المحتوى الرئيسى

نور حسام الدين يكتب: التسويق في عصر التنويم! | ساسة بوست

09/29 21:28

منذ 1 دقيقة، 29 سبتمبر,2016

هو عبارة عن جذب انتباه العملاء باستخدام طريقة «علبة الهدايا».

وهي عبارة عن طريقة يتم فيها التلاعب بالكلمات لوهم العميل ودفعه لشراء منتج ما، قد لا يكون في حاجة إليه من خلال «تجميله وتزيينه» ووصفه بأوصاف أشبه بوضعه في علبة هدايا جميلة الشكل. فقد يكون وضع على العلبة صورة لمنتج آخر أو صورة شبيهة للمنتج كما تراه في خيالك ولكنك لا تكتشف حقيقة ما اشتريت إلا بعد أن تتم عملية الشراء في الغالب.

فقد باع لك الهوى (زي ما بيقولوا)! اشتريت شيئًا ما له صورة محددة في خيالك تحسبه يفي بالغرض الذي اشتريته من أجله ثم تكتشف أنه «حاجة تانية خالص غير اللي كنت قاصد تشتريها».

ومن هنا تأتي مخاطر «التسويق» من خلال محورين؛ «محور قانوني» و«محور أخلاقي».

ففي الوقت الحالي لا نرى تسويقًا قانونيًا أو أخلاقيًا وإنما فقط تسويق تجاري على أساس أن «ده اللي ماشي في السوق». وكما نرى الآن التسويق داخلًا في كل شيء. تسويق اقتصادي, تسويق فني, تسويق سياسي, تسويق الأفكار (عن طريق تسويق نظريات وفرضيات معينة باعتبارها حقائق قائمة على نتائج أبحاث ودراسات و…) وهذا الأخير هو أخطرهم حيث إنه يغير من آراء الناس فيؤثر في المعتقدات وبالتالي في الاتجاهات والسلوك، وهو ما يدعى (استغلال التسويق تحت غطاء قانوني).

ومما يسيطر على «عالم التسويق» الآن المبدأ الحالي (والذي يعد غير أخلاقي وغير قانوني وفي دول أخرى يعاقب من قام به بوصفه متهمًا بجريمة خداع العقل الباطن «نصب واحتيال»)، ويعد من الأسباب الرئيسية في نشر سلوك الاستهلاك من أجل ممارسة الاستهلاك فقط (أونيومانيا) ويشار إليه عادة باسم التسوق القهري، «إدمان التسوق»، وهو مبدأ التسويق القائم على «إن لم يكن العميل في حاجة لما أبيع أو أسوق له، فعلي أن أخلق له الحاجة فيما أبيع!».

وهنا قد تتعجب وتتساءل هل بإمكان أي شخص أيًّا كان أن يقنعني بشراء ما لا أحتاجه؟

ولكن مع قليل من التأمل في أشياء تمتلكها وتشتريها ربما كثيرًا تكتشف أنك اشتريتها بنفس الطريقة.

طريقة (علبة الهدايا)، وتتعجب كيف اشتريت هذه الأشياء المتعددة وأنا لم أكن في حاجة إليها (وكأنك كنت منومًا مغناطيسيًا)، ومنها أشياء ربما لم تستعملها حتى ولو لمرة واحدة؟!

هذا لأنه استخدم معك عملية «خداع لحظي».

بمعنى أنه يعتمد في عمله على إيهامك أو التأثير على دافع الشراء عندك (بتقنيات التأثير على العقل الباطن وتوجيهه دون شعور, وهي تقنيات قائمة على أبحاث التسويق العصبي Neuromarketing)، فهو يتعامل مع إنسان قد يقتنع اقتناعًا لحظيًا حتى تتم فقط عملية الشراء وبعدها «خلاص».

وهذا ما أراه في رأيي أسلوبًا «غبيًا» في البيع لأنه بعد فترة لابد أنه سيفقد مصداقيته فهذا تسويق من «ينظر تحت رجليه»!

«استغلالها» هو الجانب السلبي السائد والذي يعتمد على جهلك بما تريده حقًا وما أنت بالفعل في حاجة إليه.

وهنا يقوم المسوق بطرح «علبة الهدايا» أمام عينيك فيقوم من خلالها بالدخول لدوافع اللاوعي عندك فيؤثر على محفزات اتخاذ القرار لديك (إما بتأثير عاطفي أو تبرير يبدو منطقيًا) كتسويق فكرة وجود حزب سياسي ما على أساس أنه حزب الشعب وأن من يقوده هو شخص يمثل صوت الجماعة (جميع أعضاء الحزب) ثم بعد تجمع عدد من الجمهور حول هذا الحزب ونجاحه وفرضه على الساحة بقوة تأتي التفاصيل (اللي هي كلام تاني) ويصبح الحزب كله مسيرًا لمصلحة وصوت شخص واحد وليس الجماعة!

ومثال آخر لتسويق (اليومين دول) أن يعلن لك عن جهاز محمول (موبايل) يشبه الجهاز الذي تحمله ويشبه الكثير من أمثاله في سوق الموبايلات، ولكنه يقوم بإيهامك ويوهم عقلك اللاواعي أنك ستخسر كثيرًا ويفوتك كثير مما يدور حولك لأنك مثلًا (متصورتش سيلفي بكاميرا جودتها 18 ميجا مثل تلك في هذا الجهاز)!

وهكذا عند التفكير للحظات ستكتشف أن أغلب ما يتم التسويق إليه هو في الحقيقة لا يرقى إلى أن يكون بالفعل «حاجة» وهذا ما يستوعبه جيدًا عقلك الواعي وتفكيرك المنطقي. ولكن المسوق يعتمد في بيع سلعته (اللي ملهاش لازمة) على عقلك الباطن الذي لا يفرق بين المدخلات التي تتسرب إليه ولا يسعه أن يفرق بين ما لا يحتاجه وما يحتاجه بالفعل.

وكثيرًا ما يحدث هذا مع أغلب المشترين, وكثيرًا ما نسمع عن مدمني الشراء الذين أدمنوا الشراء لمجرد الشراء فقط إشباعًا لرغبة التملك التي تلح عليه بإصرار خوفًا من عدم امتلاك شيء قد يكون غير هام على الإطلاق ولكن «الإعلان» يقول عنه إنه هام للغاية كمحفزات للسلوك القهري!

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل