المحتوى الرئيسى

قانون جاستا.. حينما تطلق واشنطن النار على قدمها!

09/29 22:04

حسم مجلس الشيوخ الأمريكى قبل يومين الجولة الأولى من مسلسل (ابتزاز الرياض) حينما صوتت الأغلبية الكاسحة من أعضائه ضد الفيتو الرئاسى، مما يعنى عمليا أن مشروع قانون «مقاضاة الدول الراعية للإرهاب» المعروف اختصارا بـ«جاستا» بات أمرا واقعا.. الجولة انتهت سريعا على غير ما تكهن به بعض الخبراء، فلم تستمر محاولات الأخذ والرد بين البيت الأبيض وبين السلطة التشريعية بجناحيها النواب والشيوخ إلى قرب نهاية ولاية أوباما، انتظارا لما ستسفر عنه الانتخابات الرئاسية.. هناك من يسعى فى واشنطن باستماتة وراء حرق المراحل واستعجال المواجهات الصفرية.. البيت الأبيض والاستخبارات المركزية الأمريكية كلاهما حذّر ــ ولو ظاهريا ــ من مغبة تمرير القانون على الأمن القومى الأمريكى.. فهل تطلق واشنطن النار على قدمها كما يقول المثال الغربى الشهير؟

آثار اللوبى الإيرانى على دوائر صنع القرار الأمريكى باتت واضحة أكثر من أى وقت مضى، وعلى مدى خمس سنوات مضت تقريبا استطاعت طهران بشكل كبير إقناع صانع القرار الأمريكى بغض الطرف عن تمددها الإمبراطورى فى أربع دول عربية على الأقل.

العنوان الكبير الذى صُدر للعالم كان (الاتفاق النووى) أمّا المضامين والبنود فتتجاوز ذلك بكثير جدا.. تتجاوزه إلى حد الاتفاق الضمنى على ترك العنان لإيران فى بسط نفوذها على المنطقة بأسرها.. شىء أشبه بتنصيب شرطى جديد على المنطقة يخلف التراجع الأمريكى المدروس.. تنسحب الولايات المتحدة بثقلها وتركيزها إلى آسيا الحقيقية وتخلف وراءها الشرق الأوسط بكل معضلاته بين يدى قوتين أساسيتين، إيران وإسرائيل.

يراهن الإيرانيون على هذا؛ ويراهن الأمريكيون على إقناعهم بهذا، ويبقى ما ينطق به الواقع وتحفل به دروس التاريخ من أن الرهان الأكبر سيكون على منطقة تضمن واشنطن استمرار نزاعاتها البينية أبد الدهر.

ومازالت بعض النخب الثقافية فى مصر والعالم العربى تصم أذنها وتغض بصرها عن حقيقة ما يحدث فى سوريا والعراق واليمن وغيرها لتسوى بين الجلاد والضحية، فإذا ما وُوجهت بالحقائق ونوُقشت بالحجج المنطقية استدعت القوالب المحفوظة البالية؛ بدءا من أسطورة «الممانعة» وانتهاء «بالطائفية»!

منهم من لا يستطيع أن يرى حتى الآن أن (تعز) التى يذرف الدمع عليها قد تساقطت ضحاياها بفعل أطماع إيران وعبث ساساتها، وأن الذين تُدك بيوتهم على رءوسهم فى حلب ليل نهار إنما تسحقهم إيران وحليفها الروسى، وأن معاناة العراقيين لم تكن إلا على يد ميليشيات طهران الطائفية التى ما عادت ترى غضاضة فى إعلان تدخلها وينقصها فقط ضم العراق رسميا إلى محافظاتها، وأن بيروت المهددة فى كل ساعة وأخرى إنما ترزح تحت وطأة النفوذ الإيرانى الصريح.. كل هذا و(الشيطان الأكبر) لا يناله من إيران إلا شعارات (الموت لأمريكا)!

ربما يخطط من يعمل خلف الستار فى واشنطن إلى سيناريو مشابه لقضية (لوكيربى) الشهيرة، وربما لم يشطح خياله إلى أبعد من مسلسل ابتزاز طويل الأمد يضيق به الخناق على الرياض ويغل يدها عن موازنة القوى لصالح حليفه الإيرانى الجديد.. الدوافع خلف مغامرة تمرير قانون «جاستا» ستتكشف من خلال الخطوات التالية، لكن الكرة الآن فى ملعب السعوديين قطعا والعالم ينتظر رد فعل قيادتها الجديدة على هذا الاستعداء غير المسبوق.

ما حذر منه مدير الاستخبارات الأمريكية من أن فتح الباب أمام محاولة كهذه من شأنه أن يضر بالولايات المتحدة قبل غيرها استنادا إلى مبدأ (الرد بالمثل) فرضية ٌمطروحة ٌبالفعل من حيث إمكانية ملاحقة المسئولين والجنود الأمريكيين بالقضايا فى شتى بقاع الأرض.

السيناريو الأكثر إيلاما سيمثله نجاح الرياض فى قيادة مبادرة خليجية ــ على أقل تقدير ــ لفرض عقوبات اقتصادية على واشنطن معتمدة فى ذلك على وجود بدائل جاهزة للشراكة التجارية على رأسها (الصين) إذا ما وصلت الأمور إلى القطيعة الكاملة.

نرشح لك

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل