المحتوى الرئيسى

من العقارات إلى علاج مرض السكر.. شركات تبيع «الفنكوش» للشعب

09/29 17:46

 من النسخة الورقية لجريدة اليوم الجديد الأسبوعية

- شركة عقارية بشّرت عملاءها بـ«الحشائش المرجانية» وهى لم تحصل على «رخصة بناء» أصلًا

- هالة فاخر روجت لمركز صيانة «غير مرخص» وإيهاب توفيق باع الوهم لمرضى السُكر

 ربما لم يكن فى ذهن صناع فيلم «واحدة بواحدة» أنهم مهما شطّوا بخيالهم لحظة إنتاجهم لعملهم الفنى العبقرى، أن الواقع والمستقبل لن يكتفيا بتقليد ما توهموه «قمة نصب» الشركات؛ وهو الإعلان عن منتج يجرى تصنيعه تحت الأرض ولم تُحدد هويته بعد، ولكن فى الآونة الأخيرة تغلب «التاتش» الواقعى على الخيال وتجاوزه إلى ماهو أبعد عقب اكتشاف العديد من الحالات التى كثّفت من إعلاناتها عن منتجات وخدمات غير موجودة أساسًا، وهى سلسلة وقائع كشفت عن بعضها الأجهزة الرقابية وتورط فيها شركات «نصف مشهورة» تصدر إعلاناتهم عدد من كبار الفنانين.

شركة عقارات، اسمها ليس على مسمى أبدًا، ملأت الدنيا صخبًا بإعلاناتها التليفزيونية التى تروج فيها لمنتجاتها المتعددة والمميزة، بشكل كثيف ومتكرر، وبالفعل نجحت فى حصد ثقة مجموعة من المواطنين الذين استودعوها أموالهم وأحلامهم وكانت النتيجة كارثية.

المثير للسخرية أن إعلانات الشركة انتقدت منافساتها «النصابات» اللائى يبعن الوهم للعملاء، من خلال مجرد زيارة لصحراء جرداء يعد بطل الإعلان وسكرتيرته «بوسى» الجميع بأنها ستمتلئ بـ«كومباوند ولاند شكيب وحشائش مرجانية» وهو ما لم يحدث أبدًا، بالإضافة لسلسلة إعلانات أخرى كان بطلها الفنان حجاج عبد العظيم عبّر فيها عن انبهاره التام بالمشروعات، غير الموجودة، بهروبه المستمر من كل ارتباطاتها ليضمن بقاءه بها أكبر فترة ممكنة بدعوى أن «خالته بتغسل».

بمجرد التجول فى الصفحة الرسمية لهذه الشركة على «فيسبوك» يصدمك كم التعليقات الهائلة التى تتهم الشركة بالنصب، وأنها تروج لمشروعات غير موجودة بالأساس، ولم يهتم القائمون على الصفحة حتى بحذف هذا الكلام الذى يسىء لسمعة مكان «أكل عيشهم» ما يؤكد أن الهيكل الإدارى لهذا الكيان فى خبر كان.

أحمد عبد الصمد، أحد ضحايا الشركة، قال فى بداية شهر مايو 2016 اخترت شاليه فى قرية سياحية تابعة لها، وذهب للشركة ودفعت مقدم للشاليه 124 ألف جنيه، ووقعت على عقد البيع، وعدونى بأنى سأتسلمه خلال أسبوع بعد أن ينال توقيعًا من الشركة الرئيسية.

ويضيف، هذا الأمر لم يحدث، ومرت 3 أشهر كاملة دون أن أتسلم العقد، وفى النهاية أخبروه أنه يمكنه استرداد أمواله بعد تقديم طلب بهذا الشأن، عادة ما يتم إرجاع المبلغ عقب شهر من توثيقه، وبالفعل قدمه فى 25 يوليو 2016.

وبالرغم من كل هذا فلم يحصل أحمد أيضًا على نقوده، بعد أن تذرعوا بوجود مشكلة فى السيولة لديهم، ما دفعه لتحرير محضر إثبات حالة ضدهم، وأنهى كلامه قائلًا «أرجوكم توقفوا التعامل مع هذه الشركة؛ لأنهم نصابين ومافيش عندهم أمانة، وحسبى الله ونِعم الوكيل فيها وأصحابها».

نفس المشكلة مرَّ بها زياد إبراهيم، أحد ضحايا الشركة، الذى حجز شركة فى الساحل الشمالى، وعلى الرغم من مرور 4 سنوات فإن المشروع لم يبدأ بعد.

ويضيف، اكتشفت أنه لم يتم استخراج رخصة للمشروع أصلًا «شوفتوا نصب أقوى من كدا»، مؤكدًا أنه ظل لأكثر من عام كامل يحاول الوصول لحل ودى مع رئيس الشركة أو مع نائبه، ولكنهما «على طول هربانين» على حد قوله، وأكد فى نهاية كلامه محذرًا الجميع من التعامل معها «أرجو منكم ألا تتعاملوا مع هذه الشركة المتخصصة فى النصب العقارى».

هذه الأزمات لم تستمر بعيدة عن أجهزة الدولة، فتم القبض على رئيس مجلس إدارتها وشقيقته، بعد أن أكدت التحريات أن الشركة أعلنت عن فتح باب الحجز لعدد من الشاليهات فى مشاريع عقارية تملكها بالساحل الشمالى، وتقدم المواطنون بطلبات للحجز وسددوا خلالها أموالا حسب الاتفاق، ومنحتهم الشركة إيصالات استلام المقدم وحددت موعدا للتسليم إلا أنها خالفت شروط التعاقد، ولم يتسلم المتعاقدون الوحدات المتعاقد عليها.

ونال الأخوَان حُكمًا فى إحدى القضايا بالحبس 3 سنوات لكل منهما، منذ أيام معدودة، بينما قضت المحكمة بسجن صاحب الشركة 3 سنوات أخرى فى قضية مختلفة، ومن المتوقع أن تكرّ سِبحة هذه الأحكام بعد تتالى البلاغات ضد الشركة وأصحابها فى ظل الإخلال التام بمواعيد تسلُّم جميع الوحدات.

ولم تكن هذه هى الشركة الوحيدة التى لعبت بـ«عدم نظافة» فى السوق المصرية، بل ثار الجدل حول شركة أخرى وهى «مزايا» للاستثمار العقارى، وذلك بعد تقدم العشرات ببلاغات رسمية ضدها فى النيابة بدعوى أنها أن مشاريعها «وهمية»، ومقامة على أرض غير مملوكة لها بالأساس.

وأكدت التحريات الأولية للنيابة أن الأرض المزمع إقامة المشروع فيها، لا يجوز البناء عليها، ولم يصدر لها أى ترخيص بناء، وهو الأمر الذى استجاب له فورًا صاحب الشركة وهرب إلى تركيا!

وهذا الشهر عاقبت محكمة جنح الدقى، المالك بالحبس لمدة عامين لاتهامه بالاستيلاء على 25 مليون جنيه من 120 مواطنًا من خلال تأجير أراضى وعقارات بمشروع مزايا العقارية بالرغم من عدم امتلاكه لتلك الأراضى.

والغريب أن هذه الشركة «سيئة السمعة» منذ زمن وصدر ضدها حكم «فرض حراسة» فى الدعوى 146 لسنة 2015 أقامها 100 مواطن، ذكروا فيها تعرضهم للنصب وعدم تسلم وحداتهم السكنية التى دفعوا فيها مقدم حجز للشركة، وبالرغم من ذلك تُرك الكيان وصاحبه لينصبا على المزيد من المواطنين.

لم تقتصر الظاهرة على هاتين الشركتين، وإنما امتدت لنواحٍ أخرى استعانت فى إعلاناتها بوجوه فنية مشهورة، ما منحها مصداقية مضاعفة، وفى النهاية ثبت «وهمية» هذه المنتجات ما أوقع مروجوها فى حرج بالغ أمام جمهورهم، واضطروا إلى توضيح الصورة والتبرؤ مما فعلوا.

البداية كانت من خلال الإعلان الذى ظهرت به الفنانة هالة فاخر، التى روجت لأحد مراكز صيانة الغسالات، واتضح فى النهاية أن هذا المكان «غير مرخص» وأن الرقم الذى تمت إذاعته خاطئ ولا ينتمى للشركة الأصلية، وهو الإعلان الذى فتح عليها أبواب جهنم.

انهالت الانتقادات على الممثلة القديرة، التى اعتبرت أنها تهين تاريخها فى مثل هذه الإعلانات «المتواضعة»، ولم يقتصر الأمر على الغضب المجتمعى، وإنما دخل جهاز حماية المستهلك على الخط، وأحال القنوات التى أذاعت الإعلان للنيابة؛ بدعوى عدم التزامها بقانون حماية المستهلك وعدم مراعاة مصالح المستهلكين، كما استدعى هالة فاخر للتحقيق.

واعتبر الجهاز أن هذا الأمر يشكل «جنحة اقتصادية» عملًا بالمواد 1، 6، 24 من قانون حماية المستهلك رقم 67 لسنة 2006، والمادتين 16، 17 من اللائحة التنفيذية لذات القانون الصادرة بقرار وزير التجارة والصناعة رقم 886 لسنة 2006، والمادة 4/2 من المواصفة القياسية رقم 4841 لسنة 2005 بشأن اشتراطات الإعلان عن السلع والخدمات، والمواد 67/ 8، 68، 113/ 1، 114/ 1 من قانون حماية الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002.

من جانبها حاولت الفنانة الدفاع عن نفسها عبر سلسلة من التصريحات الصحفية التى أكدت فيها أن سبب إقدامها على تنفيذ هذا الإعلان هو حاجتها للمال، وأنها «مجرد ممثلة» فيه وليست صاحبة الشركة أو الفكرة، وأكدت أنها لم تعلم أن المركز «غير أصلى» إلا من نقيب الممثلين أشرف زكى.

وحرصت على تأكيد أنها لا دخل لها بالموضوع، لأن من قام بالاتفاق معها هو صاحب الشركة نفسه، وأنها وافقت رغبة منها فى دعم الصناعة المصرية.

كما ذكرت أن من تفاوض معها على الإعلان هو مدير الشركة وطليق الفنانة إيمان العاصى، التى نشبت خلافات كبيرة بينهما فى الفترة الأخيرة، بعد أن اكتشفت كذبه فى حقيقة منصبه بالشركة، وأنه لا يزيد على كونه «مدير الصيانة».

لم تكن هذه الحالة الوحيدة التى يتورط بها فنان فى إعلان «مضروب»، وإنما سبقها إيهاب توفيق، الذى روج لعلاج مرض السكر، أذاعته بعض الفضائيات بدعوى أنه أمريكى الصنع وحاصل على تصريح من وزارة الصحة السعودية، وهى الادعاءات التى ثبت كذبها جميعًا.

انهالت الانتقادات على إيهاب، بدعوى أنه يتلاعب بعقول وآمال المرضى مقابل أموال حصل عليها من شركة مصنعة لا تريد إلا زيادة أرباحها، بعد أن أكد عدد من الأطباء أن العالم لم يكتشف بعد هذ الدواء السحرى الذى يقضى على مرض السكر نهائيًا، مثلما ادعى توفيق فى أغنيته الدعائية.

جهاز حماية المستهلك أكد أنه خاطب الإدارة المركزية للشئون الصيدلية بوزارة الصحة، التى أفادت أن المنتج المذكور غير مدرج بقاعدة بياناتها الإلكترونية، من ثم غير مسجل بوزارة الصحة، وغير مصرح بتداوله بين المستهلكين، وبناءً عليه طالب بإحالة إيهاب توفيق للنيابة العامة، بتهمة الترويج لمنتج غير موجود.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل