدهم افتتاح مطعم مكدونالدز هنا قبل 20 عاماً، لم يتطلب الأمر سوى يومين ليتم إحراق المطعم.

وما زال هناك العديد من مصادر التوتر، خاصة التحرّشات التي تتعرّض لها سفن البحرية الأميركية من قبل الزوارق السريعة الإيرانية، وسجن عدد من الإيرانيين الأميركيين مزدوجي الجنسية. من غير المرجّح أن تختفي هذه الوقائع وغيرها قريباً، إذ تخدم مصالح المتطرفين الذين يريدون تثبيط أي نوعٍ من التقارب الأميركي الإيراني.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل