المحتوى الرئيسى

أين «القصر» من انتخابات المغرب غدا؟ صراع علماني ـ إسلامي وجو سياسي مشحون

09/29 01:05

ينظّم المغرب غداً انتخابات تشريعية هي الثانية في ظلّ الدستور المغربي الحالي، وسيتجه حوالي 15 مليون مواطن إلى صناديق الاقتراع، لاختيار مرشحيهم من الأحزاب المتنافسة على 395 مقعداً في مجلس النواب في البرلمان المغربي، والتي سيختار الملك من خلالها رئيس الحزب الحائز على أكبر عدد من الأصوات، ليكون هو رئيس الحكومة المقبلة.

ويسيطر على المشهد الانتخابي الصراع الذي يحتدم بين حزب «العدالة والتنمية» ذي الخلفية الاسلامية، و «حزب الأصالة والمعاصرة» المقرب من القصر، ويتبادل قادتهما الاتهامات، سواء اتهامات «العدالة والتنمية» لـ «الاصالة والمعاصرة» بالحصول على دعم الإدارة، والتغطي بالمساندة المتسترة للقصر، أو اتهام حزب «الاصالة والمعاصرة» لـ «العدالة والتنمية» بالسعي إلى «أخونة المجتمع»، و «محاولة زعزعة الاستقرار التاريخي للمغرب»، في تلميح الى الأصل «الإخواني» لحزب «العدالة والتنمية»، كما شدد على ذلك الأمين العام لحزب «الأصالة والمعاصرة» الياس العمار، في آخر مؤتمر خطابي له.

وشهد المغرب مسيرة شعبية تحتج على «أخونة الدولة»، اتهم «العدالة والتنمية» بشكل غير رسمي أجهزة الدولة بالوقوف وراءها، في حين تنصلّت جميع الأطراف من تبنيها، ما يشير الى «حدةٍ غير مسبوقة في الخطاب السياسي المغربي، تحمل شحنة دراماتيكية، ما يجعل الأمر أكثر من مجرد انتخابات برلمانية»، بحسب عضو المكتب السياسي لـ «حزب الاتحاد الاشتراكي المغربي»، حسن طارق، في حديثه لـ «السفير». وأضاف طارق أن هناك مؤشرات تدل على محاولات من الإدارة ترمي إلى التأثير على حزب «العدالة والتنمية» وإضعافه لصالح حزب «الاصالة والمعاصرة»، لكن هذا الأمر لا يعدو كونه «امتداداً للشبهة التي طبعت التعددية الحزبية منذ الاستقلال، والتي تتمثل في أنه دائماً كانت هناك احزاب تدعي أنها «أحزاب القصر»، في حين أن الموقف الملكي المعبًّر عنه رسمياً أن الملك على مسافة واحدة من جميع الاحزاب. ولهذا يستبعد طارق أن يتم «رصد تدخلات سافرة للادارة في عملية التصويت الجمعة».

من جهتها، قالت الأمينة العامة لـ «الحزب الاشتراكي الموحد»، وقائدة «تحالف اليسار»، نبيلة منيب، لـ «السفير»، إن «الصراع الاسلامي ـ العلماني بين الحزبين المذكورين ليس سوى مجرد قطبية مزيفة، حيث أن ما يُقدّم كبديل لا يمكن أن يشكل البديل». وأضافت أن «التيارات الاسلامية خذلت الشعب، وتبنت في النهاية الليبرالية المتوحشة في سياساتها التي أقدمت عليها لمّا قامت بقيادة الحكومة»، أما القطب الحداثي الذي يمثله «الاصالة والمعاصرة»، فهو «لا يمتُّ للحداثة بصلة، ولا يهدف إلى نقل المجتمع من رعايا الى مواطنين» على حد تعبيرها.

وعن تدخل القصر في تغليب طرف على آخر، رفضت منيب اتهام القصر بالتدخل، نظراً لغياب المعلومات الدقيقة، مكتفيةً بالاشارة إلى أن اللائحة التي تقودها هي، «تقع بين المطرقة والسندان»، داعيةً إلى «طريق ثالث من شأنه جعل المغرب قوة إقليمية مستندة على البناء الديموقراطي والعدالة والاجتماعية، بدل توجيه المدافع الى هذا الطرف أو ذاك».

جدير بالذكر أن الانتخابات الحالية ستجري في مناخ مشحون، حيث لم تنجح الحكومة التي قادها «العدالة والتنمية» في تقديم حصيلة قادرة على ارضاء الفئات الشعبية على النحو المأمول، حيث تشدد المعارضة على أن الحكومة لم تف بوعودها الكبرى في محاربة الفساد، وهي تستهدف الشرائح الشعبية الفقيرة عبر رفع الدعم عن المواد الاستهلاكية الأساسية، والرفع من أسعار المحروقات، ورفع سن التقاعد، وغيرها، في حين تدافع الأغلبية عن حصيلتها، كإحداث صندوق لدعم الأرامل والمطلقات، والمساعدة الطبية، وإحداث صندوق التعويض عن فقدان العمل، والرفع من الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص، في حين يرى مراقبون أن كل هذه الاجراءات قد يكون وراءها هاجس كسب تأييد فئات اجتماعية للتصويت لصالح عودة الاغلبية نفسها إلى الحكومة المقبلة.

اتهام حزب «العدالة والتنمية» بالسعي إلى «أخونة الدولة والمجتمع»، تحمله تصريحات رسمية لقائد حزب «الاصالة والمعاصرة»، أما «العدالة والتنمية» فكان في السابق يكتفي باتهام «الاصالة والمعاصرة» بالسعي إلى «إطباق قبضة التحكم» على الدولة والمجتمع، وإفساد العملية السياسية معتمداً على علاقاته بمحيط الملك محمد السادس، ويتهمه بشكل غير رسمي بالسعي إلى نشر «العلمنة وإفساد الأخلاق العامة»، حيث لا ينكر «الاصالة والمعاصرة» رسمياً بأنه «يتبنى مشروعاً حداثياً ديموقراطيا»، الأمر الذي اعتبره استاذ العلوم السياسية في «جامعة القاضي عياض» في مراكش محسن الأحمادي في حديث لـ «السفير» أنه «مجرد ملاسنات انتخابية»، فـ «العدالة والتنمية» في تقديره ليس بوسعه «تهديد الدولة ولا تهديد المجتمع»، وهذه «لكمات مشروعة في الصراع السياسي الساعي الى الوصول الى السلطة»، على حد تعبيره، والذي لا يستبعد أيضاً تدخل الإدارة لتعبيد الطريق أمام الحزب الاقرب من القصر. فـ «العدالة والتنمية» في نظره أخفق أكثر مما نجح، ورصيده الشعبي تآكل مع مرور الوقت، وبالتالي فمواقفه كلها دفاعية في هذه الحملة، التي لم ترق في نظر الاحمادي الى مستوى الحملات السياسية، وبقيت حبيسة «الخطابات الدعائية».

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل