المحتوى الرئيسى

في رحيل مهندس الاستيطان ''بيريز''.. ''قانا'' لا تموت

09/30 14:38

في الثامن والعشرين من سبتمبر الجاري، وفي الذكرى السادسة عشر للانتفاضية الفلسطينية الثانية؛ توفي الرئيس الإسرائيلي السابق، شيمون بيريز، عقب أسابيع من إصابته بجلطة دماغية، تاركًا خلفه إرثًا ثقيلاً ملطخًا بالدماء، رغم ما به من اتفاقيات وجوائز للسلام، وشعب يناضل من أجل استعادة أرضه كاملة، رغم مخططات الاستطيان التي تعود لما قبل تأسيس دولة إسرائيل.

اليوم، وفيما يشارك زعماء العالم في جنازته، ويودعه شعبه الذي طالما اعتبره بطلًا للسلام؛ تفرض مشاهد الحرب نفسها على ذاكرة العالم عامة والعرب خاصة، باعتباره رمزًا للتوسع في عمليات الاستيطان في الضفة الغربية المحتلة، وبطلًا لمذبحة قانا جنوبي لبنان عام 1996، التي راح ضحيتها أكثر من مئة مدني، حيث كان رئيسًا للوزراء حينها، وقال لاحقًا إن "القصف حدث بالخطأ، حيث لم يكن الجيش الإسرائيلي يعلم بوجود مئات اللاجئين في المعسكر".

أطفال "قانا".. ٢٠ عاما على المذبحة

يروي الكاتب والمفكر الأمريكي روبرت فيسك، شهادته عن مذبحة قانا: "كان هناك أطفال رضع دون رؤوسهم، ورؤوس رجال مسنين دون أجسادهم. رأيت جسد رجلاً مقسوماً نصفين ومعلقاً على شجرة محترقة. ما تبقى منه كانت تلتهمه النيران".

وقعت مجزرة قانا الأولى منتصف ليلة الثامن عشر من أبريل عام 1996، حيث أطلقت المدفعية الإسرائيلية نيرانها على مجمع مقر الكتيبة (الفيجية) التابعة لقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، وكان ما يزيد على ثمانمئة مدني لبناني قد لجاؤوا إلى المجمع طلباً للمأوى والحماية. فتناثرت أشلاء ما يقرب من 250 قتيلاً وجريحاً، حمل 18 منهم لقب "مجهول" يوم دفنه.

أدى قصف المقر إلى استشهاد 106 من المدنيين وإصابة الكثير بجروح، واجتمع أعضاء مجلس الأمن للتصويت على قرار يدين إسرائيل؛ ولكن الولايات المتحدة أجهضت القرار باستخدام حق "الفيتو".

على الرغم من انطلاق قطار المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية في بداية التسعينات من القرن الماضي، عقب اتفاقية أوسلو عام ١٩٩٣؛ إلا أن الحكومات الإسرائيلية استمرت في سياسات توسع الاستيطان وفتح الشوارع الالتفافية، وإصدار الأوامر العسكرية القاضية بوضع اليد على الأراضي الفلسطينية، بحسب دراسة صادرة عن مركز الزيتونة اللبناني للدراسات عام ٢٠١٢.

واتفاقية أو معاهدة أوسلو، والمعروف رسميا باسم "إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي" هو اتفاق سلام وقعته إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في مدينة واشنطن الأمريكية في 13 سبتمبر 1993، بحضور الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون. وسمي الاتفاق نسبة إلى مدينة أوسلو النرويجية التي تمت فيها المحادثات السرّية التي تمت في عام 1991 أفرزت هذا الاتفاق في ما عرف بمؤتمر مدريد.

وتعتبر اتفاقية أوسلو، أول اتفاقية رسمية مباشرة بين إسرائيل ممثلة بوزير خارجيتها آنذاك شيمون بيريز، ومنظمة التحرير الفلسطينية، ممثلة بأمين سر اللجنة التنفيذية محمود عباس. وشكل إعلان المبادئ والرسائل المتبادلة نقطة فارقة في شكل العلاقة بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل.

واستمر التوسع الاستيطاني في مناطق محددة أكثر من مناطق أخرى، بغية تنفيذ الرؤية الإسرائيلية للمراحل النهائية للحدود والمستعمرات.

واستنادًا إلى تقرير حركة السلام الآن "peace now"؛ فقد تزايد عدد المستعمرينعام ١٩٩٢ من ١٠٧ ألف مستعمر إلى ١٤٥ ألف مستعمر خلال أربعة سنوات فقط، هي الفترة التي انتهت فيها رئاسة حزب العمل للحكومة برئاسة شيمون بيريز.

كان بيريز قد أطلق حملته لبناء المستوطنات باسم "توطين"، بهدف توطين اليهود المنتقلين من قطاع غزة إلى القدس الضفة الغربية المحتلتين، مطلقًا عبارته الشهيرة "هيا استوطنوا هنا، في الجليل، وعلى الأرض الخلابة ذات الإمكانيات الهائلة في كل ما يتعلق بجودة العيش والتربية والعمل، فالحكومة اتخذت قرارًا استراتيجيًا لتعزيز وتطوير الجليل".

كان المخطط يستهدف بناء ما بين 3500 إلى 4000 وحدة سكنية تهدف إلى ربط مستوطنة معاليه ادوميم بالقدس المحتلة.

وفيما كان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يصافح الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، اليوم خلال نقل جثمان بيريز من الكنيست إلى قبره بالقرب من جبل هيرتزل بالقدس المحتلة، تعالت صيحات الغضب من الجانب الفلسطيني، لمشاركة رئيسهم في وداع بيريز.

وكانت حركة "حماس" والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، قد طالبتا مساء أمس، الخميس، الرئيس الفلسطيني، بعدم حضور جنازة بيريز. 

واعتبرت حماس في بيان لها أن مثل هذه الخطوة "ستوفر غطاءً للأطراف الأخرى للهرولة السياسية وتشجيعا لها على التطبيع مع الاحتلال عدا عن آثارها الكارثية على صعيد العمل الوطني الفلسطيني" بحسب البيان.

كما وصفت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، مشاركة عباس وأي قيادات فلسطينية أخرى في جنازة بيريز "استمرار لوهن التأثير في المجتمع الإسرائيلي واستمرار في الرهان على ذات النهج والطريق الذي أنتج اتفاقيات أوسلو".

شغل بيريز مناصب عدة منذ إعلان دولة إسرائيل، من بينها رئيس الوزراء، ووزير الخارجية والرئيس. 

ولد بيريز في بولندا، في الثاني من أغسطس عام 1923، وهاجر إلى فلسطين برفقة والديه في عام 1934.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل